يخضع إعداد وتأليف الكتب العلمية في المملكة العربية السعودية لمنظومة أكاديمية وتنظيمية. ولا يُنظر إلى الكتاب العلمي بوصفه عملًا إنشائيًا أو تجميعيًا، بل منتجًا معرفيًا يخضع لمعايير دقيقة تتقاطع فيها المتطلبات الأكاديمية مع السياسات المؤسسية ودور النشر المعتمدة، لذلك يجب على المؤلف مراعاة ما يلي:
1- تحديد الهدف العلمي وطبيعة الكتاب
تنطلق عملية التأليف من تحديد واضح لهدف الكتاب، وما إذا كان كتابًا مرجعيًا، أو تدريسيًا، أو بحثيًا متخصصًا. ويساعد هذا التحديد في ضبط مستوى العمق العلمي، وطبيعة الجمهور المستهدف، ونمط العرض، بما ينسجم مع متطلبات الاعتماد الأكاديمي في الجامعات السعودية.
2- الالتزام بالمنهجية العلمية الصارمة
تشترط المؤسسات الأكاديمية السعودية أن يقوم الكتاب العلمي على منهج واضح في عرض الأفكار وتحليلها، سواء كان منهجًا وصفيًا، أو تحليليًا، أو نقديًا، أو تطبيقيًا. ويُعد الاتساق المنهجي بين الفصول، وتسلسل الأفكار، وربط النتائج بالإطار النظري، عنصرًا أساسيًا في تقييم جودة الكتاب.
3- بناء هيكل علمي متماسك للفصول
يُبنى الكتاب وفق هيكل منطقي يبدأ بتأصيل المفاهيم، ثم عرض الإطار النظري، فمناقشة القضايا الرئيسة، وصولًا إلى التطبيقات أو الاستنتاجات. ويُراعى في هذا البناء وضوح العناوين، والتوازن بين الفصول، وعدم التكرار غير المبرر، بما يعكس نضج الرؤية العلمية للمؤلف.
4- الالتزام باللغة الأكاديمية والتحرير العلمي
تشترط دور النشر والجهات الأكاديمية سلامة اللغة ودقتها، واستخدام مصطلحات علمية منضبطة ومتسقة. ويشمل ذلك التحرير اللغوي والأسلوبي، وتجنب الإنشاء الخطابي، والالتزام بالكتابة الأكاديمية التحليلية التي تُبرز الحجة العلمية لا السرد الوصفي.
5- توثيق علمي دقيق ومتوافق مع المعايير المعتمدة
يُعد التوثيق أحد أكثر الجوانب حساسية في تأليف الكتب العلمية، حيث تُلزم الجامعات السعودية بالالتزام بأنماط توثيق معتمدة مثل APA أو غيره بحسب التخصص. ويُشترط الاتساق الكامل بين الإحالات داخل النص وقائمة المراجع، والالتزام بأخلاقيات الاقتباس والنزاهة العلمية.
6- الالتزام بالسياسات الأخلاقية وحقوق الملكية الفكرية
تشترط الجهات المعنية خلو الكتاب من أي انتهاك للملكية الفكرية، واحترام حقوق المؤلفين الآخرين، وتجنب النقل غير المشروع أو الاقتباس المفرط. ويُعد فحص الأصالة العلمية شرطًا أساسيًا قبل النشر أو الاعتماد.
7- مواءمة الكتاب مع متطلبات النشر والاعتماد المؤسسي
تتطلب عملية النشر مراعاة شروط دور النشر المعتمدة، سواء من حيث التنسيق، أو حجم الكتاب، أو المراجعة العلمية، أو التحكيم الأكاديمي. كما يُراعى توافق الكتاب مع متطلبات الجامعات السعودية لاعتماده كمقرر أو مرجع أكاديمي.
8- مراجعة علمية وتحكيم قبل النشر
تمر الكتب العلمية عادة بمراجعة علمية داخلية أو تحكيم أكاديمي يقيّم أصالة المحتوى، وقوته العلمية، وجدواه التعليمية أو البحثية. ويُعد اجتياز هذه المرحلة مؤشرًا على جاهزية الكتاب للنشر والاعتماد.
يتطلب إعداد وتأليف الكتب العلمية وفق متطلبات النشر في السعودية التزامًا متكاملًا بالمنهجية العلمية. وعندما تُراعى هذه المنهجية بوصفها منظومة واحدة، يتحول الكتاب العلمي إلى عمل معرفي رصين قابل للنشر والاعتماد، وقادر على الإسهام الفعلي في تطوير التعليم والبحث العلمي في المملكة.