طلب خدمة
استفسار
×

التفاصيل

عدد المشاهدات(160)

ما هي الأخطاء الأخلاقية في البحث العلمي وكيف نتجنبها؟


لا يُقاس التميز بعدد المنشورات ولا بعدد الاستشهادات فقط، بل يُقاس أولًا وأساسًا بمدى الالتزام الأخلاقي الذي يتحلى به الباحث، ولقد كشفت السنوات الماضية عن حالات مؤسفة لبحوث مزورة، وبيانات ملفقة، وسرقات علمية، أدت إلى سحب مقالات من مجلات محكمة، وحرمان باحثين من التمويل، بل ووصل الأمر إلى إنهاء مسيراتهم الأكاديمية.

هذا وتزداد أهمية الالتزام بأخلاقيات البحث العلمي في ظل الضغط المتزايد على الباحثين للنشر وتحقيق إنجازات ملموسة في وقت قياسي، مما قد يغري البعض بسلوك طرق ملتوية لتسريع النتائج. لذلك حرصت شركة دراسة من خلال المقال الحالي على توضيح أخلاقيات البحث العلمي التي يجب أن يتحلى بها الباحث وتوضيح لأبرز الأخطاء الأخلاقية في مجال البحث العلمي وكيفية تجنب هذه الأخطاء.

تعريف أخلاقيات البحث العلمي:

 

أخلاقيات البحث العلمي هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تنظم سلوك الباحثين أثناء إجراء الدراسات والتجارب العلمية. تهدف هذه الأخلاقيات إلى ضمان سلامة المشاركين، وحماية المجتمع، وتحقيق العدالة، والنزاهة في جمع البيانات وتحليلها ونشرها. ولا تقتصر هذه الأخلاقيات على مجال دون آخر، بل تشمل كل التخصصات العلمية من الطب والهندسة إلى العلوم الاجتماعية والإنسانية.

مفهوم أخلاقيات البحث العلمي:

 

لا يمكن اختزال مفهوم أخلاقيات البحث العلمي في مجرد الالتزام بالقوانين والتعليمات، بل هو إطار فلسفي وقيمي أوسع يقوم على احترام الإنسان والحقيقة والمعرفة. هذه الأخلاقيات ترتبط بالضمير العلمي أكثر مما ترتبط بالخوف من العقوبة، وهي تُعبّر عن وعي الباحث بدوره تجاه المجتمع وتجاه الحقيقة العلمية التي يسعى لكشفها.

من الناحية الفلسفية، تنطلق الأخلاقيات من مفاهيم مثل العدالة، والاحترام، وعدم الإضرار، والاستفادة القصوى للمجتمع. أما من الناحية التطبيقية، فهي تترجم إلى ممارسات ملموسة، مثل الحصول على موافقة المشاركين، وحماية خصوصيتهم، والإبلاغ عن أي تضارب في المصالح، والصدق في تقديم النتائج.

أهم أخلاقيات البحث العلمي:

 

تتعدد المبادئ الأخلاقية التي تُعد أساسية في أي مشروع بحثي علمي، وهي تشكل القاعدة التي يقوم عليها السلوك المسؤول للباحث، والالتزام بهذه المبادئ لا يقتصر على الباحث نفسه، بل يمتد ليشمل جميع المشاركين في العملية البحثية، من المشرفين والمساعدين، إلى الجهات الممولة والمراجعين. ومن أبرز هذه الأخلاقيات ما يلي:

1- الصدق والنزاهة

الصدق هو العمود الفقري للبحث العلمي. على الباحث أن يُقدِّم نتائج دقيقة وغير مزيفة، وألّا يخفي أو يُضلل في عرض البيانات أو تفسيرها. ويشمل ذلك الأمانة في كتابة التقارير، وعدم اختلاق أو تعديل نتائج لملاءمة فرضياته.

2- احترام المشاركين

في الأبحاث التي تشمل البشر، يُعد احترام المشاركين أحد الأركان الجوهرية. ويشمل ذلك الحصول على موافقة مستنيرة، وعدم تعريضهم لأي ضرر نفسي أو جسدي، والحفاظ على خصوصيتهم وسرية بياناتهم.

3- الشفافية

على الباحث أن يكون شفافًا في الإفصاح عن أهدافه، وتمويله، وأي تضارب محتمل في المصالح. هذه الشفافية تبني الثقة وتُعزز مصداقية البحث.

4- الموضوعية

ينبغي على الباحث ألا يسمح لتحيزاته الشخصية أو ميوله بتوجيه طريقة جمع البيانات أو تحليلها. الموضوعية هي أساس الحُكم العلمي الرشيد.

5- المسؤولية الاجتماعية

على الباحث أن يُدرك أن لنتائج بحثه آثارًا تتجاوز نطاق الجامعة أو المختبر. لذلك، يجب أن يضع في اعتباره الفائدة العامة وتفادي أي أذى محتمل للمجتمع.

6- الحذر في استخدام التكنولوجيا

مع تطور تقنيات جمع البيانات والتحليل، تزداد الحاجة لتوخي الحذر في استخدام هذه الأدوات بشكل يحترم خصوصية الأفراد ويمنع إساءة استخدامها.

 

للتعرف أكثر إلى أخلاقيات الباحث العلمي يمكنك قراءة موضوع مهم عن صفات الباحث العلمي التي يجب أن يتحلى بها.

كيف تتوافر النزاهة الأكاديمية في البحث العلمي؟

 

تحقيق النزاهة الأكاديمية يتطلب أكثر من مجرد الالتزام الظاهري بالقوانين، بل يحتاج إلى ثقافة داخلية لدى الباحث تقوم على القيم الأخلاقية الأصيلة. وتتمثل أهم وسائل تحقيق النزاهة فيما يلي:

أولًا: التزام الباحث بالمعايير الأخلاقية

يبدأ الأمر من الذات؛ فالنية الصافية والحرص على الأمانة العلمية هي أول خطوة نحو النزاهة. يجب أن يسأل الباحث نفسه باستمرار: هل ما أفعله يخدم الحقيقة؟ هل هو منسجم مع مبادئ البحث النزيه؟

ثانيًا: التوثيق الدقيق لجميع مراحل البحث

كل مرحلة من البحث، من جمع البيانات إلى التحليل، يجب أن تكون موثقة بشكل دقيق. هذا لا يساعد فقط في مراجعة النتائج لاحقًا، بل يُشكل دليلًا على شفافية الباحث.

ثالثًا: تجنب تضارب المصالح

النزاهة تقتضي أن يُعلن الباحث عن أي مصلحة شخصية أو مهنية قد تؤثر على نتائج البحث أو تفسيره. إخفاء هذه المعلومات يُعد خرقًا أخلاقيًا صريحًا.

رابعًا: احترام حقوق الملكية الفكرية

يشمل ذلك عدم نسخ أفكار أو كلمات باحثين آخرين دون الإشارة إليهم، وعدم استخدام مواد بحثية دون إذن. كل فكرة تُقتبس يجب توثيقها بشكل دقيق وواضح.

خامسًا: الاستجابة للنقد العلمي

الباحث النزيه يتقبل المراجعات والنقد البناء بصدر رحب، ويعدّل في بحثه إذا اقتضت الضرورة. رفض الملاحظات أو تجاهلها بدافع الكبرياء يُعد مؤشرًا على ضعف النزاهة.

أهم الأخطاء الأخلاقية البحثية الشائعة وكيفية تجنبها:

 

رغم وجود قواعد واضحة تحكم أخلاقيات البحث العلمي، إلا أن الأخطاء لا تزال تُرتكب – أحيانًا عن جهل وأحيانًا عن قصد. فيما يلي أشهر هذه الأخطاء وكيفية تجنبها:

أولًا: التزوير والتحريف:

يشمل ذلك اختلاق بيانات غير حقيقية أو التلاعب بالنتائج لتتناسب مع فرضيات الباحث. وهذه من أخطر الأخطاء، وغالبًا ما يتم اكتشافها مع الوقت، مما يؤدي إلى فضائح علمية وسحب المقالات، ويمكن للباحث تجنب التزوير والتحريف من خلال الآتي:

  • الالتزام الصارم بمنهجية البحث.
  • التوثيق المستمر للبيانات من مصادرها الأصلية.
  • مراجعة البيانات والتحقق من صحتها مع فريق العمل.

ثانيًا: السرقة العلمية:

السرقة العلمية هي استخدام أفكار أو عبارات الآخرين دون الإشارة إليهم، وتُعد خيانة فكرية واضحة، وله أوجه عديدة ومختلفة يمكنك الاطلاع عليها أكثر من خلال مقال بعنوان ما هي السرقة العلمية ، ويمكن للباحث تجنب الوقع في حيز السرقة العلمية من خلال الآتي:

  • استخدام أدوات فحص الانتحال العلمي.
  • توثيق جميع المصادر التي يتم الاقتباس منها.
  • إعادة صياغة الأفكار بلغتك الخاصة مع الحفاظ على المعنى.

ثالثًا: إجراء البحث دون موافقة لجنة الأخلاقيات

في الأبحاث التي تشمل فحص لعينة الدراسة بصورة مباشرة كالأشخاص والحيوانات، يعتبر الحصول على موافقة لجنة الأخلاقيات أمرًا إلزاميًا. تجاوز هذا الشرط يُعد انتهاكًا صارخًا، ولتجنب ذلك يمكن للباحث تنفيذ الآتي:

  • تقديم بروتوكول البحث مفصلًا للجنة المختصة قبل البدء.
  • الانتظار لحين صدور الموافقة الرسمية.
  • إرفاق نسخة من موافقة لجنة الأخلاقيات في ملحق البحث.

رابعًا: تجاهل خصوصية المشاركين

نشر بيانات حساسة دون إذن مسبق أو الكشف عن هوية المشارك قد يُسبب ضررًا نفسيًا واجتماعيًا، وهذا ما يجب على الباحثين التنويه عنه عند استخدام أدوات الدراسة كالاستبيانات أن البيانات والمعلومات قاصرة فقط على البحث العلمي وغير مصرح للباحث استخدامها في غير ذلك بأي شكل من الأشكال، ولتجنب ذلك يجب على الباحث اتباع الآتي:

  • ضمان إخفاء هوية المشاركين.
  • الحصول على إذن كتابي عند الحاجة لنشر معلومات شخصية.
  • إقرار الباحث بأن البيانات لا يتم استخدامها إلا لأغراض البحث العلمي فقط.

خامسًا: تضارب المصالح

قد يؤدي التمويل من جهات لها مصلحة في نتائج معينة إلى توجيه البحث بشكل غير نزيه، وهذا قد يكون له عواقب وخيمة وكبيرة من أهمها التعارض مع سياسات النشر العلمي، ولتجنب ذلك يجب على الباحث أن يلتزم بالآتي:

  • الإفصاح الكامل عن مصادر التمويل.
  • الامتناع عن أي سلوك يوحي بالتأثير على النتائج.

 

أمثلة واقعية لأخطاء بحثية أخلاقية بارزة:

 

لعل من أكثر الطرق إقناعًا في التحذير من الأخطاء الأخلاقية في البحث العلمي هو استعراض نماذج واقعية لفضائح بحثية أحدثت صدمة في الأوساط الأكاديمية، وأدت إلى تداعيات مدمّرة على الصعيدين الفردي والمؤسسي. هذه القضايا تكشف كيف يمكن لانتهاك أخلاقي بسيط – إن لم يُكتشف في البداية – أن يتحوّل إلى انهيار كامل في مصداقية الباحث والمؤسسة العلمية على حد سواء، من بين هذه النماذج الأمثلة التالية:

1- قضية الباحث الكوري (Hwang Woo-suk):

في عام 2005، أعلن الدكتور هوانغ من كوريا الجنوبية أنه نجح في استنساخ خلايا جذعية بشرية، مما جذب أنظار العالم ووسائل الإعلام. لاحقًا، تم اكتشاف أن نتائجه كانت مفبركة بالكامل، وأنه استخدم بيانات مزيفة وضلّل المجتمع العلمي. تم فصله من الجامعة، وسُحبت أبحاثه، وأُدين جنائيًا.

2- تجارب توسكيجي (Tuskegee Syphilis Study):

واحدة من أبشع الفضائح الأخلاقية في تاريخ البحث الطبي، حيث أجرت الحكومة الأمريكية دراسة استمرت من 1932 إلى 1972 على رجال أمريكيين من أصل أفريقي مصابين بمرض الزهري، دون علاجهم أو إعلامهم بحقيقة إصابتهم، فقط لمراقبة تطوّر المرض! هذه الدراسة أصبحت نموذجًا لما لا يجب أن يكون عليه البحث العلمي.

3- فضيحة دواء (Vioxx):

شركة Merck المصنعة لدواء Vioxx أخفت بيانات تشير إلى أن الدواء يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. تم تسويق الدواء على نطاق واسع حتى كشفت الأبحاث المستقلة الحقيقة، ما أدى إلى سحبه من السوق وخسائر تجاوزت المليارات.

 

هذه النماذج تذكّرنا بأن التهاون في الأخلاقيات لا يؤثر فقط على الباحث، بل قد يُهدّد حياة الناس، ويُهدم ثقة المجتمع بالعلم، ويؤدي إلى سحب المقالات العلمية وتهديد مسيرة الباحث العلمية.

كيف تتجنب الأخطاء الأخلاقية كباحث؟

 

الوقاية خير من العلاج. وبالنسبة للباحث، فإن الوقاية من الوقوع في الأخطاء الأخلاقية تبدأ منذ لحظة صياغة سؤال البحث. فيما يلي خطوات عملية لتجنّب الأخطاء الأخلاقية:

  1. اجعل الجوانب الأخلاقية جزءًا من تصميم البحث، لا مجرد بند إضافي. اسأل نفسك: هل هذا البحث يُراعي حقوق جميع الأطراف؟ هل توجد مخاطر؟ كيف سأحمي المشاركين؟
  2. لا تبدأ تنفيذ أي جزء من البحث التجريبي دون الحصول على الموافقة الرسمية. احرص على أن يكون الطلب شاملاً ويحتوي على كل ما يخص أساليب جمع البيانات وحماية الخصوصية.
  3. شارك في الدورات التدريبية المتخصصة في أخلاقيات البحث. العديد من الجامعات والمؤسسات توفر هذه البرامج مجانًا للباحثين وطلاب الدراسات العليا.
  4. استشر مشرفك الأكاديمي أو زملاءك أو الخبراء في المجال إذا واجهت موقفًا أخلاقيًا معقدًا. العمل الجماعي يقلل من فرص الوقوع في الخطأ.

الشفافية الكاملة في التوثيق لا تحمي فقط المشاركين، بل تحمي الباحث من أي مساءلة لاحقة. في حال وقوع أي شبهة، يمكن الرجوع إلى السجلات والبيانات الموثقة

 الخاتمة:

 

في ظل السباق العلمي، قد يُغري الطريق المختصر البعض للوصول السريع إلى النتائج والنشر والترقيات. لكن في واقع الأمر، لا يمكن لباحث أن يكون عظيمًا ما لم يكن نزيهًا. الأخلاق في البحث العلمي ليست مجرد التزام تنظيمي، بل انعكاس لضمير حي يحترم الإنسان والحقيقة والمعرفة، لذلك أنت، كباحث، تحمل مسؤولية أكبر من مجرد اكتشاف جديد. إنك تُمثّل قيمًا ومبادئ، تُبنى عليها الثقة في العلم، فاختر أن تكون جديرًا بهذه الثقة.

 الخاتمة:

مراجع المقال:

 

عبيدو، علي ابراهيم على،(2014). جودة البحث العلمي الأخلاقيات- المنهجية- الأشراف- كتابة الرسائل والبحوث العلمية. دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر.

كزيز، أمال، وكزيز، نسرين. (2020). أخلاقيات ومعايير النشر العلمي في المجلات المحكمة. مجلة الباحث للعلوم الرياضية والاجتماعية، عدد خاص، 252- 262.

السيد، منى توكل. (2013). أخلاقيات البحث العلمي. جامعة المجمعة.

ما هي المخاوف الأخلاقية في البحث؟

  • المخاوف الأخلاقية في البحث تشمل حماية خصوصية المشاركين، الحصول على موافقة مستنيرة، تجنب التلاعب بالبيانات، وضمان النزاهة والشفافية في جميع مراحل البحث.
  • ما هي الأخطاء الشائعة في البحث العلمي؟

  • من الأخطاء الشائعة: ضعف صياغة مشكلة البحث، استخدام أدوات غير مناسبة، الانحياز في جمع البيانات، ضعف التحليل الإحصائي، وعدم توثيق المصادر بدقة.
  • ما هي بعض المخالفات الأخلاقية الشائعة في البحث العلمي؟

  • تشمل المخالفات الأخلاقية الشائعة: تزوير البيانات، سرقة الملكية الفكرية (السرقات الأدبية)، تحريف النتائج، وعدم الحصول على موافقة المشاركين.
  • ما هو مثال على سوء السلوك الأخلاقي في البحث؟

  • مثال على سوء السلوك الأخلاقي هو قيام الباحث بتلفيق بيانات تجريبية لم تُجمع فعليًا بهدف دعم فرضيته أو تسريع النشر
  • التعليقات


    الأقسام

    أحدث المقالات

    الأكثر مشاهدة

    خدمات المركز

    نبذة عنا

    تؤمن شركة دراسة بأن التطوير هو أساس نجاح أي عمل؛ ولذلك استمرت شركة دراسة في التوسع من خلال افتتاح فروع أو عقد اتفاقيات تمثيل تجاري لتقديم خدماتها في غالبية الجامعات العربية؛ والعديد من الجامعات الأجنبية؛ وهو ما يجسد رغبتنا لنكون في المرتبة الأولى عالمياً.

    اتصل بنا

    فرع:  الرياض  00966555026526‬‬ - 555026526‬‬

    فرع:  جدة  00966560972772 - 560972772

    فرع:  كندا  +1 (438) 701-4408 - 7014408

    شارك:

    عضو فى

    معروف المركز السعودي للأعمال المرصد العربي للترجمة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هيئة الأدب والنشر والترجمة

    دفع آمن من خلال

    Visa Mastercard Myfatoorah Mada