ارتكاز التعلم على الإدراك في النظرية الجشطلتية
تعتبر النظرية أن التعلم يتمثل بالمظهر المعرفي، فهو يتعلق بإدراك الحقيقة العلمية من خلال معرفة كيفية ارتباط الأجزاء المكوّنة للبنية الكليّة للمعرفة العلمية.
فالإدراك يؤدي إلى القدرة على فهم التفاصيل من خلال تناولها من منظور استنتاج أحداث متتابعة تؤدي إلى حدوث الحقيقة العلمية.
ويكون إدراك المادة العلمية منتظماً إذا تحققت لدى المتعلم عملية فهم تتابع الترابط بين المكونات الكلية للبنية الداخلية الأساسية للكل.
ومن خلال ذلك ينتقل إدراك وفهم المتعلم للتفاصيل، إلى الإدراك الشامل. ليُحدِث أثراً في الذاكرة من شأنه ترسيخ عملية التعلم لدى المتعلم.
إعادة تنظيم المفاهيم
تتصف عملية التعلم بأنها عملية الانتقال من حالة عدم المعرفة إلى المعرفة. وليتم ذلك، يمر المتعلم بالعديد من الحلقات المبهمة المليئة بالغموض.
ويحدث التعلم عندما يتحول الغموض في المفاهيم إلى الوضوح الكلّي. وليتم ذلك يلزم إعادة ترتيب المفاهيم التي تم إدخالها عن طريق الإدراك.
أي أنه في المرحلة الأولى من التعلم يتم إدراك المفاهيم وتصنيفها. ليتم لاحقاً تمييز الغموض في المفاهيم المدركة، وإيجاد النقاط التي من شأنها توضيح هذا الغموض.
ولكي يحدث ذلك بالصورة الصحيحة لابد من إعادة تنظيم هيكليّة المفاهيم المدركة.
التعلم بالاستبصار يمنح ما نتعلمه القيمة
يقصد بالاستبصار فيما نتعلمه هي محاولة فهم وإدراك الجزئيّات الأساسية للمسألة التي نتناولها في التعلم. من خلال ذلك تبرز القيمة العلمية الحقيقية للمسألة.
فمثلاً عندما نتعلم قانوناً من قوانين الفيزياء ونتناوله على أنه من المسلّمات، فإن ذلك يفقد القانون قيمته العلمية، فيما لو تناولنا القانون بطريقة الاستبصار. أي التفكر بالكيفية التي أدت إلى وضع هذا القانون واعتماده.
كذلك في القوانين الرياضية البسيطة عند تعليمها للطفل (كجداء الأعداد). إذا تم تعليمه بطريقة الحفظ فإن ذلك يخلق نوعاً من الجفاف، يؤدي إلى عدم معرفة قيمة ما يتعلمه الطفل.
بينما لو تعلم الطفل ذلك من خلال جعله يستبصر بالناتج وظهورها، فإن ذلك يؤدي إلى وصف القيمة العلمية الصحيحة للمتعلم.
التعلم بالاستبصار وتجنب الأخطاء
- يمكّن الاستبصار المتعلم من تمييز الأسباب الحقيقة وراء النتائج، ومن هذا المنطلق فسرت الجشطلتية السلوكيات لدى الكائنات.
فمثلاً في تجارب الفئران يرى أنصار هذه النظرية أن الفأر اكتسب معرفته من خلال سيره في المتاهة وإداركه للبيئة المحيظة. وهذه المعرفة مكّنته من تجنّب الوقوع في خطأ السير بالمسار المسدود، وأدرك الطريق الصحيح للوصول إلى الطعام.
- كما توضّح أن المرء يتصرف سلوكيّا بناءً على استبصاره بالنتائج المترتبة على سلوك معيّن من خلال تحليله للموقف ومكوناته وظروفه.
- كذلك فقد أكدت النظرية أن التطبيق الرتيب للفوانين والنظريات دون التأمل في ظروف الموقف أو المشكلة في سبيل الإحاطة التامة بها، يؤدي إلى سلوك يتصف بالغباء.
بالتالي فإن الفهم الصحيح للمواقف يؤدي إلى التطبيق الأفضل للقوانين. كما من الممكن أن يؤدي للانتقال إلى أفكار ومفاهيم جديدة.
نتائج الاستبصار؛ مكافئة التعلم عند النظرية الجشطلتية
ركزت المدرسة السلوكية على ضرورة المكافئة في تعزيز تعلم الكائن للسلوك المطلوب، لكنّ الجشطلتية رفضت التعزيز رفضاً نهائياً في التعلم.
ويعتبر أنصار هذه النظرية أن المكافئة الحقيقية للمتعلم تتمثل بالقيمة العلمية التي يضيفها المتعلم لفكره. وفي تمكّنه من التغلب على الغموض في المواقف العلمية والحياتيّة المستعصية وإحالتها إلى الوضوح والفهم والإدراك التام.