يُعد المنهج الكمي أحد الأساليب العلمية المستخدمة في البحث والدراسة، حيث يهدف إلى جمع البيانات والحقائق المتعلقة بظاهرة معينة، ثم تحليلها ووصفها بدقة، لاستخلاص النتائج والتوصل إلى تعميمات محددة حول الظاهرة المدروسة (الدليمي وصالح، 2014).
أما المنهج النوعي، فهو نهج بحثي يركز على فهم الظواهر الاجتماعية والإنسانية من خلال استكشاف المعاني والتجارب والآراء والمعتقدات والسلوكيات. ويهدف إلى تقديم رؤية متعمقة وشاملة للمشكلة أو الظاهرة المدروسة، بدلاً من الاقتصار على الأرقام والإحصائيات كما هو الحال في المنهج الكمي (الحسيني، 2013).
طبيعة البيانات:
يُركز البحث الكمي على جمع البيانات باستخدام أدوات قياس كمية تُطبق على عينة ممثلة للمجتمع الأصلي، ثم تُحلل تلك البيانات بأساليب إحصائية تتيح الوصول إلى نتائج قابلة للتعميم. أما البحث النوعي، فيعتمد على دراسة الظاهرة في بيئتها الطبيعية بوصفها مصدراً مباشراً للبيانات، حيث تُعرض المعلومات بطريقة وصفية تحليلية باستخدام الكلمات والصور، مع ندرة اللجوء إلى الأرقام (عباس، 2014).
الأدوات البحثية:
يعتمد كل من البحث الكمي والنوعي على أدوات تتناسب مع طبيعته. فالبحث الكمي يستخدم أدوات مثل الاختبارات، والمقاييس، والاستبانات لجمع البيانات. في المقابل، يعتمد البحث النوعي على أدوات مثل المقابلة، والملاحظة، وفحص الوثائق، والتسجيلات. ويتطلب البحث النوعي أن يكون الباحث نفسه أداةً رئيسية لجمع البيانات، مما يستلزم امتلاكه مهارات ملاحظة السلوك، وإجراء المقابلات المباشرة. إذ يتفاعل الباحث مع الأفراد في بيئتهم الطبيعية، ويرصد أنشطتهم، ويستعرض وثائقهم وسجلاتهم، ثم يسجل هذه المعلومات في ملاحظات ميدانية ويوميات بحثية (الحسيني، 2013).
ويعتمد البحث النوعي على طرق العمل الميداني، مثل المقابلة، والملاحظة، وتحليل الوثائق، باعتبارها الوسيلة الرئيسة لجمع البيانات، وتجنب استخدام اختبارات القلم والورقة والأدوات الميكانيكية، ويتعامل الباحث النوعي مع البيانات بشكل كلمات وليس بأعداد أو إحصاء، غير أنه من وقت لآخر، قد يجمع بيانات بصيغة عددية. أما البحث الكمي فإنه يعتمد في الأساس على البيانات في شكل أرقام وأعداد وإحصاءات (أبو علام، 2011؛ الحسيني، 2013).
ويستخدم البحث النوعي بشكل أساسي دراسة الحالة كمنهجية للبحث، وكأداة لجمع البيانات، لدرجة أنه أحيانًا ما يطلق البعض على البحوث الكيفية "دراسة الحالة" لأنها تركز على الحالات، إلا أنه لا يمكن اعتبار كل دراسة الحالة دراسة كيفية، فكثير من دراسات الحالات تتبع في أسلوبها الدراسات الكمية (أبو علام، 2011).
وتعد الأدوات التي يعتمد عليها البحث الكمي هي أدوات معدة مسبقًا، فعندما يشرع الباحث في إجراء بحث كمي، فإنه يقوم أولًا ببناء الأدوات التي سيعتمد عليها في هذا البحث، سواء كانت الأداة اختبارًا أو مقياسًا أو استبيانًا. أما في البحوث النوعية قد لا تكون أدوات البحث معدة مسبقًا، فقد يعتمد الباحث على المقابلة غير المقيدة، والملاحظة غير المعدة مسبقًا (أبو علام، 2011).
إدارة البيانات وتحليلها:
تعد إدارة البيانات وتحليلها في البحوث الكمية سهلة وبسيطة من خلال استخدام برامج إحصائية متعددة، مثل برنامج (SPSS)، أو برنامج (JASP)، أو برنامج (AMOS)، أما إدارة البيانات المولدة من المقابلات والملاحظات وجمع الوثائق في البحوث النوعية تعد عملًا شاقًا يحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد والخبرة، ويعد برنامج (MAXQDA) من أشهر برامج تحليل البيانات المستخلصة في البحوث النوعية وأدواتها المختلفة (أبو علام، 2011؛ الحسيني، 2013).
الصدق والثبات:
-
الصدق والثبات في البحوث الكمية:
تعتمد البحوث الكمية على عدد من أنواع الصدق والثبات للتحقق من صلاحية الأدوات الكمية للاستخدام مع العينات المدروسة، ومن أنواع الصدق للأدوات الكمية ما يلي:
- صدق المحتوى: حيث يتم تحديد صدق المحتوى للأداة المستخدمة من قبل الخبراء، وذلك من حيث الحكم على مدى انتماء كل بند للأداة ككل، وملاءمة بنود الأداة لأفراد العينة، وملاءمة الصياغة اللغوية لكل بند (نايف، 2016؛ خليل، 2014).
- الصدق باستخدام التحليل العاملي: التحليل العاملي الاستكشافي هو أداة إحصائية تستخدم لاستكشاف البنية الأساسية للبيانات (Osborne & Banjanovic, 2016).
ومن أنواع الثبات للأدوات الكمية ما يلي:
- إعادة الاختبار: وهي طريقة تعتمد على تطبيق الاختبار مرتين متتاليتين على نفس المجموعة المتجانسة والممثلة للمجتمع الأصل Population من الأفراد (أحمد، 2010؛ نايف، 2016).
- الصور المتكافئة: في هذه الحالة يقوم مصمم الأداة ببناء صورة بديلة منها مكافئة لها، وإيجاد معامل الارتباط بين الصورتين (إسماعيل، 2004).
- التجزئة النصفية: وهي تعني تقسيم الأداة إلى صورتين متماثلتين، صورة تمثل الوحدات الفردية والأخرى تمثل الوحدات الزوجية للأداة، ثم يتم حساب معامل الارتباط بين الصورتين (أحمد، 2010؛ إسماعيل، 2004).
-
الصدق والثبات في البحوث الكيفية:
إن البحوث الكيفية بطبيعتها تأويلية، وتفسيرية، واستقرائية، كما أنها تتسم بالتعقيد والشمولية، وتتطلب كمثيلتها الكمية مصداقية وموثوقية عالية، ومن طرق التحقق من الصدق في البحوث النوعية ما يلي:
-
الصدق الوصفي: Descriptive Validity
وهو يشير إلى دقة الوقائع والمعلومات المرصودة أو الملاحظة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال استراتيجية التقاطع الثلاثي باستخدام عدة ملاحظين (دليو، 2014). ويمكن التحقق من الصدق الوصفي من خلال تطبيق أكثر من طريقة بحثية لدراسة الظاهرة الواحدة، أو استخدام أكثر من نظرية في تفسير النتائج (الزهراني، 2020).
-
الصدق النظري: Theoretical Validity
وهو يشير إلى الدرجة التي تكون فيها البيانات والمعلومات المجمعة متسقة مع التفسير والأدب النظري للظاهرة. ويمكن أن يتحقق ذلك إذا كانت هناك معقولية نظرية للنتائج (دليو، 2014).
ومن أشهر طرق التحقق من الثبات في البحوث الكيفية ما يلي:
-
الاعتمادية: Dependability
وهي تقابل الثبات في البحوث الكمية، وتشير إلى مدى تكرار نفس نتائج البحث عند تطبيقه مرة أخرى في ذات السياق، والظروف، كما يُشار إليها بأنها تتحقق بالتناسق والاتساق بين البيانات نفسها، ولا يعني ذلك ضرورة تكرار النتائج مرة أخرى (الزهراني، 2020).
-
قابلية النقل: Transferability
وهو مصطلح يقابل مصطلح التعميم في البحوث الكمية، وتشير إمكانية نقل النتائج إلى أماكن أخرى وإمكانية تطبيقها في سياقات أخرى (Noble & Smith, 2015).