كيفية ترميز القيم المفقودة

تعد كيفية ترميز القيم المفقودة من المشكلات البحثية الشائعة والمتكررة عند جمع البيانات أو تحليلها ، كما أن وجود البيانات المفقودة في الأبحاث المسحية مشكلة قد تُهمل في أغلب الأحيان، وإذا لم تهمل تُعطي القليل من الانتباه والأهمية، والذي لا يوازي حجم تأثيرها السلبي على النتائج وبدرجة أكبر مما هو مقدَّر لها من قبل الباحث في ضوء التحيزات التي قد تنتج عنها، وتعد عملية ترميز القيم المفقودة مشكلة معضلة، لأن الأساليب الإحصائية تفترض معلومات كاملة عن جميع المتغيرات المدرجة في التحليل، ويمكن لعدد قليل نسبياً من البيانات المفقودة على بعض المتغيرات يقلص بشكل كبير من حجم العينة، ونتيجة لذلك تتأثر دقة فترات الثقة، وتضعف القوة الإحصائية وتكون معلمة التقدير متحيزة.

من خلال المقال الحالي سوف نتعرف سوياً على كيفية ترميز القيم المفقودة في التحليل الإحصائي وكيفية التعامل معها، وذلك من خلال بعض النقاط الهامة وهي كالآتي:

1. ما هي القيم المفقودة؟.
2. أهم آليات فقد البيانات في التحليل الإحصائي.
3. كيفية ترميز القيم المفقودة عن طريق أسلوب حذف الحالة.
4. ما هي طرق ترميز القيم المفقودة القائمة على احتساب قيمة تعويضية

يقصد بالقيم المفقودة هو عدم الاستجابة على بعض فقرات الاختبار من قبل المفحوص، وترك هذه الفقرات فارغة دون إجابة، وتتأثر البيانات التي يتم جمعها من استجابات المفحوصين بشكل كبير لعدم استجابة عدد منهم لعدد من فقرات أداة القياس بغض النظر عن سبب عدم الاستجابة، وهذا يؤدي إلى وجود بيانات مفقودة، وبالتالي الحصول على بيانات ناقصة تؤثر على فاعلية التفسيرات، ويمكن تمييز نوعين لعدم الاستجابة وهما:

1. عدم الاستجابة الكاملة: الأمر الذي يعني أن الفرد لم يستجيب على أي فقرة من فقرات الاختبار، والتي تحدث عندما يكون الفرد غير موجود أو يرفض المشاركة لمخاوف حول سرية المعلومات، أَو عدم الظهور بسبب العمر أو الحالة الصحية.
2. عدم الاستجابة للفقرة: أي أن المفحوص استجاب لبعض الفقرات، وترك بعضها دون إجابة، حيث يتوفر بيانات جزئية مستجابة وبيانات جزئية مفقودة، بمعنى أن المفحوص يشارك لكنه لا يستجيب لبعض الفقرات.

يمكن تصنيف آليات فقد البيانات إلى ثلاثة مجموعات رئيسية وهي كالآتي:

أولاً: الفقد العشوائي:

يقصد به أن الفقد مرتبط بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بمتغيرات خارجية، فإذا كانت الفقرة مفقودة وهذه الفقرة تقيس السمة الكامنة على مستوى المقياس ككل كبقية الفقرات، فالسبب في الفقد يعزى إلى بعض المتغيرات الخارجية.

ثانياً: الفقد العشوائي الكامل :

 يقصد به  أن الفقرة مفقودة بسبب العشوائية المحضة فقط، لا لأي سبب آخر، أي أن آلية الفقد لا ترتبط بمتغيرات الدراسة.

ثالثاً: الفقد غير العشوائي :

يقصد به أن البيانات المفقودة مرتبطة بالمتغير نفسه، فلها علاقة إما بمعالم الفقرة (صعوبة، تمييز، تخمين) أو بقدرة الأفراد.

يصنف هذا الأسلوب إلى طريقتين من حيث طريقة التحليل وهي تحليل الحالة الكاملة وتحليل الحالة المتوفرة وهاتان الطريقتان الأكثر استخداماً لمعالجة البيانات المفقودة لسهولة التعامل مع هذه البيانات، وعملهما يتلخص في التخلص من المفحوصين الذين لديهم بيانات مفقودة، وهما موجودان كخيارين من خيارات أخرى في برنامج (SPSS).

أولاً: تحليل الحالة الكاملة في برنامج (SPSS) :

هذه الطريقة موجودة كخيار منتقى من خيارات أخرى في برنامج (SPSS)، وتحصر الاهتمام هنا بالمفحوصين الذين لهم استجابات لكل الفقرات، أي يتم التخلص من أي مفحوص له قيمة مفقودة لأي من الفقرات، وتحليل المفحوصين الذين استجابوا لجميع الفقرات، وبالرغم من أن كل فقرة مفقودة تكون عليها نسبة مئوية صغيرة من الاستجابات، فالجزء الكبير من المفحوصين لا يتم حذفه، فهذا التخفيض في حجم العينة يؤثر سلباً في القوة الإحصائية، وقد يجعل مسألة تمثيل العينة للمجتمع في موضع شك، ولكي  تكون العينة الباقية على الأرجح ممثلة، فإنه ينبغي أن يكون عدد المفحوصين الذين تم حذفهم قبل التحليل قليل، ومع هذا فإن ذلك يؤدي إلى خسارة للمعلومات بسبب حذف بعض المفحوصين، وبالتالي يزداد احتمال التحيز، وهذه الطريقة تكون حرجة جداً في العينات الصغيرة.

ثانياً: تحليل الحالة المتوفرة في برنامج (SPSS) :

هذه الطريقة موجودة كخيار منتقى من خيارات أخرى في برنامج (SPSS)، وتهتم هذه الطريقة بالمفحوصين الذين لهم استجابات على كلا المتغيرين، وتسمى هذه الطريقة (pair- wise deletion) لأنه يتم التخلص من المفحوصين الذين لديهم استجابات مفقودة على كلا المتغيرين، وتسمى هذه الطريقة أيضاً بـِ.(pair-wise inclusion) لأنه يتم إدراج المفحوصين الذين لديهم الاستجابات على كلا المتغيرين.

تقوم هذه الطرق على تقدير قيم معينة وتعويضها بدلاً من القيم أو البيانات المفقودة ومن أهم هذه الطرق:

أولاً: الطرق الصريحة :

وفي هذه الطرق يقوم الباحث باستخدام نظام إحصائي يمكنه من استبدال القيم المفقودة بقيم مقدرة بطريقتين:

1. حساب القيمة التعويضية من خلال المتوسط: في هذه الحالة يتم احتساب القيمة التعويضية للقيم المفقودة عن طريق أسلوبين الأول يتم حاسب متوسط العلامات المتوفرة على الفقرة من خلال استجابات المفحوصين عليها، ثم يتم تعويض هذا المتوسط بدلاً من جميع القيم المفقودة على هذه الفقرة، والثاني يتم حساب المتوسط الحسابي للمفحوص الواحد من خلال استجاباته على جميع فقرات الاختبار، ثم يتم تعويض هذا المتوسط بدلاً من جميع الفقرات المفقودة لهذا المفحوص، وهذا الأسلوب يبدو أكثر ملائمة وقبولاً في معالجة القيم المفقودة من الأسلوب الأول.
2. حساب قيمة تعويضية من خلال الانحدار: وتستخدم هذه الطريقة لتقدير القيم التي سيتم تعويضها بدلاً من القيم المفقودة، وذلك عن طريق تكوين مصفوفة الارتباطات الأساسية للمتغيرات، وكل متغير يتضمن قيماً مفقودة، تتم معاملته على أنه متغير تابع من خلال معادلة الانحدار التي يتم تكوينها لكل فقرة تتضمن قيماً مفقودة، ثم تستخدم المعادلات الناتجة، في الحصول على تقديرات القيم المفقودة لكل متغير، وبعد ذلك تتم عملية إدخال أو تعويض هذه التقديرات في مجموعة البيانات الناقصة التي تتضمن قيماً مفقودة، والقيم التي تم التنبؤ بها من معادلة خط الانحدار، يتم تعويضها بدلاً من القيم المفقودة، ويتم تكرار هذه العملية لكل فقرة تتضمن قيماً مفقودة.

ثانياً: الطرق الضمنية:

عند تطبيق هذه الطرق في التعامل مع القيم المفقود فإنه يتم الاعتماد على أداء الأفراد المفحوصين واستجاباتهم في حساب القيم التي سيتم تعويضها في الفقرات المفقودة، وتشمل هذه الطرق العديد من الأنواع ومنها:

1. أسلوب حساب قيمة تعويضية من توزيع غير مشروط: في هذه الطريقة يتم احتساب قيمة تعويضية للقيم المفقودة للمفحوص من خلال اختيار قيمة بشكل عشوائي من الاستجابات الموجودة على الفقرة للمفحوصين، وتسمى أيضا بطريقة (hot deck).
2. طريقة حساب قيمة تعويضية من توزيع مشروط: في هذه الطريقة يتم تكوين معادلة انحدار لكل فقرة أو عدة معادلات بطرق مختلفة لنفس الفقرة، ثم يتم اختيار معادلة عشوائياً من هذه المعادلات التي يتم تكوينها، وبها نحصل على تقدير للقيمة المفقودة، وبهذا تكون هذه الطريقة قد مزجت بين الاختيار العشوائي وطريقة الانحدار.
3. القيام بحساب القيمة التعويضية بطريقة دالة الاستجابة: وهي طريقة يتم من خلالها تعويض القيم المفقودة للمفحوص من نفس استجاباته، ولا تتأثر استجابات المفحوص باستجابات مفحوص آخر ولا علاقة بينهما فإذا تم تغيير أي من الفقرات لمفحوص معين، فهذا لا يؤثر على المفحوص الآخر، فهو لا يعتمد على المتوسطات الحسابية للفقرات، ولا يفترض أي شيء حول معالم الفقرة، ولا يحاول أن يقدّرها.
4. أسلوب خوارزمية تعظيم التوقعات: وهي طريقة تستعمل لتقدير البيانات المفقودة، ويتضمن أسلوب خوارزمية تعظيم التوقعات أو ما يعرف باسم أسلوب (EM) عمليات تكرارية تدور بين خطوة التوقع وخطوة التعظيم، يتم فيها الحصول على تقدير للبيانات المفقودة.
5. طريقة حساب قيم تعويضية متعددة: وهي طريقة تستعمل لتقدير البيانات المفقودة، وتم اقتراحها لأول مرة من قبل روبن في عام 1987 ميلادية ، حيث تم تطويرها كبديل للأساليب القديمة، وفيه يتم استبدال كل قيمة مفقودة بمتوسط قيم من القيم المختارة عشوائياً، وتعتبر هذه الطريقة جذابة لمعالجة مشكلة البيانات المفقودة، لأنها تعالج البيانات المفقودة قبل التحليل الفعلي لها من خلال عدة قيم منسوبة.
6. طريقة حساب قيمة تعويضية للوسط المُصحح للفقرة: في هذه الطريقة يتم تعويض القيم المفقودة للمفحوص، وذلك من خلال استجاباتها واستجابات المفحوصين الآخرين على نفس الاختبار.

بنهاية هذا المقال نكون قد عرضنا مفهوم القيم المفقودة بالنسبة للتحليل الإحصائي وكيفية ترميز القيم المفقودة في برنامج التحليل الإحصائي SPSS، بدايةً من مفهوم القيم المفقود وصولاً إلى كيفية ترميز القيم المفقودة والتعامل معها، مع تحيات شركة دراسة للاستشارات وخدمات البحث العلمي والترجمة.