طلب خدمة
استفسار
×

التفاصيل

عدد المشاهدات(11)

الفرق بين المنهج الكمي والنوعي في البحث العلمي


 

عندما يشرع الباحث في إعداد دراسة علمية، فإن أحد أهم القرارات التي يتعين عليه اتخاذها يتمثل في اختيار المنهج المناسب لتنفيذ بحثه. هذا القرار لا يعتمد فقط على تفضيلات الباحث، بل يرتبط بطبيعة المشكلة البحثية، نوع البيانات المطلوبة، وأهداف الدراسة. ويُعتبر كل من المنهج الكمي والمنهج النوعي من أبرز المناهج المستخدمة في البحث العلمي، ولكل منهما مميزاته واستخداماته.

يتناول هذا المقال الفرق بين المنهج الكمي والنوعي في البحث العلمي بطريقة مبسطة وشاملة. كما سنجيب عن أسئلة متكررة من نوع: ما هو المنهج الكمي؟ متى يستخدم الباحث المنهج الكمي؟ ما هي أدوات وخصائص المنهج الكمي؟ ومتى يُفضل استخدام المنهج النوعي؟ وسنختم بتوجيهات تساعد الباحث على اختيار المنهج الأنسب لدراسته.

ما هو المنهج الكمي؟

 

المنهج الكمي هو أسلوب بحثي يعتمد على تحليل البيانات الرقمية والإحصائية بهدف فهم الظواهر وتفسير العلاقات بين المتغيرات. يُستخدم هذا المنهج عندما يكون الهدف من البحث قياس ظاهرة معينة بشكل دقيق، وتحديد مدى تأثير متغيرات معينة على متغيرات أخرى باستخدام أدوات قياس موضوعية.

في هذا السياق، يتناول الباحثون البيانات القابلة للقياس الكمي ويستخدمون تقنيات رياضية وإحصائية لاستخلاص النتائج. يتميز المنهج الكمي بالقدرة على تعميم النتائج إذا ما تم تطبيقه على عينة ممثلة من مجتمع الدراسة.

متى يستخدم الباحث المنهج الكمي؟

 

من المهم أن يعرف الباحث متى يكون استخدام المنهج الكمي هو الخيار الأنسب لبحثه. فاختيار المنهج الخاطئ قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة أو غير مفيدة. بشكل عام، يُستخدم المنهج الكمي في الحالات التالية:

  • عند وجود فرضيات محددة وقابلة للقياس، يرغب الباحث في اختبارها إحصائيًا.

  • عندما تكون البيانات المطلوبة رقمية أو يمكن تحويلها إلى أرقام قابلة للتحليل.

  • في الدراسات التي تهدف إلى تحديد العلاقة بين متغيرات، مثل تأثير التعليم على مستوى الدخل.

  • عندما يسعى الباحث إلى تعميم النتائج على مجتمع أكبر بناءً على عينة ممثلة.

  • في البحوث التجريبية، حيث يتم التحكم في المتغيرات المستقلة لمعرفة أثرها على المتغيرات التابعة.

  • في الدراسات الوصفية واسعة النطاق، مثل دراسات المسح الاجتماعي أو استطلاعات الرأي.

الباحث الذي يطمح إلى نتائج دقيقة، قابلة للقياس، ومعممة على جمهور واسع، سيجد أن المنهج الكمي هو الأداة المناسبة لتحقيق أهدافه البحثية.

خصائص المنهج الكمي

 

لدى المنهج الكمي مجموعة من الخصائص التي تميّزه عن غيره من المناهج، ومن أبرزها:

  1. الموضوعية والحيادية: يعتمد على أدوات قياس رقمية لا تتأثر برأي الباحث أو معتقداته.
  2. قابلية التكرار: يمكن تكرار الدراسة باستخدام نفس الأدوات على عينة مختلفة للحصول على نتائج مماثلة.
  3. التعميم: نتائج المنهج الكمي قابلة للتعميم على المجتمع المستهدف إذا كانت العينة ممثلة.
  4. التنظيم المنهجي: يتّبع الباحث خطوات محددة وواضحة تشمل تصميم الأداة، جمع البيانات، تحليلها، واستخلاص النتائج.
  5. الاعتماد على الإحصاء: تُستخدم التحليلات الإحصائية لاختبار الفرضيات وتفسير البيانات.

تساعد هذه الخصائص الباحث في تقديم نتائج دقيقة وعلمية يمكن الوثوق بها، خاصة في الدراسات التي تتطلب قرارات مبنية على بيانات رقمية واضحة.

 

أدوات المنهج الكمي

 

من أبرز مزايا المنهج الكمي في البحث العلمي أنه يعتمد على أدوات قياس دقيقة ومنهجية، تسمح بجمع بيانات رقمية قابلة للتحليل الإحصائي. وتتنوع أدوات المنهج الكمي بحسب طبيعة الدراسة، ولكنها تشترك جميعها في كونها مصممة لقياس الظواهر بشكل عددي. فيما يلي أهم أدوات المنهج الكمي:

  1. الاستبيانات المغلقة: من أكثر الأدوات استخدامًا، وهي تعتمد على أسئلة مغلقة بإجابات محددة (مثل: نعم / لا، أو مقياس من 1 إلى 5). تُستخدم لجمع بيانات كبيرة بسرعة وكفاءة.
  2. المقاييس والمعايير: تُستخدم لقياس سمات أو اتجاهات معينة لدى المشاركين، مثل مقياس القلق أو مقياس الرضا الوظيفي.
  3. الاختبارات المعيارية: تُستخدم في البحوث التربوية والنفسية، وهي اختبارات تم تطويرها مسبقًا ومجربة علميًا.
  4. التجارب المعملية: تُستخدم في الأبحاث التي تتطلب التحكم في المتغيرات لدراسة العلاقة السببية بينها.
  5. البرامج الإحصائية: مثل SPSS وExcel وR، وتُستخدم لتحليل البيانات وتقديم النتائج باستخدام الأساليب الإحصائية المناسبة.

اختيار الأداة المناسبة يعتمد على نوع المتغيرات، مجتمع الدراسة، وهدف البحث. لذلك يجب أن يُخطط الباحث بعناية لأداة جمع البيانات أثناء إعداد التصميم البحثي.

ما هو المنهج النوعي؟


 

المنهج النوعي هو أحد مناهج البحث العلمي التي تركز على دراسة الظواهر الاجتماعية والإنسانية في سياقها الطبيعي، من خلال التفاعل المباشر مع الأفراد، وتحليل تجاربهم وتفسير سلوكهم ومشاعرهم. على عكس المنهج الكمي، لا يهتم المنهج النوعي بالأرقام، بل يُركّز على الفهم العميق والمعنى.

يعتمد المنهج النوعي على أدوات بحث مفتوحة مثل المقابلات المتعمقة، الملاحظة المباشرة، تحليل المحتوى، والمجموعات البؤرية. ويُستخدم بشكل واسع في العلوم الاجتماعية، والأنثروبولوجيا، والتربية، والإعلام، حيث يصعب التعبير عن الظواهر بأرقام مجردة.

من خصائص المنهج النوعي:

  1. التركيز على التفاصيل والسياق.
  2. دراسة عدد محدود من الحالات بعمق.
  3. تفسير الظاهرة بناءً على وجهة نظر المشاركين.
  4. مرونة التصميم البحثي وتطوره أثناء الدراسة.
  5. الغرض الأساسي هو "الفهم" وليس "القياس".

المنهج النوعي يُعدّ أداة فعالة لفهم الدوافع الإنسانية، والسلوكيات المعقدة، والخلفيات الثقافية والاجتماعية، وهو يكمل المنهج الكمي في كثير من الحالات.

مقارنة بين المنهج الكمي والنوعي في البحث العلمي


لفهم الفرق بين المنهج الكمي والنوعي، من المفيد إجراء مقارنة مباشرة بين الجانبين على أساس مجموعة من الخصائص الأساسية:

 

البند

المنهج الكمي

المنهج النوعي

طبيعة البيانات

رقمية، قابلة للقياس والتحليل الإحصائي

وصفية، تفسيرية ناتجة عن التفاعل مع المشاركين

أسلوب جمع البيانات

استبيانات، مقاييس، اختبارات، تجارب

مقابلات، ملاحظات، تحليل محتوى

الهدف من الدراسة

اختبار فرضيات، تعميم النتائج، قياس العلاقة بين المتغيرات

فهم الظواهر من وجهة نظر الأفراد، تحليل المعاني والسياقات

حجم العينة

كبير ويمثل المجتمع المستهدف

صغير، يُختار بناءً على الغرض البحثي

أسلوب التحليل

إحصائي، رياضي

تأويلي، تفسيري قائم على الفهم العميق

 

مزايا وعيوب كل من المنهج الكمي والنوعي

 

كما هو الحال مع أي أدوات بحثية، فإن لكل من المنهج الكمي والمنهج النوعي مزاياه وقيوده. من المهم أن يكون الباحث على دراية بهذه الجوانب قبل اتخاذ قرار اختيار المنهج.

مزايا المنهج الكمي:

  1. يوفر بيانات دقيقة قابلة للتحليل الإحصائي.
  2. يسهل تكرار الدراسة للحصول على نتائج مماثلة.
  3. يتيح تعميم النتائج على المجتمع عند استخدام عينة مناسبة.
  4. يُستخدم على نطاق واسع في العلوم التطبيقية والطبيعية.

عيوب المنهج الكمي:

  1. لا يقدم تفسيرًا عميقًا لسبب حدوث الظواهر.
  2. قد يهمل السياق الثقافي والاجتماعي للبيانات.
  3. أدواته محدودة في فهم المشاعر أو المواقف المعقدة.
  4. يتطلب إعدادًا دقيقًا وتصميم أدوات متقدمة.

مزايا المنهج النوعي:

  1. يوفر فهماً عميقاً لتجربة المشاركين وظروفهم الاجتماعية.
  2. يسمح بالمرونة في تصميم البحث وتعديله أثناء التنفيذ.
  3. يركز على السياق والخصوصية الثقافية.
  4. يُستخدم لفهم الدوافع، المعاني، والسلوكيات غير الظاهرة.

عيوب المنهج النوعي:

  1. صعوبة تعميم النتائج على مجتمع أكبر.
  2. التحليل قد يكون ذاتيًا ومتأثرًا بوجهة نظر الباحث.
  3. استهلاك وقت وجهد كبير في جمع البيانات وتحليلها.
  4. صعوبة الحصول على عينة تمثيلية بشكل دقيق.

من هنا، يتضح أن لكل منهج استخداماته الخاصة، وأن اتخاذ قرار صحيح يعتمد على طبيعة المشكلة البحثية وأهداف الباحث.

أمثلة على دراسات كمية ونوعية

 

لفهم التطبيق العملي لكل من المنهج الكمي والنوعي، نعرض فيما يلي بعض الأمثلة التي توضح كيفية استخدام كل منهج:

دراسة كمية:

  • موضوع البحث: "تأثير ساعات النوم على الأداء الأكاديمي لطلاب الجامعات."
  • الأدوات: استبانة يحتوي على أسئلة رقمية (عدد ساعات النوم – معدلات الدرجات).
  • العينة: 300 طالب من ثلاث جامعات.
  • التحليل: تحليل إحصائي باستخدام برنامج SPSS.

دراسة نوعية:

  • موضوع البحث: "تجربة الأمهات العاملات في التوفيق بين العمل والحياة الأسرية."
  • الأدوات: مقابلات شبه مهيكلة مع 15 أم من خلفيات اجتماعية مختلفة.
  • التحليل: تحليل محتوى نوعي لاستخلاص الموضوعات المتكررة وأنماط التجربة.
  • الهدف: فهم المشاعر، التحديات، واستراتيجيات التكيف.

دراسة تجمع بين المنهجين (المنهج المختلط):

  • موضوع البحث: "أثر تطبيقات التعليم الإلكتروني على التحصيل الدراسي واتجاهات الطلاب نحوها."
  • أدوات البحث: استبانة رقمي لقياس التحصيل، ومقابلات مع مجموعة من الطلاب لفهم تجربتهم.
  • التحليل: تحليل كمي للبيانات الرقمية وتحليل نوعي للمقابلات.

تساعد هذه الأمثلة في توضيح كيف يمكن للباحث أن يختار المنهج المناسب حسب طبيعة الدراسة، بل وأحيانًا يمكن دمج المنهجين في دراسة واحدة لتحقيق نتائج أكثر شمولًا وعمقًا.

المنهج الكمي مقابل النوعي: أيهما الأفضل للباحث؟

يُعد المنهج الكمي أحد الأساليب العلمية المستخدمة في البحث والدراسة، حيث يهدف إلى جمع البيانات والحقائق المتعلقة بظاهرة معينة، ثم تحليلها ووصفها بدقة، لاستخلاص النتائج والتوصل إلى تعميمات محددة حول الظاهرة المدروسة (الدليمي وصالح، 2014).

أما المنهج النوعي، فهو نهج بحثي يركز على فهم الظواهر الاجتماعية والإنسانية من خلال استكشاف المعاني والتجارب والآراء والمعتقدات والسلوكيات. ويهدف إلى تقديم رؤية متعمقة وشاملة للمشكلة أو الظاهرة المدروسة، بدلاً من الاقتصار على الأرقام والإحصائيات كما هو الحال في المنهج الكمي (الحسيني، 2013).

طبيعة البيانات:

يُركز البحث الكمي على جمع البيانات باستخدام أدوات قياس كمية تُطبق على عينة ممثلة للمجتمع الأصلي، ثم تُحلل تلك البيانات بأساليب إحصائية تتيح الوصول إلى نتائج قابلة للتعميم. أما البحث النوعي، فيعتمد على دراسة الظاهرة في بيئتها الطبيعية بوصفها مصدراً مباشراً للبيانات، حيث تُعرض المعلومات بطريقة وصفية تحليلية باستخدام الكلمات والصور، مع ندرة اللجوء إلى الأرقام (عباس، 2014).

الأدوات البحثية:

يعتمد كل من البحث الكمي والنوعي على أدوات تتناسب مع طبيعته. فالبحث الكمي يستخدم أدوات مثل الاختبارات، والمقاييس، والاستبانات لجمع البيانات. في المقابل، يعتمد البحث النوعي على أدوات مثل المقابلة، والملاحظة، وفحص الوثائق، والتسجيلات. ويتطلب البحث النوعي أن يكون الباحث نفسه أداةً رئيسية لجمع البيانات، مما يستلزم امتلاكه مهارات ملاحظة السلوك، وإجراء المقابلات المباشرة. إذ يتفاعل الباحث مع الأفراد في بيئتهم الطبيعية، ويرصد أنشطتهم، ويستعرض وثائقهم وسجلاتهم، ثم يسجل هذه المعلومات في ملاحظات ميدانية ويوميات بحثية (الحسيني، 2013).

ويعتمد البحث النوعي على طرق العمل الميداني، مثل المقابلة، والملاحظة، وتحليل الوثائق، باعتبارها الوسيلة الرئيسة لجمع البيانات، وتجنب استخدام اختبارات القلم والورقة والأدوات الميكانيكية، ويتعامل الباحث النوعي مع البيانات بشكل كلمات وليس بأعداد أو إحصاء، غير أنه من وقت لآخر، قد يجمع بيانات بصيغة عددية. أما البحث الكمي فإنه يعتمد في الأساس على البيانات في شكل أرقام وأعداد وإحصاءات (أبو علام، 2011؛ الحسيني، 2013).

ويستخدم البحث النوعي بشكل أساسي دراسة الحالة كمنهجية للبحث، وكأداة لجمع البيانات، لدرجة أنه أحيانًا ما يطلق البعض على البحوث الكيفية "دراسة الحالة" لأنها تركز على الحالات، إلا أنه لا يمكن اعتبار كل دراسة الحالة دراسة كيفية، فكثير من دراسات الحالات تتبع في أسلوبها الدراسات الكمية (أبو علام، 2011).

وتعد الأدوات التي يعتمد عليها البحث الكمي هي أدوات معدة مسبقًا، فعندما يشرع الباحث في إجراء بحث كمي، فإنه يقوم أولًا ببناء الأدوات التي سيعتمد عليها في هذا البحث، سواء كانت الأداة اختبارًا أو مقياسًا أو استبيانًا. أما في البحوث النوعية قد لا تكون أدوات البحث معدة مسبقًا، فقد يعتمد الباحث على المقابلة غير المقيدة، والملاحظة غير المعدة مسبقًا (أبو علام، 2011).

إدارة البيانات وتحليلها:

تعد إدارة البيانات وتحليلها في البحوث الكمية سهلة وبسيطة من خلال استخدام برامج إحصائية متعددة، مثل برنامج (SPSS)، أو برنامج (JASP)، أو برنامج (AMOS)، أما إدارة البيانات المولدة من المقابلات والملاحظات وجمع الوثائق في البحوث النوعية تعد عملًا شاقًا يحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد والخبرة، ويعد برنامج (MAXQDA) من أشهر برامج تحليل البيانات المستخلصة في البحوث النوعية وأدواتها المختلفة (أبو علام، 2011؛ الحسيني، 2013).

الصدق والثبات:

  • الصدق والثبات في البحوث الكمية:

تعتمد البحوث الكمية على عدد من أنواع الصدق والثبات للتحقق من صلاحية الأدوات الكمية للاستخدام مع العينات المدروسة، ومن أنواع الصدق للأدوات الكمية ما يلي:

  1. صدق المحتوى: حيث يتم تحديد صدق المحتوى للأداة المستخدمة من قبل الخبراء، وذلك من حيث الحكم على مدى انتماء كل بند للأداة ككل، وملاءمة بنود الأداة لأفراد العينة، وملاءمة الصياغة اللغوية لكل بند (نايف، 2016؛ خليل، 2014).
  2. الصدق باستخدام التحليل العاملي: التحليل العاملي الاستكشافي هو أداة إحصائية تستخدم لاستكشاف البنية الأساسية للبيانات (Osborne & Banjanovic, 2016).

ومن أنواع الثبات للأدوات الكمية ما يلي:

  1. إعادة الاختبار: وهي طريقة تعتمد على تطبيق الاختبار مرتين متتاليتين على نفس المجموعة المتجانسة والممثلة للمجتمع الأصل Population من الأفراد (أحمد، 2010؛ نايف، 2016).
  2. الصور المتكافئة: في هذه الحالة يقوم مصمم الأداة ببناء صورة بديلة منها مكافئة لها، وإيجاد معامل الارتباط بين الصورتين (إسماعيل، 2004).
  3. التجزئة النصفية: وهي تعني تقسيم الأداة إلى صورتين متماثلتين، صورة تمثل الوحدات الفردية والأخرى تمثل الوحدات الزوجية للأداة، ثم يتم حساب معامل الارتباط بين الصورتين (أحمد، 2010؛ إسماعيل، 2004).
  • الصدق والثبات في البحوث الكيفية:

إن البحوث الكيفية بطبيعتها تأويلية، وتفسيرية، واستقرائية، كما أنها تتسم بالتعقيد والشمولية، وتتطلب كمثيلتها الكمية مصداقية وموثوقية عالية، ومن طرق التحقق من الصدق في البحوث النوعية ما يلي:

  1. الصدق الوصفي: Descriptive Validity

وهو يشير إلى دقة الوقائع والمعلومات المرصودة أو الملاحظة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال استراتيجية التقاطع الثلاثي باستخدام عدة ملاحظين (دليو، 2014). ويمكن التحقق من الصدق الوصفي من خلال تطبيق أكثر من طريقة بحثية لدراسة الظاهرة الواحدة، أو استخدام أكثر من نظرية في تفسير النتائج (الزهراني، 2020).

  1. الصدق النظري: Theoretical Validity

وهو يشير إلى الدرجة التي تكون فيها البيانات والمعلومات المجمعة متسقة مع التفسير والأدب النظري للظاهرة. ويمكن أن يتحقق ذلك إذا كانت هناك معقولية نظرية للنتائج (دليو، 2014).

ومن أشهر طرق التحقق من الثبات في البحوث الكيفية ما يلي:

  1. الاعتمادية: Dependability

وهي تقابل الثبات في البحوث الكمية، وتشير إلى مدى تكرار نفس نتائج البحث عند تطبيقه مرة أخرى في ذات السياق، والظروف، كما يُشار إليها بأنها تتحقق بالتناسق والاتساق بين البيانات نفسها، ولا يعني ذلك ضرورة تكرار النتائج مرة أخرى (الزهراني، 2020).

  1. قابلية النقل: Transferability

وهو مصطلح يقابل مصطلح التعميم في البحوث الكمية، وتشير إمكانية نقل النتائج إلى أماكن أخرى وإمكانية تطبيقها في سياقات أخرى (Noble & Smith, 2015).

نصائح للباحثين عند اختيار المنهج المناسب

 

اختيار المنهج المناسب في البحث العلمي هو خطوة محورية تؤثر على جودة البحث ونتائجه. لهذا، يُنصح الباحثون باتباع عدد من الإرشادات الأساسية لضمان اتخاذ قرار مدروس وصحيح:

  1. حدّد طبيعة السؤال البحثي: إذا كان السؤال يسعى إلى قياس أو اختبار علاقة بين متغيرات، فالمنهج الكمي هو الأنسب. أما إذا كان الهدف هو فهم ظاهرة إنسانية أو اجتماعية، فالمنهج النوعي أكثر ملاءمة.
  2. راجع الأدبيات السابقة: الاطلاع على الدراسات السابقة المشابهة قد يساعدك في تحديد المنهج الذي استخدمه الباحثون في مجالك، مما يُوفر لك مرجعية موثوقة.
  3. حدد نوع البيانات المطلوبة: هل تحتاج إلى بيانات رقمية قابلة للقياس؟ أم بيانات وصفية تعتمد على التجربة والتفسير؟ الإجابة على هذا السؤال ستقودك إلى اختيار الأدوات والمنهج الأنسب.
  4. قيّم مواردك المتاحة: بعض المناهج تتطلب وقتًا أطول أو أدوات محددة، لذا تأكد من توفر الإمكانات الفنية والزمنية والبشرية اللازمة لتنفيذ البحث بنجاح.
  5. فكر في جمهورك المستهدف: إذا كان هدفك النشر في مجلة علمية تعتمد على تحليل كمي، فاختر المنهج الكمي. أما إذا كنت تستهدف جمهورًا نوعيًا، فاختر منهجًا يتماشى مع طبيعتهم.
  6. لا تتردد في استخدام المنهج المختلط: في حال كانت دراستك تتطلب قياسًا دقيقًا وفهمًا عميقًا في آن واحد، فإن الجمع بين المنهج الكمي والنوعي قد يكون الخيار الأمثل.

الخاتمة

الفرق بين المنهج الكمي والنوعي لا يعني وجود تعارض أو تفضيل أحدهما على الآخر، بل هو دليل على تعدد الأساليب التي يمكن للباحث استخدامها بحسب طبيعة بحثه. المنهج الكمي يمنحك القدرة على القياس والتحليل والتعميم، بينما يوفر لك المنهج النوعي فهمًا أعمق للظواهر والسلوكيات في سياقاتها الطبيعية.

عندما يُحسن الباحث اختيار المنهج الأنسب، فإنه يضع أساسًا متينًا لبحث علمي رصين ومؤثر. ولا يوجد منهج "أفضل" بالمطلق، بل هناك منهج "أنسب" لكل نوع من الدراسات، ولكل نوع من الأسئلة البحثية.

لذلك، كن باحثًا مرنًا، واسع الاطلاع، واستعن بالمزيج الأمثل من الأدوات والمنهجيات لتُخرج بحثًا يعكس أصالة الفكرة وجودة التنفيذ.

الخاتمة

مراجع للاستزادة:

أبو علام، رجاء محمود. (2011). مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية. دار النشر للجامعات.

أحمد، محمود. (2010). القياس النفسي والتربوي. عمان: دار المسيرة.

إسماعيل، بشرى. (2004). المرجع في القياس النفسي. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.

الحسيني، سعد. (2013). مقدمة للبحث في التربية. دار المسيرة.

خليل، محمد. (2014).  مدخل إلى مناهج البحث في التربية وعلم النفس. عمان: دار المسيرة.

الدليمي، عصام حسن؛ صالح، علي عبد الرحيم. (2014). البحث العلمي: أسسه ومناهجه. الرضوان للنشر والتوزيع.

دليو، فضيل. (2014). معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية. مجلة العلوم الاجتماعية، 19، 82-91.

الزهراني، محمد بن عبد الله بن عطية. (2020). معايير تقييم جودة البحوث النوعية في العلوم الإنسانية. المجلة الدولية للدراسات التربوية والنفسية، 8(3)، 605-622.

عباس، محمد خليل؛ نوفل، محمد بكر؛ العبسي، محمد مصطفى؛ أبو عواد، فريال محمد. (2014). مدخل إلى مناهج البحث في التربية وعلم النفس. عمان: دار المسيرة.

نايف، أمطانيوس. (2016). بناء الاختبارات، والمقاييس النفسية، والتربوية، وتقنينها. عمان: دار الإعصار.

ما هو الفرق الأساسي بين المنهج الكمي والنوعي؟

  • المنهج الكمي يعتمد على جمع وتحليل البيانات الرقمية باستخدام أدوات إحصائية بهدف اختبار الفرضيات أو تعميم النتائج. أما المنهج النوعي، فيركّز على فهم الظواهر الاجتماعية والإنسانية من خلال التفاعل مع المشاركين وتحليل بيانات وصفية مثل المقابلات والملاحظات.
  • هل يمكن الجمع بين المنهج الكمي والنوعي في نفس الدراسة؟

  • نعم، ويُعرف هذا بالمنهج المختلط. يُستخدم عندما يحتاج الباحث إلى تعميق الفهم عبر المنهج النوعي، إلى جانب التحقق من العلاقة أو التكرار باستخدام المنهج الكمي.
  • ما هي أدوات المنهج الكمي الأكثر شيوعًا؟

  • تشمل أدوات المنهج الكمي: الاستبيانات المغلقة، الاختبارات الموحدة، التجارب المعملية، والمقاييس الإحصائية. وتُحلل البيانات غالبًا باستخدام برامج مثل SPSS أو Excel.
  • هل المنهج النوعي أقل دقة من الكمي؟

  • ليس بالضرورة. كل منهج له أهدافه وأسلوبه. المنهج الكمي يركز على الدقة الكمية، بينما النوعي يسعى لفهم أعمق ودقيق للظاهرة من خلال التفسير والسياق.
  • هل يمكن استخدام المنهج الكمي في العلوم الإنسانية؟

  • نعم، يُستخدم في مجالات مثل علم الاجتماع، التربية، علم النفس، عند الحاجة لقياس اتجاهات أو مواقف أو ظواهر اجتماعية باستخدام أدوات رقمية.
  • التعليقات


    الأقسام

    أحدث المقالات

    الأكثر مشاهدة

    خدمات المركز

    نبذة عنا

    تؤمن شركة دراسة بأن التطوير هو أساس نجاح أي عمل؛ ولذلك استمرت شركة دراسة في التوسع من خلال افتتاح فروع أو عقد اتفاقيات تمثيل تجاري لتقديم خدماتها في غالبية الجامعات العربية؛ والعديد من الجامعات الأجنبية؛ وهو ما يجسد رغبتنا لنكون في المرتبة الأولى عالمياً.

    اتصل بنا

    فرع:  الرياض  00966555026526‬‬ - 555026526‬‬

    فرع:  جدة  00966560972772 - 560972772

    فرع:  كندا  +1 (438) 701-4408 - 7014408

    شارك:

    عضو فى

    معروف المركز السعودي للأعمال المرصد العربي للترجمة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هيئة الأدب والنشر والترجمة

    دفع آمن من خلال

    Visa Mastercard Myfatoorah Mada