تتطلب الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي قدرًا عاليًا من الوعي الأخلاقي. ولا يقتصر الأمر على تجنب الأخطاء التقنية، بل يمتد إلى حماية الخصوصية، وضمان الأمانة العلمية، وصون استقلالية الباحث في التفكير. وتشكّل هذه الاعتبارات إطارًا ضروريًا لضبط توظيف الذكاء الاصطناعي دون الإضرار بجودة المعرفة المنتَجة، ومن أهم هذه الاعتبارات:
1- الحفاظ على خصوصية البيانات وسريتها
يتطلب استخدام الأدوات الذكية احترام قواعد حماية البيانات، خاصة عند التعامل مع معلومات حساسة أو ملفات تحتوي على بيانات شخصية. ويحتاج الباحث إلى التأكد من أن أدوات الذكاء الاصطناعي لا تخزن المعلومات في خوادم خارجية غير آمنة، بما يضمن عدم إساءة استخدامها.
2- الالتزام بالأمانة العلمية ومنع الاستلال
يجب أن يظل دور الذكاء الاصطناعي مساعدًا لا بديلًا عن الباحث، وأن تُراجع المخرجات بدقة لضمان عدم إحداث تشابه نصي مفرط أو اقتباسات غير موثقة. ويعد استخدام الذكاء الاصطناعي دون إسناد أو توثيق مناسب انتهاكًا لمعايير النزاهة الأكاديمية.
3- عدم الاعتماد المفرط على النماذج التوليدية
يمثل الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي خطرًا على استقلالية الباحث، إذ قد يؤدي إلى استبدال التفكير النقدي بآليات تلقائية. ويتطلب الاستخدام الأخلاقي الحفاظ على دور الباحث في التحليل والتفسير وصنع القرار العلمي.
4- ضمان الشفافية في الإفصاح عن استخدام الذكاء الاصطناعي
ينبغي للباحث الإفصاح عن استخدام الأدوات الذكية عند كتابة المنهج أو التقارير البحثية، لتبيان مستوى تدخل هذه الأدوات في جمع البيانات أو تحليلها أو صياغة النص. وتحقق هذه الشفافية عدالة التقييم وتعزز مصداقية الدراسة.
5- تجنب التحيزات الخوارزمية
تحتوي بعض النماذج على تحيزات قد تؤثر في النتائج أو تولّد استنتاجات غير دقيقة. ويحتاج الباحث إلى فحص الخوارزميات المستخدمة، والتحقق من مصادر البيانات التي بُنيت عليها، لضمان عدم إدخال تحيزات غير مقصودة في الدراسة.
6- عدم إدخال بيانات حساسة دون موافقة المشاركين
إذا استخدم الباحث أدوات تعتمد على التعلم الآلي لمعالجة بيانات بشرية، فيجب الحصول على موافقة صريحة من المشاركين. ويعد ذلك من المبادئ الأساسية لأخلاقيات البحوث خاصة في الدراسات التربوية والطبية والاجتماعية.
7- الحفاظ على حدود دور الذكاء الاصطناعي في التفسير
يوفر الذكاء الاصطناعي أدوات قوية للمعالجة والتحليل، لكن التفسير النهائي يجب أن يبقى للباحث. ويحتاج المستخدم إلى الامتناع عن قبول المخرجات كما هي، والعمل على مراجعتها نقديًا وربطها بالإطار النظري.
يقوم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي على اعتبارات كثيرة. وعندما تُراعى هذه الاعتبارات، يصبح الذكاء الاصطناعي أداة داعمة للبحث العلمي، لا عنصرًا يهدد مصداقيته أو يقلل من قيمته المعرفية.