يُعد المشاركون في البحث العلمي حجر الزاوية في الدراسات الميدانية، إذ يمثلون المصدر الأساسي للبيانات التي تُبنى عليها النتائج والاستنتاجات. ولذلك، فإن التعامل معهم يتطلب وعيًا أخلاقيًا يحترم حقوقهم ويحافظ على نزاهة البحث. فيما يلي أبرز الإرشادات التي يجب أن يلتزم بها الباحث أثناء تعامله مع المشاركين في مرحلة جمع البيانات:
1- تقديم تعريف واضح بالدراسة وأهدافها
ينبغي للباحث أن يُعرّف نفسه بوضوح، ويوضح للمشارك طبيعة البحث وأهدافه، وكيفية استخدام البيانات، وما إذا كان هناك أي مخاطر أو منافع مترتبة على المشاركة. هذا التمهيد يخلق علاقة شفافة ومبنية على الثقة.
2- الحصول على الموافقة المستنيرة
يجب ألا يبدأ الباحث بجمع البيانات من أي مشارك دون موافقة صريحة منه، شفهية أو كتابية، بعد أن يكون قد فَهِم ما يتطلبه منه البحث. كما يجب التأكيد على أن المشاركة طوعية، وله الحق في الانسحاب في أي وقت دون تبعات.
3- التعامل باحترام وإنصاف
على الباحث أن يعامل جميع المشاركين دون تمييز، وأن يظهر الاحترام الكامل لآرائهم، وخلفياتهم الثقافية، ومستوى وعيهم، وألا يُصدر أحكامًا خلال جمع البيانات.
4- حماية السرية والخصوصية
يجب على الباحث أن يتجنب توجيه أسئلة قد تُسبب الإحراج، أو تُفضي إلى انتهاك الخصوصية، وأن يطمئن المشاركين إلى أن بياناتهم ستُستخدم لأغراض علمية فقط، مع اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية الهويات.
5- تجنّب الضغط أو التأثير
ينبغي على الباحث ألا يُمارس أي ضغط مباشر أو غير مباشر على المشاركين، وألا يُقدّم وعودًا أو حوافز تَحمل طابع الإغراء الذي يُفقد المشاركة طوعيتها، خاصة في الدراسات التي تشمل فئات مستضعفة.
6- التكيّف مع ظروف المشاركين
يُستحسن أن يُراعي الباحث ظروف المشاركين من حيث الوقت والمكان، وأن يُظهر مرونة في ترتيب الجلسات أو المقابلات، بما يُراعي التزاماتهم الشخصية والمهنية.
7- إتقان مهارات التواصل الفعّال
يجب على الباحث أن يُظهر استماعًا نشطًا، واستخدام لغة واضحة ومناسبة لمستوى المشارك، مع تجنّب المصطلحات المعقّدة، والانتباه للغة الجسد والتفاعل الإيجابي.
8- الامتناع عن إلحاق الأذى
سواء كان الأذى نفسيًا أو اجتماعيًا أو معنويًا، ينبغي أن يُجنّب الباحث المشارك أي مواقف قد تُشعره بالإهانة، أو التوتر، أو التشويش الذهني. وهذا يتطلّب فطنة، وتعاطفًا، وحساسية اجتماعية.
9- توثيق البيانات بمهنية وشفافية
يجب تسجيل إجابات المشاركين بدقة دون تحريف أو اختزال، واحترام رغبتهم إذا ما طلبوا التوقف أو حذف إجابة معينة، أو الامتناع عن تسجيل جزء من الحديث.
10- شكر المشاركين وتقديرهم
من المهم أن يُنهي الباحث الجلسة بتوجيه الشكر للمشارك على وقته وتعاونه، ويمكن – إذا اقتضت الضرورة – تزويده بنسخة من نتائج البحث أو ملخص مفيد يوضّح كيف سيساهم في المعرفة العلمية.