يُعتبر فصل النتائج من أكثر الفصول التي تتكرر فيها الأخطاء الأكاديمية لدى الباحثين وطلاب الدراسات العليا إذ يتطلّب دقة في العرض، وانضباطًا في اللغة، والتزامًا بالمنهج الإحصائي أو التحليل النوعي دون تجاوز. وغالبًا ما تأتي الأخطاء نتيجة الخلط بين العرض والتفسير، أو ضعف التنظيم المنهجي، أو سوء استخدام الأدوات الإحصائية، فيما يلي أبرز هذه الأخطاء التي ينبغي الانتباه لها أثناء كتابة فصل النتائج:
1- الخلط بين عرض النتائج ومناقشتها
من أكثر الأخطاء شيوعًا أن يبدأ الباحث بتفسير النتائج داخل الفصل نفسه بدلًا من الاكتفاء بعرضها. ففصل النتائج يجب أن يقتصر على ما أظهرته البيانات، بينما يُترك التفسير والتحليل النقدي لفصل المناقشة اللاحق.
2- عرض النتائج دون ارتباط واضح بأسئلة البحث أو فروضه
يُفترض أن تُعرض كل نتيجة مرتبطة مباشرة بسؤال أو فرض محدد من الدراسة، لكن كثيرًا من الباحثين يعرضون نتائج متفرقة دون تنظيم منطقي يربطها ببنية البحث الأصلية. هذا الخطأ يجعل القارئ عاجزًا عن معرفة العلاقة بين ما تم تحليله وما كان يُراد اختباره.
3- الإفراط في الجداول والإحصاءات دون تفسير وصفي كافٍ
يُخطئ بعض الباحثين حين يملؤون الفصل بالجداول والأرقام دون شرح نصي يوضّح مدلولها. إذ إن الجدول أو الشكل لا يُغني عن التعليق، بل يجب أن يسبقه أو يتبعه وصف موجز يشرح أهم ما يُستنتج منه.
4- تكرار عرض نفس البيانات بأكثر من أسلوب
من الأخطاء الشائعة أيضًا تكرار نفس النتيجة في جدول ونص ثم في رسم بياني دون مبرر. ويُفترض استخدام وسيلة عرض واحدة لكل معلومة إلا إذا كان التكرار يخدم أغراضًا توضيحية خاصة.
5- إغفال النتائج غير الدالة إحصائيًا
يعتقد بعض الباحثين أن النتائج “غير الدالة” يجب حذفها لأنها لا تدعم الفروض، بينما الصواب هو عرضها بموضوعية كاملة لأنها جزء من الحقيقة العلمية. فالنتائج غير الدالة قد تكون أكثر قيمة في توجيه الباحثين الآخرين نحو إعادة النظر في الفرضيات أو المنهج.
6- ضعف الترابط المنطقي بين الفقرات والجداول
يُلاحظ في بعض الرسائل أن عرض النتائج يأتي في شكل فقرات منفصلة دون تسلسل منطقي أو روابط انتقالية. لذلك ينبغي أن تُقدَّم النتائج في تسلسل متدرج من العام إلى الخاص، مع استخدام عبارات ربط مثل: “أما بالنسبة للمتغير الثاني...” أو “وفيما يلي نتائج الفرض الثالث...” لضمان تماسك النص.
7- استخدام لغة تقريرية غير أكاديمية
من الأخطاء اللغوية الشائعة استخدام ألفاظ عامية أو أسلوب وصفي غير دقيق في التعبير عن النتائج. فبدلًا من قول “واضح أن الطلاب تحسّنوا كثيرًا”، يُفضل القول “أظهرت النتائج ارتفاعًا ذا دلالة إحصائية في متوسطات الطلاب بعد تطبيق البرنامج”. اللغة الأكاديمية الدقيقة تمنح الفصل مصداقية علمية وتُظهر نضج الباحث.
8- إغفال توضيح مستوى الدلالة الإحصائية وحجم الأثر
بعض الباحثين يذكرون فقط أن “النتائج دالة” دون تحديد قيمة p أو حجم الأثر (Effect Size). فالنتائج الجيدة يجب أن تتضمن القيم الرقمية الدقيقة لكل اختبار، مع توضيح مستوى الدلالة المستخدم (مثل 0.05 أو 0.01). هذا التفصيل يمنح القارئ القدرة على تقييم قوة النتائج علميًا.
9- عدم الإشارة إلى الجداول أو الأشكال في النص بطريقة صحيحة
من الأخطاء الشكلية الشائعة إغفال الربط بين الفقرات والجداول، مثل كتابة الجداول دون أن يُشار إليها في النص. إذ ينبغي دائمًا أن تُكتب عبارات مثل: “كما يوضح الجدول رقم (3)” أو “وفق الشكل رقم (2)” لتسهيل متابعة القارئ.
10- تجاهل نتائج الأسئلة المفتوحة أو البيانات النوعية
في الدراسات المختلطة، يُركّز بعض الباحثين على البيانات الكمية فقط ويتجاهلون التحليل النوعي. لكن النتائج النوعية (مثل المقابلات أو التعليقات المفتوحة) تمثل بعدًا تكامليًا يساعد في تفسير النتائج الكمية لاحقًا.
ومن خلال تجنّب هذه الأخطاء، يصبح فصل النتائج منظمًا، دقيقًا، ومتكاملًا مع بقية فصول البحث العلمي. فالنتائج ليست مجرد أرقام أو أوصاف، بل رواية علمية دقيقة تُقدَّم بموضوعية لتدعم التحليل والتفسير لاحقًا في فصل المناقشة.