تُعدّ الفجوة البحثية الأساس الذي يقوم عليه أي بحث علمي أصيل، إذ تمثل المساحة غير المستكشفة أو غير المكتملة في المعرفة الحالية حول موضوع ما، واكتشاف الفجوة لا يعني فقط العثور على فكرة جديدة، بل تحديد موضع النقص أو القصور أو التعارض في الأدبيات السابقة، ومن ثم بناء بحث يسهم في سدّها. وفيما يلي أبرز المؤشرات التي يستدل بها الباحثون على وجود فجوة بحثية حقيقية تستحق الدراسة:
1- قلة الدراسات حول موضوع محدد أو فئة معينة
عندما يجد الباحث أن الأدبيات التربوية تناولت موضوعًا بشكل عام، ولكنها أغفلت فئات أو متغيرات فرعية محددة (مثل المعلمين الجدد، أو طلاب ذوي احتياجات خاصة)، فذلك مؤشر قوي على وجود فجوة بحثية.
2- وجود نتائج متعارضة أو متناقضة في الدراسات السابقة
إذا لاحظ الباحث أن الدراسات السابقة حول نفس المتغيرات أظهرت نتائج متناقضة مثل دراسات تؤكد العلاقة الإيجابية وأخرى تنفيها فهنا توجد “فجوة تفسيرية”
3- تغير السياق الزمني أو البيئي للظاهرة المدروسة
الظواهر التربوية تتغير بتغير الزمن والتقنيات والسياسات التعليمية، فإذا كانت الدراسات السابقة قد أُجريت قبل عقد أو أكثر، فإن ظهور ظروف جديدة (مثل التعليم الرقمي، أو الذكاء الاصطناعي في التعلم) يخلق فجوة زمنية تستدعي إعادة دراسة الظاهرة في ضوء المستجدات.
4- ضعف التعميم أو محدودية المنهج في الدراسات السابقة
عندما يكتشف الباحث أن أغلب الدراسات السابقة استخدمت منهجًا واحدًا أو عينات صغيرة وغير ممثلة، فهذا يعني أن المعرفة حول الموضوع لا تزال محدودة التحقق.
5- غياب البعد التطبيقي في البحوث السابقة
من أبرز المؤشرات في العلوم التربوية أن تكون الدراسات السابقة نظرية أو وصفية بحتة دون تطبيق فعلي في الميدان. وجود هذا النقص يفتح المجال لدراسات تجريبية أو تدخلية تقيس أثر البرامج أو الاستراتيجيات التعليمية على الواقع المدرسي.
6- ظهور متغيرات أو مفاهيم جديدة لم تُدمج بعد في الأدبيات
عندما تظهر مفاهيم حديثة في الميدان مثل “التعلم بالذكاء الاصطناعي” أو “المرونة الأكاديمية” ولم تتناولها الدراسات السابقة في علاقتها بظواهر تربوية معروفة، فذلك مؤشر على وجود فجوة مفاهيمية.
7- اختلاف السياقات الثقافية أو التعليمية في تطبيق الدراسات السابقة
قد توجد دراسات أجنبية كثيرة حول موضوع ما، لكن قلة الدراسات المحلية التي تناولته في بيئة الباحث تُعد مؤشرًا قويًا على فجوة ثقافية أو مجتمعية.
8- ملاحظات الباحثين أنفسهم في ختام دراساتهم
كثير من الدراسات تختم بعبارات مثل: "يوصى بإجراء دراسات مستقبلية حول..." أو "تُعد هذه المتغيرات بحاجة إلى مزيد من البحث".
ومن خلال هذه المؤشرات المتنوعة، يتضح أن اكتشاف الفجوة البحثية ليس عملًا عشوائيًا، بل عملية تحليلية نقدية تعتمد على القراءة الواعية للأدبيات وربطها بالسياق العلمي والواقعي، للمزيد اطلع على مقال يوضح أنواع الفجوات البحثية في البحث العلمي.