أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا من البنية البحثية الحديثة، لكنه لا يعمل بمعزل عن الباحث، بل يقدّم دعماً منهجيًا في مراحل محددة تزداد فيها الحاجة إلى تنظيم البيانات أو تسريع الوصول إلى الأدبيات. ويعتمد هذا الدعم على قدرته في المعالجة اللغوية والتحليل الكمي، مما يجعل بعض مراحل البحث أكثر كفاءة دون المساس بالدور النقدي للباحث، وتتمثل في:
1- مرحلة اختيار موضوع البحث وصياغة السؤال
يسهم الذكاء الاصطناعي في استكشاف الاتجاهات البحثية عبر تحليل كميات كبيرة من الأدبيات السابقة واستخراج الموضوعات الأكثر تداولًا. ويتيح ذلك للباحث رؤية أولية تساعده على تضييق نطاق السؤال العلمي، مع الحفاظ على رؤيته الخاصة في صياغة المشكلة البحثية.
2- مرحلة جمع الأدبيات واسترجاع الدراسات
تُعد هذه المرحلة من أكثر المراحل التي يدعمها الذكاء الاصطناعي فعالية، إذ تساعد أدوات البحث الذكي في الوصول السريع إلى المقالات، وتلخيصها، واستخراج المفاهيم الأساسية. ويسهم ذلك في اختصار الزمن اللازم لبناء خلفية معرفية منظمة قبل الانتقال إلى التحليل المتقدم.
3- مرحلة تحليل النصوص والمحتوى
تمكّن خوارزميات معالجة اللغة الباحث من تحليل النصوص الواسعة، وقياس تكرارات المفاهيم، والعلاقات بين الموضوعات. وتساعد هذه الأدوات في بناء تحليل أولي للخطاب البحثي، بينما يبقى الباحث مسؤولًا عن تفسير النتائج ضمن الإطار النظري.
4- مرحلة تصميم الدراسات وتحديد الأدوات
يمكن للذكاء الاصطناعي اقتراح تصاميم منهجية مناسبة أو أدوات قياس مستخدمة في الدراسات القريبة من موضوع البحث. ويقدّم هذا الاقتراح إطارًا تمهيديًا يعزز وعي الباحث بالخيارات المتاحة دون أن يحلّ محل قراره العلمي.
5- مرحلة تحليل البيانات الإحصائية
يدعم الذكاء الاصطناعي التحليل الكمي عبر المساعدة في اختيار الاختبارات المناسبة، واكتشاف الأنماط داخل البيانات، وتقديم نماذج تنبؤية. ومع ذلك، لا يمكن الاعتماد عليه في تفسير النتائج، لأن التفسير يتطلب منظورًا نقديًا يرتبط بالفرضيات والسياق.
6- مرحلة مراجعة المخطوطة وتحسين الصياغة
تساعد الأدوات الذكية في تدقيق النصوص وتحسين الوضوح اللغوي، وتنسيق المراجع، والكشف عن التكرار أو عدم الاتساق. وتتيح هذه المساعدة للباحث تقديم نسخة أكثر اتساقًا قبل عملية التحكيم، مع الحفاظ على أصالة المحتوى العلمي.
7- مرحلة اختيار المجلة المناسبة
تقدّم المنصات الذكية اقتراحات مجلات علمية بناءً على موضوع الدراسة وملخصها، مع تحليل عوامل مثل الربع، ومجال التخصص، وأنماط النشر. ويسهم هذا التنظيم في اتخاذ قرار أكثر دقة بشأن القناة المناسبة للنشر.
يتضح أن الذكاء الاصطناعي يدعم مراحل متعددة من البحث العلمي. ويجعل هذا التكامل العملية البحثية أكثر اتساقًا دون المساس بطبيعتها العقلية والمعرفية.