تشهد الجامعات السعودية تحولًا واضحًا نحو دمج الذكاء الاصطناعي في منظومة البحث العلمي، مع وضع سياسات تنظيمية تهدف إلى الاستفادة من قدراته دون الإخلال بمعايير النزاهة والجودة الأكاديمية. وتعكس هذه السياسات التوازن بين دعم الابتكار الرقمي وحماية الممارسات البحثية من المخاطر المرتبطة بالاستخدام غير المنضبط، مما يجعل الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة لا بديلًا عن التفكير العلمي، ومن أهم هذه السياسات:
1- تأكيد دور الباحث وعدم الاعتماد الكامل على الأدوات التوليدية
تركز السياسات على أن استخدام الذكاء الاصطناعي يجب أن يتم بصفته أداة مساعدة، مع بقاء إنتاج المعرفة مسؤولية الباحث. ويشمل ذلك منع كتابة الرسائل أو الأقسام البحثية بشكل كامل عبر أدوات الذكاء الاصطناعي دون إشراف أو مراجعة.
2- إلزام الباحث بالإفصاح عن استخدام الذكاء الاصطناعي
تطلب الجامعات من الباحثين ذكر الأدوات الرقمية المستخدمة في جمع البيانات أو تحليلها أو صياغة النصوص داخل قسم المنهجية أو قسم الشكر. ويهدف هذا الإفصاح إلى تعزيز الشفافية وتسهيل تقييم جودة العمل البحثي.
3- حماية الخصوصية والالتزام بأخلاقيات البيانات
تُلزم الجامعات الباحثين بعدم إدخال البيانات الحساسة في منصات الذكاء الاصطناعي التي تعمل عبر خوادم غير محمية. وتشدد على احترام سرية معلومات المشاركين، خاصة في الدراسات الطبية والاجتماعية والتعليمية.
4- منع الاستلال والالتزام بقواعد النزاهة الأكاديمية
تعتمد السياسات على فحص الرسائل والأبحاث عبر برامج كشف الانتحال، للتأكد من أن المخرجات المنتجة بمساعدة الذكاء الاصطناعي لا تتضمن نصوصًا منسوخة أو اقتباسات غير موثقة. وتعد مسؤولية الباحث التأكد من أصالة محتواه.
5- ضمان خلو النتائج من التحيزات الخوارزمية
تدعو السياسات الباحثين إلى مراجعة مخرجات الذكاء الاصطناعي نقديًا وعدم الاعتماد الأعمى على المحللات التنبؤية أو التصنيفية. ويشمل ذلك اختبار الخوارزميات ومعرفة حدودها ومدى مطابقة النتائج للإطار النظري.
6- ضبط استخدام الذكاء الاصطناعي في التحليل الإحصائي
تسمح الجامعات باستخدام الأدوات والأتمتة في تحليل البيانات شرط أن يوضح الباحث الخطوات ويبرر اختياره للطريقة التحليلية. وتؤكد السياسات أن الذكاء الاصطناعي لا يغني عن فهم الباحث للمنهج الإحصائي.
7- تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في الكتابة الأكاديمية
تختلف الجامعات في مستوى السماح، إلا أنها تتفق على أن الصياغة النهائية للنص يجب أن تكون من إعداد الباحث، مع إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي للتحسين اللغوي أو التفكير النقدي بشرط المراجعة الكاملة.
تعكس سياسات الجامعات السعودية منهجًا متوازنًا يحفز استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم البحث العلمي، ويضمن هذا الإطار أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة تطوير معرفي لا عنصرًا مسببًا للتشويه أو الانتحال، مما يعزز جودة الإنتاج العلمي داخل البيئة الأكاديمية السعودية.