الارتباط والفرضيات الارتباطية في البحث العلمي

يعد كلٌ من الارتباط والفرضيات الارتباطية في البحث العلمي من الأساليب الإحصائية التي يعتمد عليها التحليل الإحصائي، والتي يتم من خلالها اختبار الفرضيات المصاغة من الباحثين، بغرض الوصول إلى حقيقة صحة الفرضيات أو عدم صحتها، وبناء عليها يتم اتخاذ القرارات المناسبة.

 والفرضيات الارتباطية هي التي تصاغ من أجل دراسة العلاقة بين المتغيرات لمعرفة وجود العلاقة من عدمها، وقوه اتجاه العلاقة إن وجدت.

هذا وتوجد مجموعة من الضوابط والمعايير التي يعتمد عليها في اختبار معاملات الارتباط الملائمة لكل فرضية، بهدف مساعدة الباحثين والطلاب في اختيار القوانين الإحصائية المناسبة الخاصة بالدراسات والبحوث العلمية.

هكذا وحرص المقال الحالي على توضيح ما هو الارتباط والفرضيات الارتباطية في البحث العلمي، وذلك من خلال طرح بعض النقاط التي تتمثل في الآتي:

1. ما هو الارتباط؟.
2. ما هي قيمة معامل الارتباط؟.
3. ما الفرق بين الارتباط والسببية؟.
4. ما هي العلاقة بين الارتباط والتنبؤ؟.
5. ما هي الفرضيات الارتباطية؟.
6. أهم أنوع الفرضيات الارتباطية.
7. كيفية صياغة الفرضيات الارتباطية؟.

الارتباط بمعناه العلمي العام هو التغير الاقتراني، أو بمعنى آخر هو اقتران التغير بظاهرة ما، أو متغير ما بالتغير في ظاهرة أخرى، وقد يكون التغير الاقتراني إيجابياً أي الزيادة في المتغير الأول يقترن بالزيادة في المتغير الثاني، وقد يكون الاقتران سلبياً بمعنى الزيادة في المتغير الأول تقترن بانخفاض في المتغير الثاني.

هذا ويعبر عن الارتباط بين المتغيرات بمعامل الارتباط التي تشير قيمته إلى قوة ونوع هذا الارتباط، ويفيد معامل الارتباط في الحالات التالية:

1. تحديد نوع العلاقة بين المتغيرات هل هي علاقة موجبة (طردية) أو علاقة سالبة (عكسية).
2. تحديد قوة العلاقة بين المتغيرات (تامة، قوية ، متوسطة، ضعيفة، متعددة).
3. يعتبر معامل الارتباط مؤشر مهم لمعرفة صدق وثبات الاختبارات والمقاييس.
4. يعتمد التحليل العاملي ومعادلات الانحدار على معاملات الارتباط.
5. يساعد معامل الارتباط في عملية التنبؤ.

يتم استخدام معاملات الارتباط في اختبار صحة الفروض الارتباطية، وهي الفروض التي تدرس وجود أو عدم وجود علاقة دالة إحصائياً بين المتغيرات، وتشير معاملات الارتباط إلى مقدرا التغير الاقتراني بين الظواهر بقيمة عددية.

هذا وتتراوح هذه القيمة بين +1 و -1 بحيث تكون العلاقة قوية،كلما اقتربت قيمة معامل الارتباط من +1 أو -1، وبالمقابل تكون ضعيفة كلما اقتربت من الصفر (0)، أما الإشارة فتشير إلى طردية العلاقة إذا كانت وجبة (+)، وإلى عكسية العلاقة إذا كانت سالبة (-).

أما بالنسبة للبحوث العلمية فاختبار الفرضيات الارتباطية يعتمد على الدلالة الإحصائية، فإذا كانت قيمة معامل الارتباط غير دالة إحصائياً فتعامل في تفسير النتائج بعدم وجود علاقة بين المتغيرات.

لمعرفة الدلالة الإحصائية لمعامل الارتباط يتم الاستعانة بعدة طرق من أهمها:

• مقارنة قيمة معامل الارتباط المحسوبة مع القيمة الجدولية، بحيث إذا كانت القيمة المحسوبة أكبر من الجدولية يستلزم وجود علاقة دالة إحصائياً بين المتغيرات، وأما إذا كانت القيمة المحسوبة أصغر من الجدولية، فنستنتج عدم وجود علاقة دالة إحصائياً بين المتغيرات.
• مقارنة (P- value) Sig مع مستوى الدلالة (a)، بحيث إذا كانت (P- value) Sig أصغر من a فيعني وجود علاقة دالة إحصائياً بين المتغيرات وأما إذا كانت أكبر فيستلزم عدم وجود علاقة دالة إحصائياً بين المتغيرات.

إن وجود علاقة ارتباطية بين متغيرين لا يعني قطعاً أن أحدهما سبب في حدوث الآخر، كما أن ارتباط متغيرين قد يكون بسب وجود متغير ثالث، فيجب أن نفرق بينهما.

فإذا كان الارتباط يختبر قوة العلاقة ونوعها بين المتغيرات المستقلة والتابعة المدروسة، فإن السببية توضح وتقيس تأثير المتغيرات المستقلة على المتغيرات التابعة، فعلى سبيل المثال إذا كان هناك علاقة قوية بين طول الأطفال ومعدل ذكائهم، فهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن الطول يسبب الذكاء وإن صحة العلاقة الارتباطية.

هكذا فالخطأ الشائع الذي يقع فيه بعض الباحثين هو تفسير معاملات الارتباط على أنها علاقة سببية فالفروض الارتباطية التي تتناول العلاقة بيت المتغيرات لا تحدد علاقة العلة بالمعلول، أي لا يمكن استنتاج علاقة سببية بين متغيرين عن طريق وجود ارتباط دالة إحصائية أو وجود فروق دالة إحصائياً بين المجموعات، والعلاقة السببية لها أساليبها الإحصائية الخاصة بها.

التنبؤ هو عملية تقدير قيمة متغير تابع اعتماداً على نتائج متغير أو متغيرات أخرى مستقلة، بشرط أن تكون لها ارتباط بالمتغير الرئيسي وهو المتغير التابع، وتتم عملية التنبؤ بمعاملات الانحدار.

هكذا فقياس نوع ومقدار العلاقة بين المتغيرات يدعى الارتباط، والذي من خلاله يمكن التنبؤ بظاهرة أو موقف ما، من خلال ما يعرف بعملية الانحدار، ولا شك أن الارتباط والانحدار وجهان يكمل بعضهما الآخر، إذ لن يكون التنبؤ ذا معنى إلا إذا كان معامل الارتباط قوياً والعكس صحيح.

الفرضيات الارتباطية عبارة عن إجابات محتملة مؤقته، تعمل على توجيه البحث والتي تنتج عن تخمينات ذكية للتنبؤ بإيجاد العلاقة بين المتغيرات.

هذا وهي تختبر الارتباط بين المتغيرات ونوع وقوة هذا الارتباط، فهي تصاغ مبدئياً بافتراض وجود علاقة أو عدم وجود علاقة بين متغيرين أو أكثر، وفي حالة افتراض وجود العلاقة، يمكن تحديد اتجاه العلاقة سواء كانت موجبة أو سالبة، وفي هذا الحالة تسمى الفرضيات الارتباطية الموجهة، كما لا يمكن تحديد اتجاه العلاقة في بعض المرات، وتسمى في هذه الحالة الفرضيات الارتباطية الغير موجهة.

هكذا ويجب توضيح أنه من الضروري التفريق بين الفروض الارتباطية والفروض السببية، فالارتباطية تسعى إلى توضيح وجود العلاقة من عدم وجودها وقوة واتجاه العلاقة، بينما الفرضيات السببية تسعى إلى معرفة المتغيرات المسببة في حدوث المتغير التابع، أي مدى تأثير المتغيرات المستقلة على المتغير التابع.

تم تقسيم الفرضيات الارتباطية إلى فرضيات ارتباطية بسيطة، ومركبة؛

• الفرضيات الارتباطية البسيطة تنطوي على متغيرين فقط تنطلي أحداهما تابع والآخر مستقل، وهي نوعان إما فرضيات ارتباطية بسيطة غير موجهة، أو فرضيات ارتباطية بسيطة موجهة.
• الفرضيات الارتباطية المركبة هي التي تنطوي على أكثر من متغيرين، وتنقسم إلى:

1. ارتباط متغير من جهة مع مجموعة من المتغيرات من جهة أخرى، وتكون إما موجهة أو غير موجهة.
2. ارتباط مجموعة من المتغيرات بمجموعة من المتغيرات في آن واحد، وتكون موجهة أو غير موجهة.

عند صياغة الفرضيات الارتباطية يتم استخدام مصطلح العلاقة أو مصطلح الارتباط بإثباته أو نفيه، مع ذكر المتغيرات محل الدراسة، حسب عددها، وحسب اتجاه الحكم (موجهة، غير موجهة) في حالة الإثبات، كما هو موضح في مثال الجدول التالي:

هذا ويشير بعض المتخصصين إلى وقوع الكثير من الباحثين والمؤلفين في خطأ ربط التصنيف الإحصائي للفرضيات (الصفرية والبديلة) بالفرضية في مراحلها الأولى معتبرين كل فرضية تعتمد صيغة النفي هي صفرية ومصاغة بشكل إثباتي هي بديلة، وهذا - بدون شك- خطأ، إذ لا يمكننا الحديث عن هذه الصيغ إلى بالوصول إلى مرحلة المعالجة الإحصائية، وعليه يجب التمييز بين الفرضية الإحصائية والتي تنطلق دائماً من الفرضية الصفرية والتي تحمل لغة رياضية عددية، وتلك البحثية التي تعتمد لغة علمية حرفية.

بنهاية هذا المقال تكون قد تعرفت على الارتباط والفرضيات الارتباطية في البحث العلمي، إذ تناول المقال الموضوع بتعريف الارتباط، والتعرف على قيمة معامل الارتباط وتوضيح الفرق بين الارتباط والسببية في البحث العلمي والعلاقة بين الارتباط والتنبؤ، بالإضافة إلى التعريف بالفرضيات الارتباطية وذكر أهم أنواعها، وكيفية صياغتها، مع تحيات شركة دراسة للاستشارات الأكاديمية وخدمات البحث العلمي والترجمة.

مفتي، عبدالمنعم. (2022). ضوابط اختيار معاملات الارتباط في الفرضيات الارتباطية ضمن بحوث علوم الرياضة.  مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، مج14 (2)، 241- 249.