تُعدّ السرقة الأدبية من أخطر الأخطاء الأكاديمية التي يمكن أن يقع فيها الباحث، لأنها تمسّ جوهر النزاهة العلمية وتفقد العمل مصداقيته. وتجنّبها لا يعتمد فقط على الأمانة الشخصية، بل على وعي منهجي دقيق بكيفية التعامل مع النصوص والمصادر والمعلومات أثناء الكتابة. فيما يلي عرض منهجي لخطوات تجنّب السرقة الأدبية:
1- افهم معنى السرقة الأدبية ومظاهرها
الخطوة الأولى لتجنّب الخطأ هي فهمه بوضوح. فالسرقة الأدبية لا تقتصر على النسخ المباشر للنصوص، بل تشمل إعادة صياغة الأفكار أو الجمل دون توثيق مصدرها، أو استخدام بيانات أو نتائج منشورة دون إذن أو إحالة واضحة.
2- دوّن جميع المصادر منذ مرحلة جمع المعلومات
كثير من حالات السرقة الأدبية غير المقصودة تحدث لأن الباحث لم يوثّق مصدر المعلومة عند جمعها. لذلك يُنصح بأن تسجّل كل مرجع بمجرد الاطلاع عليه، مع تدوين الصفحة والمؤلف وسنة النشر.
3- استخدم مهارة إعادة الصياغة الأكاديمية
من أهم خطوات تجنّب السرقة الأدبية أن تتقن إعادة صياغة الأفكار بلغتك الخاصة دون الإخلال بالمعنى الأصلي. يجب ألا تقتصر على تغيير بعض الكلمات، بل إعادة بناء الفكرة بتركيب جديد يعكس فهمك الشخصي لها.
4- ميّز بوضوح بين كلامك وكلام الآخرين
احرص أثناء الكتابة على أن يكون الفرق واضحًا بين آرائك الشخصية واقتباساتك من المصادر. استخدم علامات تنصيص عند النقل الحرفي، وعبارات تمهيدية مثل “يرى فلان (2023) أن…” عند عرض رأي باحث آخر.
5- وثّق كل معلومة ليست من إنتاجك
القاعدة الأكاديمية الذهبية هي أن توثّق كل فكرة أو معلومة أو بيانات لم تنتجها بنفسك. سواء كانت رقمًا إحصائيًا، أو تعريفًا، أو نتيجة بحثية، يجب أن تذكر مصدرها الأصلي.
6- تجنّب الإفراط في الاقتباس المباشر
من الأخطاء الشائعة أن يعتمد الباحث على النقل الحرفي المفرط من المصادر بحجة التوثيق، مما يقلل من أصالة النص. استخدم الاقتباس المباشر فقط عندما تكون صياغة المؤلف ذات قيمة خاصة لا يمكن إعادة صياغتها دون الإخلال بالمعنى.
7- استخدم أدوات الكشف عن الانتحال العلمي
بعد الانتهاء من كتابة أي جزء من البحث، يُستحسن فحص النص باستخدام أدوات كشف الانتحال مثل Turnitin أو Grammarly Plagiarism Checker أو iThenticate. هذه الأدوات تُظهر نسبة التشابه بين نصك والمصادر المنشورة، وتتيح لك تعديل أو إعادة صياغة الأجزاء التي قد تتشابه دون قصد.
8- تعامل مع المشرف والمراجعين بصدق علمي
قبل تقديم البحث أو الرسالة، شارك المشرف أو اللجنة الأكاديمية في مراجعة المسودة النهائية للتحقق من توثيق جميع الاقتباسات. فالمراجعة الخارجية تساعدك على اكتشاف أخطاء لم تلاحظها.
تجنّب السرقة الأدبية عملية مستمرة تبدأ منذ اللحظة الأولى لتصميم البحث وحتى تسليم النسخة النهائية. وهي ليست مجرد التزام أخلاقي، بل مؤشر على وعي الباحث العلمي وقدرته على الإنتاج الأصيل.