منهج دراسة الحالة في البحث العلمي

يعد منهج دراسة الحالة في البحث العلمي أحد المناهج العلمية التي تستخدم في جمع معلومات كافية عن شخص محدد أو حدث معين أو جماعة معينة، بحيث يستطيع الباحث أن يفهم بشكل فعال كيف تعمل هذه الظاهرة أو الحالة، ويعد منهج دراسة الحالة  ليس أسلوباً لجمع البيانات فقط بل هو منهج بحثي يضم عدداً من أساليب القياس.

لذلك حرص المقال الحالي على توضيح ماهية منهج دراسة الحالة وذلك من خلال مناقشة بعض النقاط الهامة والتي تتمثل في الآتي:

1. منهج دارسة الحالة في البحث العلمي هو أحد المناهج البحثية والذي من خلاله يمكن جمع البيانات ودراستها بحيث يمكن رسم صورة كلية لوحدة معينة في علاقاتها المتنوعة وأوضاعها الثقافية.
2. منهج دراسة الحالة أحد مناهج الدراسات الوصفية و أسلوب من أساليب البحث الوصفي الذي يزود الباحث ببيانات كمية وكيفية عن عوامل متعددة تتعلق بفرد أو مؤسسة أو عدد قليل من الأفراد.
3. هو أسلوب يقوم على جمع البيانات والمعلومات عن حالة فردية واحدة أو عدد من الحالات من أجل الوصول إلى فهم أعمق للظاهرة المدروسة وما يشبهها من ظواهر أخرى.

يستخدم منهج دراسة الحالة في البحث العلمي في حالات متعددة نذكر من أهمها:

1. عند الرغبة في دراسة المواقف المختلفة للوحدة دراسة تفصيلية في مجالها الاجتماعي أو الثقافي.
2. حين يريد الباحث معرفة التطور التاريخي للوحدة محل الدراسة.
3. عند رغبة الباحث في أن يسير غور الحياة الداخلية لفرد أو أفراد معينين بدارسة حاجاتهم الاجتماعية واهتماماتهم ودوافعهم.
4. يستخدم كأحد الأساليب المكملة عندما يحتاج الباحث توضيح جانب منعين من جوانب بحثه أو تفسير نتائج معينة بصورة مستفيضة.
5. يستخدم في كثير من الأحوال كمنهج تكميلي للدراسات المسحية.
6. يساعد في جمع بيانات لفهم شخصية الفرد الذي يعاني من مشكلة اجتماعية أو نفسية ما من أجل معرفة الظروف التي ظهرت فيها المشكلة محل الدراسة.
7. يستخدم في دراسة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، ومن أمثلة ذلك الدراسات التي تهتم بالأسرة وظروف العمل ومستوى الأجور ونفقات المعيشة والبطالة وما إلى ذلك.

تكمن أهمية دراسة الحالة في توفير فهم عميق للظواهر والتغيرات التي تحدث في سياق محدد، إذ  تساعد الباحثين والمختصين على فهم التحولات والأسباب التي أدت إلى حدوثها، ومن ثم الحصول على نتائج قابلة للتطبيق، ويمكن تلخيص الأهمية في النقاط التالية:

1. توفير رؤية عميقة وشاملة للمشكلة أو الحالة والمساعدة في فهم التحولات والمعطيات المهمة التي يمكن أخذها في الاعتبار أثناء الدراسة.
2. فهم التفاعلات والعلاقات بين المتغيرات والعوامل المختلفة في الحالة المدروسة، نستطيع فهم الظواهر والسياق الذي يؤثر على النتائج.
3. المساعدة في تحديد الروابط والاتجاهات بين المتغيرات وتحديد العوامل المؤثرة في نجاح أو فشل الحالة المدروسة.
4. يتيح فهم التفاعلات والعلاقات بين المتغيرات تحليل الحالة بشكل أفضل وتحديد العوامل التي يمكن تطويرها أو تحسينها لتحقيق نتائج أفضل في المستقبل.
5. ربط النظريات والمفاهيم بالظواهر الفعلية والمشكلات الحقيقية في أرض الواقع.
6. يحرص المنهج على تطبيق النظريات واختبار صلاحيتها وفعاليتها في حالات الدراسة المعينة.
7. يساعد على تحليل وتفسير التحولات والمعطيات المدروسة وتوضيح أثرها على الواقع.
8. تحليل الأسباب والعوامل المؤثرة وتحديد الأسباب الرئيسية والمترابطة التي تؤدي إلى حدوث المشكلة أو الظاهرة المدروسة.
9. تحليل الأسباب والعوامل المؤثرة التي تتيح رؤية شاملة للأسباب ويمكن استخدامه في اتخاذ القرارات الملائمة لحل المشكلات المحددة ومنع حدوثها مستقبلاً.

يوجد نوعان أساسين من دراسة الحالة وهما:

أولًا: دراسة الحالة الفردية:

يمكن لها أن تركز على وحدة تحليل واحدة، على سبيل المثال فرد واحد أو منظمة أو برنامج للدراسة أو فئة من الطلاب في مدرسة محددة، إذا تم إشراك المزيد من الوحدات في الدراسة، فإنها تصبح دراسة حالة شاملة.

ثانيًا: دراسة الحالات المتعددة:

هي على عكس دراسة الحالة الفردية، إذ تحاول دراسة الحالات المتعددة فهم الاختلافات واستكشاف أوجه التشابه بين الحالات، فإن اختيار دراسة الحالات المتعددة يقع في احتمالين وهما:

1. التكرار الحرفي والذي تتشابه فيه الحالات المختارة وتبنى على أساس افتراض الحصول على نتائج مشابهة.
2. التكرار النظري والذي يتم فيه اختيار الحالات بناء على افتراض أنها ستؤدي إلى نتائج مختلفة.

يمكنك الاطلاع أيضًا على بحوث تصميم الحالة الواحدة

يتم جمع البيانات في منهج دراسة الحالة من خلال الاستعانة بمجموعة من الأدوات من أهمها:

1. الملاحظة.
2. المقابلات.
3. الفحوص والاختبارات.
4. الاعتماد على الوثائق والسجلات.

أولاً: الملاحظة:

1. على الباحث الذي يستخدم هذا المنهج أن يعمد إلى الملاحظة المباشرة لكي يلاحظ الشخص وتصرفاته وخصائصه.
2. يتوجب على الباحث مشاهدة المنطقة التي يسكن فيها الشخص محل الدراسة ونوع السكن الذي يقطنه ويزور الأسرة ويشاهد معيشتهم على الطبيعة ويلاحظ تصرفات الأبوين والإخوة ويقيم العلاقات داخل الأسرة.

ثانياً: المقابلات:

1. يمكن للباحث عند الاستخدام أن يجري مقابلات مع الأشخاص الذين يمتلكون معرفة وثيقة بالحالة محل الدراسة.
2. فإذا كان الباحث يقوم بدراسة شخصية محددة يمكن له مقابلة الأبويين والأصدقاء والمديرين في العمل أو المدرسة ومعلميه وغيرهم من الذين لهم تواصل مع الشخص محل الدراسة. والذين من المحتمل أن يقدموا له معلومات قد تساعده في تفسير حالة الفرد محل الدراسة.

ثالثاً: الفحوص والاختبارات:

1. على الرغم من أن منهج دراسة الحالة أحد الدراسات الوصفية الغير كمية إلا أن الباحث يستطيع اللجوء إلى المعلومات الكمية أيضاً.
2. يمكن إحالة الشخص إلى طبيب أو أخصائي لإجراء التحليلات التفصيلية الصحية للشخص، أو إخضاعه للاختبارات النفسية والعقلية للحصول على مؤشرات كمية عن حالة الشخص محل الدراسة.

رابعاً: الاعتماد على الوثائق والسجلات:

1. يستطيع الباحث الاستفادة من السجلات والوثائق عند استخدامه في البحث العلمي والتي قد تلقي الضوء على الحالة.
2. يمكن للباحث الاطلاع على السجلات المدرسية والصحية أو السجلات الرسمية مثل المحاضر والوثائق الموجودة في المؤسسات وغيرها لتمكنه من الحصول على المعلومات التي تفيدة في دراسة الحالة.

يتضمن منهج دراسة الحالة لظاهرة ما مجموعة من الخطوات الرئيسية والتي تأتي بعد تحديد المشكلة البحثية وهي:

1. تحديد أهداف الدراسة من خلال تحديد موضوع الدراسة أو الظاهرة المدروسة وكذلك تحديد لوحدة الدراسة وخصائصها.
2. إعداد مخطط البحث أو الدراسة لتساعد الباحث في تحديد مساره واتجاه سيره وتمكنه من تحديد أنواع البيانات والمعلومات المطلوبة والطرق المناسبة لجمعها وأساليب تحليلها.
3. جمع المعلومات من مصادرها وبالوسائل المختلفة كما سبق وذكرناها في الفقرة السابقة.
4. تنظيم وعرض وتحليل البيانات بالأساليب التي يرى الباحث أنها تخدم أهداف بحثه ودراسته.
5. النتائج والتوصيات حيث يوضح الباحث النتائج التي تم التوصل إليها وأهميتها وإمكانيات الاستفادة منها في دراسات أخرى.

تنقسم أهداف منهج دراسة الحالة إلى نوعين:

1. أهدف مباشرة.
2. أهداف غير مباشرة.

أولاً: الأهداف المباشرة:

1. فهم وتقييم شخصية الفرد.
2. التعرف على نمط الحياة الذي يعيش فيه وبيئته الاجتماعية.
3. الكشف عن الظروف التي ظهرت فيها المشكلة لأن كل موقف يحتوي على عوامل مختلفة تتفاعل مع بضعها بنسب متفاوتة مما يخلق الموقف الذي يتعرض الفرد إليه.

ثانياً: الأهداف الغير مباشر:

1. التعرف على السمات المشتركة لبعض المشكلات النوعية في مجال خدمة الفرد.
2. اختيار الفروق بعد دراسة عدد معين من الحالات تمثل تمثيلاً مناسباً للفئة التي أخذت منها، وتعديلها أو تدعيمها وفقاً لنتائج الاختبارات.
3. تحديد المعيار الأمثل لأساليب القابلة، والاتصال بالمصادر المختلفة من واقع الحالات المتطرفة إيجابياً وسلبياً والحالات العادية على السواء.

يحقق استخدام منهج دراسة الحالة في البحث العلمي مجموعة من المميزات من أهمها:

1. توفير معلومات تفصيلية وشاملة ومتعمقة عن الظاهرة محل الدراسة وبشكل لا توفره أساليب أو مناهج بحثية أخرى.
2. يساعد في تكوين واشتقاق فرضيات جديدة وبالتالي يفتح الباب أمام دراسات أخرى في المستقبل.
3. يمكن من خلاله الوصول إلى نتائج دقيقة وتفصيلية حول وضع الظاهرة المدروسة مقارنة بأساليب ومناهج بحث أخرى.
4. يركز الباحث فيه على حالة واحدة ولا يشتت جهده في دراسة موضوعات متعددة.
5. يتميز بطبيعته الاستكشافية التي تتميز بغياب السيطرة على المتغيرات مما يسمح لها أن تتغير كما تشاء وتزداد إمكانية كشف نتائج جديدة.

على الرغم من وجود مميزات لمنهج دراسة الحالة في البحث العلمي إلا أنه يشوبه بعض العيوب وهي:

1. وجود مشكلات أخلاقية غير معتادة.
2. تركيز الباحث عن قصد أو غير قصد على النتائج التي يرغب في الإبلاغ عنها.
3. مسائل الصدق ومعامل الاتساق الداخلي.
4. نقص الدقة في دراسة الحالة الذي يعزي إلى مشكلة التحيز بسبب شخصانية الباحث.

من الممكن أن يقع الباحث في بعض الأخطاء الشائعة عند استخدامه في البحث وهي:

1. أن يجد الباحث صعوبة في تعميم نتائج هذا المنهج على حالات أخرى مشابهة للظاهرة محل الدراسة.
2. تحيز الباحث في بعض الأحيان عند تحليل وتفسير نتائج الظاهرة المدروسة، الأمر الذي يجعل الباحث عنصرا غير محايد مما يجعل النتائج تبتعد عن الموضوعية.
3. وجود عنصر الذاتية والحكم الشخصي في اختيار الحالات وفي جمع البيانات والمعلومات مما يجعل منهج دراسة الحالة يفتقر إلى الموضوعية.
4. عدم صحة البيانات المجمعة أحياناً، لأن الشخص المبحوث قد يتعاطف مع الباحث بالمعلومات التي يرى أنها ترضى القائم على البحث وليس بالضرورة كما حدثت. وقد يندفع إلى المبالغة والتركيز على الجوانب التي تدعم موقفه، ويتجنب الجوانب التي تتناقض معه.

1. دراسة تحت عنوان "العلاقة التكاملية بين إدارة الجودة الشاملة وتحسين الأداء (دراسة تطبيقية في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا).
2. تقييم جودة العلمية التعليمية في جامعة عدن حالة كلية العلوم الإدارية.
3. دور نظم المعلومات في إدارة المؤسسات الحكومية حالة وزارة التربية والتعليم في الجمهورية اليمنية.

لمزيد من المعلومات عن منهج دراسة الحالة يمكنك الاطلاع على نسخة إلكترونية من منهج دراسة الحالة pdf والتحميل المباشر بصورة مجانية من خلال الرابط التالي (بحث حول منهج دراسة الحالة pdf).

المحمودي، محمد سرحان علي. (2019). مناهج البحث العلمي. ط3. دار الكتب.

الجادري، عدنان وقنديلجي، عامر وبني هاني، عبدالرازق وأبو زينه، فريد. (2006). مناهج البحث العلمي الكتاب الاول أساسيات البحث العلمي.  مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع.

عليان، ربحي مصطفى. (2008). البحث العلمي أسسه مناهجه وأساليبه إجراءاته. بين الأفكار الدولية.

1. المنهج الاستدلالي في البحث العلمي
2. المنهج المقارن
3. المنهج الوصفي | خطواته، أهميته، أمثلة عليه
4. المنهج التاريخي في علم السياسية
5. منهج المسح الاجتماعي