تُظهر الأمثلة التطبيقية التالية مدى قدرة الباحث على تفسير المعطيات العلمية وربطها بالأهداف والأدبيات السابقة، بعيدًا عن السرد الوصفي للبيانات. وتعتمد قوة المناقشة على وضوح العلاقة بين النتيجة ودلالتها العلمية، وما تعكسه من فهم للظاهرة المدروسة. فيما يلي نماذج تحليلية يمكن اعتمادها كمرجع منهجي عند كتابة مناقشة النتائج:
1- مثال تطبيقي في التربية
النتيجة: أظهرت البيانات وجود علاقة إيجابية ذات دلالة إحصائية بين المشاركة الصفية والتحصيل الدراسي لدى طلاب المرحلة الثانوية.
المناقشة: يشير هذا الارتباط إلى أن انخراط الطلاب في الأنشطة الحوارية داخل الصف يسهم في تعزيز الفهم العميق للمعارف وبناء بنية معرفية أكثر ثباتًا. ويتسق هذا مع ما توصلت إليه دراسات سابقة أكدت أهمية التفاعل الصفي في تنمية مهارات التفكير العليا. ويُعزى ذلك إلى توفير بيئة آمنة للتعبير عن الأفكار وتلقي التغذية الراجعة في الوقت المناسب، مما يحفز الدافعية الداخلية للتعلم.
2- مثال تطبيقي في العلوم الصحية
النتيجة: أظهرت الدراسة ارتفاعًا ملحوظًا في وعي المرضى بطرق الوقاية بعد تطبيق برنامج التثقيف الصحي.
المناقشة: تدل هذه الزيادة على فاعلية التدخل التثقيفي في تغيير السلوكيات الصحية باتجاه الممارسات الوقائية. وهذا ينسجم مع الأدبيات التي تؤكد دور التعليم الصحي في تقليل المخاطر الصحية وتعزيز جودة الحياة. ويمكن تفسير ذلك بوضوح الرسائل التوعوية وملاءمتها لاحتياجات الفئة المستهدفة، إضافةً إلى استخدام استراتيجيات تعليمية تفاعلية أثبتت نجاحها في تعزيز التذكر والتطبيق الواقعي.
3- مثال تطبيقي في علم النفس
النتيجة: لم تُظهر النتائج فروقًا دالة إحصائيًا في مستويات القلق بين الذكور والإناث.
المناقشة: يبين هذا الاستنتاج أن الفروق الجندرية في القلق قد لا تكون مرتبطة بالنوع البيولوجي بقدر ما ترتبط بعوامل بيئية أو اجتماعية مشتركة. ويختلف ذلك عن بعض الدراسات التي رصدت مستويات أعلى لدى الإناث، مما يدعو إلى توسيع نطاق البحث ليشمل متغيرات ثقافية أو أسرية قد تؤثر في التجربة الانفعالية دون تمييز جندري واضح.
4- مثال تطبيقي في الإدارة
النتيجة: أظهر العاملون مستويات أعلى من الرضا الوظيفي في المؤسسات التي تتبنى أنماطًا قيادية تشاركية.
المناقشة: يشير هذا الارتفاع إلى أثر القيادة التحفيزية في تعزيز ارتباط العاملين بمؤسساتهم ودعم الشعور بالانتماء. وتدعم هذه النتيجة الأطر النظرية التي تربط القيادة التشاركية بالتحفيز الداخلي، إذ يشعر العاملون بأنهم جزء من عملية صنع القرار، مما يزيد التزامهم بتحقيق الأهداف التنظيمية.
تقوم مناقشة النتائج الناجحة على تقديم نتيجة محددة ترتكز على، تفسير دلالتها العلمية، وربطها بالأدبيات النظرية، وتوضيح قيمتها التطبيقية، والإشارة إلى حدودها إن وجدت. بهذا الأسلوب تُصبح المناقشة جسرًا حقيقيًا بين البيانات والغاية البحثية، وتتحول النتائج من أرقام جامدة إلى معرفة مُفسَّرة ذات قيمة علمية.