يمثّل استخدام برنامج LISREL في تحليل النماذج الهيكلية عملية إحصائية منهجية تمر بسلسلة خطوات مترابطة، تهدف إلى اختبار مدى توافق النموذج النظري المقترح مع البيانات التجريبية بدقة عالية. ولا يُنظر إلى هذه الخطوات بوصفها إجراءات تقنية منفصلة، بل كمسار تحليلي وتتمثل هذه الخطوات فيما يلي:
1- إعداد الإطار النظري وصياغة النموذج المفاهيمي
تبدأ العملية ببناء نموذج نظري واضح يحدد المتغيرات الكامنة والمتغيرات المشاهدة، وطبيعة العلاقات المفترضة بينها. ويُعد وضوح هذا الإطار النظري شرطًا أساسيًا، لأن LISREL أداة لا تُنتج نموذجًا من البيانات، بل تختبر نموذجًا صاغه الباحث مسبقًا بناءً على نظرية أو أدبيات علمية راسخة.
2- تجهيز البيانات والتحقق من افتراضات التحليل
تُهيّأ البيانات قبل إدخالها إلى البرنامج من خلال التأكد من اكتمالها، وخلوها من القيم الشاذة المؤثرة، وملاءمتها لافتراضات التحليل البنيوي مثل التوزيع الطبيعي وحجم العينة. ويُعد هذا الإعداد خطوة حاسمة لأن جودة النتائج في LISREL ترتبط ارتباطًا مباشرًا بجودة البيانات المدخلة.
3- تحديد نموذج القياس واختباره
يُبنى نموذج القياس لاختبار العلاقة بين المتغيرات الكامنة ومؤشراتها المشاهدة، بهدف التحقق من الصدق والثبات. ويُركّز الباحث في هذه المرحلة على معاملات التحميل العاملي ومؤشرات جودة المطابقة، للتأكد من أن أدوات القياس تمثل البُنى النظرية تمثيلًا إحصائيًا سليمًا قبل الانتقال إلى تفسير العلاقات السببية.
4- تعديل نموذج القياس عند الحاجة
في حال أظهرت نتائج التحليل ضعفًا في مطابقة النموذج، يُجري الباحث تعديلات محدودة ومبررة نظريًا، مثل حذف مؤشرات ضعيفة أو إعادة تحديد بعض العلاقات. ويُشترط في هذه التعديلات أن تكون مدعومة بإطار نظري، لا استجابة آلية للمؤشرات الإحصائية فقط.
5- بناء النموذج البنيوي وتحديد المسارات السببية
بعد التأكد من سلامة نموذج القياس، ينتقل الباحث إلى بناء النموذج البنيوي الذي يختبر العلاقات السببية بين المتغيرات الكامنة. وتُحدَّد في هذه المرحلة المسارات المباشرة وغير المباشرة، بما يعكس الفرضيات النظرية المراد اختبارها.
6- تقدير النموذج واستخراج مؤشرات المطابقة
يُقدّر النموذج البنيوي باستخدام طرق التقدير المناسبة، وتُفحص مؤشرات جودة المطابقة للحكم على مدى انسجام النموذج مع البيانات. ويُعد هذا التقدير المرحلة التي تتضح فيها قوة النموذج أو حاجته إلى تعديل منهجي محدود.
7- تفسير النتائج في ضوء الإطار النظري
تُفسَّر معاملات المسارات وقيم الدلالة الإحصائية تفسيرًا علميًا يربط النتائج بالنظرية والدراسات السابقة. ولا يقتصر التفسير على قبول أو رفض الفرضيات، بل يمتد إلى تحليل حجم الأثر واتجاه العلاقات وأبعادها التطبيقية.
8- توثيق التحليل وكتابة النتائج بأسلوب أكاديمي
تُعرض نتائج LISREL في الرسالة أو البحث العلمي بأسلوب منهجي يوضح خطوات التحليل، ومبررات التعديلات، ومؤشرات المطابقة، ودلالات المسارات. ويُعد هذا التوثيق عنصرًا أساسيًا لقبول الدراسة في السياق الأكاديمي والتحكيمي.
تمر خطوات استخدام برنامج LISREL في تحليل النماذج الهيكلية بمسار علمي، وتكمن قوة LISREL في هذا التسلسل المنهجي الصارم الذي يجعل نتائجه ذات موثوقية عالية، متى التزم الباحث بجميع خطوات التحليل التزامًا علميًا واعيًا.