شرح مناهج البحث العلمي مع أمثلة توضيحية

يتناول المقال الآتي عرضاً توضيحياً مدعماً بالأمثلة بمناهج البحث العلمي من حيث المفهوم والأنواع الأكثر استخداماً من قبل طلبة الدراسات العليا، وخطوات كل منها:

ونبدأ بتوضيح مناهج البحث العلمي من عنوان المقال: (مناهج البحث العلمي)، لاحظ أخي الطالب أننا لم نقل (منهج البحث العلمي) بصيغة المفرد بل بصيغة الجمع، فما سبب تعدد مناهج البحث برأيك؟ وهذا يرتبط بسؤال آخر: لما تقع في حيرة بعد اختيار عنوان بحثك حول المنهج الأنسب الذي يجب عليك اختياره؟

يعود ذلك إلى اختلاف طبيعة العلوم وتنوعها، فالبحوث التي تجرى في الرياضيات تختلف حكماً عن تلك التي تجرى في علم الكيمياء، عن تلك التي تجرى في الآداب والعلوم الإنسانية، وكذلك في علوم الطب وغيرها، لذا فإن لكل علم منهج محدد يجب على الباحث اتباعه للوصول إلى حلول للمشكلة المطروحة في بحثه أو للإجابة عن التساؤلات التي يطرحها ذلك البحث.

وهناك سبب آخر يتعلق بتعدد الجوانب التي تشكل الظاهرة محل الدراسة، فلا يتمكن الباحث من الاعتماد على منهج واحد وإنما مزيج من مجموعة من المناهج في إطار ما يعرف بالتكامل المنهجي.

ومثال ذلك: دراسة نظم التعليم في دولة ما، فالباحث يحتاج هنا إلى الاعتماد على المنهج التاريخي لمعرفة نظم التعليم سابقاً في الدولة محل الدراسة، والاعتماد على المنهج المقارن للمقارنة بين نظام التعليم في الدولة بين الماضي والحاضر، والاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي لاستخلاص الخصائص العامة لنظام التعليم وسبل التطوير ومقترحات ذلك.

ولتتمكن أخي الطالب من اختيار المنهج المناسب لطبيعة موضوعك يجب أن تتعرف أولاً على مفهوم مناهج البحث.

من أكثر التعريفات الواضحة لمناهج البحث هو ما أتى به ابن خلدون، حيث يعرف المنهج العلمي بأنه: جملة من القواعد المحددة التي يتبعها الباحث بهدف الوصول إلى الحقائق العلمية المتعلقة بالظاهرة موضوع الدراسة والبحث.

ويمكن أن نوضح المنهج العلمي بعبارات أخرى من خلال وصفه بالطريقة لحل المشكلة البحثية بشكل منظم وباتباع خطوات علمية دقيقة تختلف باختلاف طبيعة الموضوع والمشكلة المدروسة. فما قد يصلح لدراسة ظاهرة ما قد لا يصلح لدراسة ظاهرة أخرى.   

صحيح أن مناهج البحث متنوعة ومتعددة، إلا أنها تشترك بجملة من الخصائص هي:

1. الابتعاد عن الآراء الشخصية والتحيز للنتائج، أي الاتصاف بالموضوعية بعيداً عن الذاتية، بمعنى أن جميع الباحثين يتوصلون إلى النتائج نفسها باتباع المنهج نفسه عند دراسة ظاهرة ما.

2. الالتزام بإجراءات منهجية دقيقة وقواعد نظامية للتفكير والتحليل.

3. التعمق في دراسة الظواهر بهدف فهمها بشكل صحيح.  

4. البحث عن الحقائق واستخلاص أبعاد المشكلة من خلال اتباع أسلوب علمي دقيق.  

5. الاعتماد على أدوات مناسبة لجمع المعلومات ذات الصلة بالمشكلة المدروسة.  

6. الرجوع إلى الكتب والمراجع الملائمة لجمع المعلومات ذات العلاقة بالمشكلة المدروسة.  

7. التحقق من دقة البيانات ومصداقيتها.

8. قابلية إثبات نتائج البحث العلمي وإمكانية التأكد منها والبرهنة عليها في أي وقت من الأوقات.

اطلع على مقال فصل عن خصائص مناهج البحث العلمي

ونستعرض فيما يأتي أكثر مناهج البحث العلمي استخداماً وأكثرها شيوعاً:

أولاً: المنهج الوصفي:

يستخدم المنهج الوصفي لوصف الظواهر كما هي في الواقع من حيث خصائصها وأشكالها وكذلك العوامل المؤثرة في ذلك، ويعتمد على جمع الحقائق المرتبطة بالبحث ثم وصفها وصفاً دقيقاً للغاية وتقديم تقرير مفصل عنها، ويعد من أثر المناهج شمولية وأكثرها استخداماً في البحث العلمي.

وعند استخدامك للمنهج الوصفي فأنت تحقق مزايا عديدة من أهمها توفير معلومات دقيقة عن الظاهرة قيد الدراسة وبطريقة كمية ونوعية خلال فترة زمنية محددة، وشرحها والتنبؤ بالمستقبل إضافة إلى توضيح العلاقات بينها وبين الظواهر الأخرى.

ويمكن تحديد خطوات تطبيق المنهج الوصفي فيما يأتي:

1. تحديد المشكلة
2. وضع الفروض
3. جمع المعلومات من مصادر مختلفة وبأساليب محددة سلفاً.
4. تنظيم البيانات والمعلومات وتحليلها وتفسيرها.
5. التوصل للنتائج وصياغتها.
6. تقديم التوصيات المناسبة في ضوء النتائج التي تم التوصل إليها.

ومن أمثلة العناوين التي يمكن استخدام المنهج الوصفي فيها:

1. اتجاهات طلبة المرحلة الثانوية نحو التعليم الالكتروني
2. مشكلات عمل المرأة في المجتمع السعودي
3. المهارات الرقمية المتوفرة لدى معلم العلوم في المرحلة المتوسطة.
4. التسرب المدرسي وعلاقته بالرضا عن البيئة المدرسية

لا يفوتك مقال شمولي عن المنهج الوصفي في البحث العلمي

أساليب المنهج الوصفي:

وللمنهج الوصفي أساليب عدة منها:

أسلوب المسح:

أو ما يسمى الدراسات المسحية التي تعتمد على تجميع المعلومات بشكل منظم بهدف اتخاذ قرار ما، ويتميز هذا الأسلوب بقدرته على جمع كمية كبيرة من البيانات والمعلومات عن ظاهرة ما للوصول إلى النتائج العلمية الدقيقة بأقل النسب من الخطأ، بما يمكّن من تعميم النتائج على كامل مجتمع الدراسة.

ومن أمثلة العناوين التي يستخدم فيها هذا الأسلوب المسحي:

1. دراسة مسحية لظاهرة البطالة في المجتمع السعودي.
2. المعوقات الإدارية في القطاع الطبي في السعودية. دراسة مسحية.
3. واقع قطاع التعليم الأساسي في السعودية وآفاق تطويره.
4. مشكلات البحث العلمي في الجامعات السعودية. دراسة مسحية.

اطلع على مقال توضحي عن المنهج الوصفي المسحي

أسلوب دراسة الحالة:

يتم فيه جمع بيانات شاملة ومفصلة ومتعمقة عن ظاهرة أو حالة ما بهدف تحقيق فهم معمق لتلك الظاهرة، من خلل وضعها الحالي والماضي وطبيعة علاقاتها مع الظواهر الأخرى، ويتم ذلك من خلال المقابلة الشخصية والاستبيان والوثائق والمقاييس النفسية أو الاجتماعية..الخ.

ومن أمثلة العناوين البحثية التي يستخدم فيها دراسة الحالة:

1. أسباب عسر القراءة لدى تلاميذ التعليم الأساسي في مدينة الرياض
2. العلاقة التكاملية بين إدارة الجودة الشاملة وتحسين الأداء (دراسة تطبيقية في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا)
3. تطبيق الإدارة الالكترونية في المراكز الصحية.. دراسة حالة مستشفى ....
4. قلق الموت لدى كبار السن.. دراسة حالة على دار الإيواء في ....
5. معايير المنظمة المتعلمة ومدى تطبيقها في إدارة التعليم في مدينة جدة. دراسة حالة.
6. دور نظم المعلومات في إدارة المؤسسات الحكومية حالة وزارة التربية والتعليم في الجمهورية اليمنية.

اكتسب معلومات أكثر عن منهج دراسة الحالة في البحث العلمي

أسلوب تحليل المحتوى:

 الذي يعتمد على وصف منظم ودقيق لمحتوى معين حول ظاهرة أو متغير ما بهدف إظهارا لعلاقات بين أجزاء ذلك المحتوى أو مجرد توصيفه.

ومن أمثلة العناوين البحثية التي يطبق فيها هذا الأسلوب:

1. قيم المواطنة المتضمنة في محتوى المناهج الدراسية
2. مدى توافر مهارات القرن الحادي والعشرين في أهداف مقرر الرياضيات للمرحلة الثانوية.
3. مفاهيم المواطنة الرقمية المتضمنة في مناهج الدراسات الاجتماعية للمرحلة المتوسطة
4. دور وسائل الإعلام في حماية الطفل من العنف.. دراسة تحليلية.
5. تقويم منهاج مادة القرآن الكريم وعلومه للصف التاسع من مرحلة التعليم الأساسي

للاستزادة اقرأ مقال تفصيلي عن تحليل المحتوى في البحث العلمي

أسلوب الدراسات السببية المقارنة:

 يتم في هذا الأسلوب محاولة تفسير كيف ولماذا تحدث الظاهرة، وتهدف إلى فهم أي المتغيرات يعد السبب (المتغير المستقل) أم (التابع) لظاهرة محددة؟

ومن أمثلة العناوين التي يمكن استخدام هذا الأسلوب في دراستها:

1. العلاقة بين الرضا الوظيفي ومستوى الإنتاجية.
2. تطبيق معايير المنظمة المتعلمة وعلاقتها بالتميز المؤسسي
3. العلاقة بين البراعة التنظيمية وجودة الخدمة الفندقية.

 ويعد هذا الأسلوب من أرقى الأساليب في المنهج الوصفي وعادة ما يفضل الباحثون اتباع المنهج التجريبي في دراستهم للعلاقات السببية، الذي نوضحه فيما يأتي:

يعتمد المنهج التجريبي على التجربة العملية للحصول على المعلومات عن الظاهرة قيد الدراسة، بحيث يتم التحكم في الظروف والمتغيرات أو الشروط. من خلال التدخل الواضح والمقصود للباحث بهدف استخدام إجراءات أو إحداث تغيرات محددة ليتم بعدها ملاحظة النتائج وقياسها.

وعلى الباحث أن يضمن تطبيق أسس هذا المنهج بدقة لا سيما تحديد جميع العوامل التي تؤثر في المتغير التابع وضبطها والتأكد من أن المتغير المستقل هو الوحيد المسؤول عن النتائج التي سيتم التوصل إليها، إضافة إلى ضرورة التمكن من مهارة الملاحظة الدقيقة والمضبوطة.

وتعتمد خطواته الرئيسة على تعريف المشكلة أو التجربة التي تُعرف بأنها: مجموعة من الإجراءات المنظمة والمقصودة التي تتطلب من الباحث خبرة وكفاءة تجعله قادراً على تحديد المتغيرات ذات العلاقة بالظاهرة والتحكم بها وضبطها. وفي الخطوة الثانية يتم إجراء أو تنفيذ التجربة في محاولة من الباحث لإيجاد العلاقة بين المتغير المستقل والتابع.

من أمثلة العناوين البحثية التي يجب استخدام المنهج التجريبي فيها:

1. فاعلية طريقة دورة التعلم السباعية في اكتساب طلبة المرحلة المتوسطة للمفاهيم العلمية.
2. أثر الطريقة الاستقصائية في تنمية الاتجاهات الإيجابية نحو مادة العلوم
3. دراسة تجريبية لأثر امتلاك المدير للمهارات الرقمية في تحسين الإنتاجية.
4. أثر برنامج تدريبي في تنمية قيم المواطنة الرقمية لدى مشرفي مرحلة التعليم الأساسي.
5. تأثير أسلوب التربية الحركية على الإبداع الحركي للأطفال من 6-9 سنوات

اقرأ أيضًا مقال توضيحي عن المنهج التجريبي في البحث العلمي

يعتمد هذا المنهج على وصف الوقائع وتسجيل الأحداث الماضي ودراستها وتحليلها وتفسيرها على أسس علمية دقيقة بهدف التوصل إلى نتائج تمثل حقائق منطقية وتعميمات تساعد في فهم الماضي وتعرف الحاضر والتنبؤ بالمستقبل. ويركز على التطور في الأفكار والتوجهات والسلوكيات لدى الأفراد أو الجماعات.

يستخدم الباحث التاريخي نوعين من المصادر للحصول على المادة العلمية وهما: المصادر الأولية كالآثار والسجلات والوثائق والأشخاص، والمصادر الثانوية مثل كتابات الباحثين والمؤرخين والرواة.

كما يعتمد الباحث التاريخي على عدد من الأدلة التي تمكنه من توفير السجلات والوثائق الممكنة ومنها:

1. الوثائق والمدونات التاريخية
2. تقارير ومذكرات شهود عيان
3. الموسوعات والتراجم
4. الدراسات والبحوث
5. المراجع

اطلع أيضًا على المنهج التاريخي في البحث العلمي

ويجب على الباحث عند اختيار هذا المنهج أن يتبع الخطوات الآتية:

1. اختيار المشكلة وتحديدها
2. تحديد الفترة الزمنية التي سيتم تتبع الظاهرة مجال الدراسة خلالها
3. تعرف المراحل التي مرت بها الظاهرة خلال الفترة التي تعالجها الدراسة
4. جمع المادة التاريخية
5. نقد المادة التاريخية وتحليل المواقف ذات العلاقة بالظاهرة وتحديد العوامل ذات التأثير المباشر في الظاهرة قيد الدراسة.
6. صياغة الفروض، والفرض في البحث التاريخي تصور ذهني عام ينطلق منه الباحثة ليقوم في ضوئه بتجميع البيانات الممكنة التي تؤكد الفرض أو تنفيه.
7. عرض النتائج وتفسيرها
8. كتابة تقرير البحث الذي يعد بمثابة ملخص للحقائق والنتائج التي تم التوصل إليها وعرضها بشكل منظم ودقيق.

ومن أمثلة البحوث التي تتبع المنهج التاريخي:

1. تطور علاج الملاريا في الدول العربية
2. نظام التعليم في المملكة العربية السعودية في القرن التاسع عشر
3. مكانة المرأة في الإسلام في القرن الرابع والخامس الهجريين

أساليب التعليم المتبعة في الكتاتيب قبل الإسلام

1. منهجية البحث العلمي في البحوث الإنسانية
2. أسئلة وأجوبة عن مناهج البحث العلمي
3. ما محددات استخدام مناهج البحث العلمي؟
4. ما أهم أنواع مناهج البحث العلمي؟

وأخيراً أخي الطالب لا بد أن تعلم أن اختيارك للمنهج الملائم لطبيعة دراستك يعد إنجازاً لنصف العمل البحثي، وهو ليس بالمسألة البسيطة ويتعلق بنوعية البحث وموضوعه وطبيعة المشكلة المدروسة، ويعتمد على دراسة المشكلة وتحديد خواصها والبيانات المتوفرة عنها وتصنيفها وتحليها وتحديد الفروض المبدئية ليصار بعدها إلى تحديد المنهج الملائم في التحقق من صحة تلك الفروض.

 وأن الاختيار الخاطئ للمنهج يؤدي إلى نتائج غير دقيقة وربما غير صحيحة بالمطلق، لذا يمكنك طلب الاستشارة في اختيار المنهج الملائم لبحثك عبر شركة دراسة.

أحمد، عبد الباقي، والعباس، رقية. (د.ت). مبادئ مناهج البحث العلمي. جامعة الخرطوم.

دشلي، كمال. (2016). منهجية البحث العلمي. منشورات جامعة حماه، سورية.

الشربيني، زكريا، وصادق، يسرية، والقرني، محمد سالم، ومطحنة، السيد خالد. (2013). مناهج البحث في العلوم التربوية والنفسية والاجتماعية. مكتبة الشقري.

ماجد، ريما. (2016). منهجية البحث العلمي. مؤسسة فريدريش إيبرت: بيروت.

المحمودي، محمد. (2019). مناهج البحث العلمي. ط3، دار الكتب.

منتصر، أمين. (٢٠١٠). خطوات وضوابط البحث العلمي. دار الفكر العربي