الإحصاء آلة أو أداة أو وسيلة فقط للوصف والرصد والتسجيل واستخلاص النتائج والاستدلال، ولكن نبقى خبرة الأخصائي النفسي أو الباحث أو المرشد النفسي أو الباحث العلمي أو عالم النفس تبقى صاحبة الصدارة وصاحبة الكلمة الحاسمة في التفسير. بل أن الأرقام ذاتها ليست مقدسة وليست معبرة، في جميع الأحوال، عن الواقع المحسوس أو الملموس، ولنأخذ مثالا بسيطا على ذلك ما يتعرض له مقياس إحصائي كالمتوسط الحسابي من التأثر بالدرجات المتطرفة سلبا أو إيجابا، بحيث الواقع الفعلي، فإذا كان متوسط دخل الفرد لسنوي (100.23) دولارا أمريكيا مثلا، فليس معنى ذلك أن هذا هو المستوى الفعلي لغالبية أفراد المجتمع، بل قد لا نجد واقعياً فرداً واحدا دخله (100.23) والأرقام قد تكون مضللة أحيانا.
يضاف إلى ذلك عبارة الاتجاه الكمي في علم النفس والغوص في الأرقام وتداولها بصورة حرفية آلية جوفاء وصماء، قد جعل البعض يعتمد على جهاز الحاسوب، وأصبح الحاسوب هو الذي يقوم بالفعل بالبحث العلمي اعتبارا من استخراج الدراسات السابقة في تراث الموضوع المراد دراسته فيأتي بفئات صغيرة ومقتضية عن كل بحث إلى استخراج النتائج بعد أن يدس الباحث العلمي فيه معطياته الخام. بل إننا لا نبلغ إذا كان الاعتماد على هذا الحاسوب قد جعل بعض الباحثين، اعتماد عليه، لا يعرفون كيفية الوصول إلى النتائج الإحصائية أو مدلولاتها، ولا كيفية حسابها، وحتى أبسط التقيات الإحصائية كالدرجة التائية والنسبة الفائية والنسبة الحرجة، ونصف المدى الربيعي أو الدرجة الزيدية أو الارتباط الرباعي أو الثنائي وما إلى ذلك. لابد من الاستفادة من التسهيلات التي يقدمها الحاسوب، ولكن ذلك لا يلغي مهارات الباحث العلمي نفسه في علوم الإحصاء والنفس والطب والتربية والاجتماع. من بين التقيات الإحصائية المتقدمة والمستخدمة في البحث النفسي منهج تحليل التباين.