تحليل البيانات الاستدلالي يُستخدم لاستخلاص استنتاجات عامة من عينة بيانات بهدف تعميم النتائج على مجتمع الدراسة. وهو من الأدوات الأساسية في البحث العلمي، لأنه يسمح بالانتقال من الملاحظات الجزئية إلى استنتاجات كلية، وليتم تطبيق التحليل الاستدلالي للبيانات بدقة يجب على الباحث اتباع الخطوات التالية:
1- تحديد مشكلة البحث وصياغة الفرضيات
البداية دائماً مع السؤال البحثي. فالباحث الجيد لا يغرق في الأرقام دون أن يحدد أولاً: ما الذي يريد إثباته أو استكشافه؟
- في البحوث التربوية: قد يكون السؤال هو "هل تؤثر استراتيجيات التعلم النشط على تحصيل الطلاب مقارنة بالطرق التقليدية؟"
- في البحوث الطبية: قد يكون السؤال "هل يقلل دواء معين من مستوى ضغط الدم مقارنة بالدواء التقليدي؟"
- في البحوث الاجتماعية: قد يكون "هل يوجد ارتباط بين المستوى الاقتصادي ومستوى التحصيل الدراسي؟"
بعد صياغة السؤال، تأتي الفرضيات:
- الفرضية الصفرية (H0): لا يوجد فرق أو علاقة.
- الفرضية البديلة (H1): يوجد فرق أو علاقة.
وبالتالي، الفرضية تمثل البوصلة التي يوجه بها الباحث مسار التحليل.
2- اختيار العينة ومستوى القياس
لا يمكن لأي باحث دراسة المجتمع كله، لذا يعتمد على العينات. لكن السؤال هو: كيف يضمن أن العينة تمثل المجتمع؟
- العينة العشوائية البسيطة: تمنح كل فرد فرصة متساوية للاختيار.
- العينة الطبقية: تقسيم المجتمع إلى طبقات (ذكور/إناث، مدن/قرى) ثم أخذ عينات متناسبة.
- العينة العنقودية: اختيار مجموعات كاملة بدلاً من أفراد متفرقين.
أما بالنسبة لمستويات القياس، فهي تحدد نوع الاختبار:
- اسمي (Nominal): مثل النوع (ذكر/أنثى).
- رتبي (Ordinal): مثل ترتيب الطلاب الأول/الثاني/الثالث.
- فئوي (Interval): مثل درجات الحرارة.
- نسبي (Ratio): مثل الوزن أو العمر.
وعليه، اختيار نوع العينة ومستوى القياس له أثر مباشر على مصداقية النتائج.
3- جمع البيانات وتجهيزها للتحليل
حتى أفضل الاختبارات الإحصائية لن تعطي نتائج دقيقة إذا كانت البيانات غير نظيفة. لذلك يجب على الباحث:
- معالجة القيم المفقودة.
- الكشف عن القيم المتطرفة (Outliers).
- اختبار توزيع البيانات (طبيعي أم غير طبيعي).
- التأكد من تجانس التباين في حالة اختبارات المقارنة.
على سبيل المثال، إذا كان لدى الباحث بيانات عن 300 طالب، ووجد أن 30 منهم لم يجيبوا على أسئلة معينة، فهل يحذفهم أم يستخدم طرق إحصائية لتقدير القيم المفقودة؟ هذه القرارات تحدد جودة النتائج النهائية.
4- اختيار الاختبار الاحصائي المناسب
الاختيار الخاطئ للاختبار قد يقود إلى استنتاجات غير دقيقة. لذلك على الباحث أن يربط بين سؤال البحث ونوع الاختبار.
السؤال البحثي
|
الاختبار المناسب
|
هل يوجد فرق بين متوسطين؟
|
T-test
|
هل يوجد فرق بين أكثر من مجموعتين؟
|
ANOVA
|
هل توجد علاقة بين متغيرين اسميين؟
|
Chi-Square
|
هل يمكن التنبؤ بقيمة متغير بناءً على آخر؟
|
الانحدار
|
مثال تطبيقي:
إذا أراد الباحث معرفة ما إذا كان هناك فرق في التحصيل بين طلاب ثلاث مدارس مختلفة، فالاختبار الأنسب هو ANOVA.
5- استخدام البرامج الاحصائية (SPSS، R، Excel، Python)
لم تعد العمليات الحسابية اليدوية كافية، بل ظهرت برامج متخصصة على سبيل المثال:
- SPSS: الأكثر استخداماً في العلوم الاجتماعية. سهل ويدعم معظم الاختبارات.
- R: مفتوح المصدر، قوي جداً، مناسب للتحليلات المتقدمة.
- Excel: متوفر للجميع، لكنه محدود في الاختبارات الاستدلالية.
- Python: مرن وقوي للتعامل مع البيانات الضخمة (Big Data).
وبالتالي، اختيار البرنامج الاحصائي يعتمد على مهارة الباحث وطبيعة البيانات.
6- تفسير النتائج الإحصائية
بعد إجراء التحليل، يأتي التفسير. وغالباً ما يعتمد الباحث على قيمة p-value:
- إذا كانت أقل من 0.05 → النتيجة دالة إحصائياً.
- إذا كانت أكبر من 0.05 → لا توجد دلالة إحصائية.
لكن يجب التنبيه إلى أن الدلالة لا تعني الأهمية العملية. فقد تكون الفروق بين المجموعات صغيرة وغير مؤثرة رغم أنها دالة إحصائياً.
على سبيل المثال:
إذا كان متوسط درجات مجموعة = 75، وأخرى = 76، وقيمة (p) = 0.04، فهل هذا الفرق ذو معنى عملي؟ ربما لا.
لذلك يُفضل النظر أيضاً إلى حجم التأثير (Effect Size) الذي يوضح مدى قوة العلاقة أو الفرق.
لمعرفة خطوات كتابة فصل التحليل الإحصائي في الرسائل الجامعية، يمكنك الرجوع إلى هذا المقال الذي يوضح كل مرحلة بالتفصيل.