يجد الباحث نفسه في بداية الطريق أمام تساؤل جوهري: من أين أبدأ في تحديد مشكلة بحثي؟ إن الوصول إلى مشكلة بحثية أصيلة ومجدية لا يأتي عادة من فراغ، بل من عدة مصادر علمية ومهنية يمكن استثمارها بذكاء، ومنها:
أولًا: الدراسات السابقة
تُعد من أهم مصادر استنباط المشكلات البحثية. إذ تكشف مراجعة الأدبيات عن جوانب لم تُدرس بما يكفي أو ثغرات معرفية يمكن البناء عليها. بعض الدراسات تنتهي بجملة "نوصي بمزيد من البحث في... ، وهذه قد تكون بداية لمشكلة جديدة.
ثانيًا: الواقع المهني أو الاجتماعي
يعاني العديد من الممارسين (معلمين، أطباء، إداريين...) من مشكلات متكررة في بيئة العمل، مما يفتح الباب أمام الباحث لتبني مشكلة بحثية حقيقية ذات أثر تطبيقي.
ثالثًا: الخبرات الشخصية للباحث
قد يلاحظ الباحث من خلال تجاربه في التعلم أو الممارسة ظواهر معينة تستحق الدراسة. ومع وجود الخلفية النظرية، يمكن تحويل هذه الخبرات إلى مشكلات علمية قابلة للبحث.
رابعًا: اللقاءات العلمية وورش العمل
الحوارات التي تدور في المؤتمرات أو الندوات قد تثير تساؤلات جديدة أو تسلط الضوء على قضايا لم تُبحث بعد بعمق كافٍ.
خامسًا: المجلات العلمية المحكمة
قراءة المقالات الحديثة تساعد على تتبع الاتجاهات البحثية الراهنة وتحديد المجالات التي لا تزال بحاجة إلى معالجة.
سادسًا: الوثائق الرسمية والإحصاءات
تشير بعض التقارير أو الإحصاءات الحكومية أو المؤسسية إلى تباينات أو اختلالات تستحق الدراسة، وهي مصدر ثمين لمشكلات بحث واقعية.
من الأفضل دائمًا للباحث أن يجمع بين مصدرين أو أكثر لضمان أصالة المشكلة وجدواها، وكذلك لتقوية الجانب النظري عند تبرير أهمية المشكلة.