عندما ننظر في تصنيف إدجار ديل للوسائل التعليمية نجده وضع الخبرة المباشرة في قاعدة الهرم والتي اعتبرها أفضل أنواع الوسائل التعليمية ، لأن الطالب فيها يتعامل مع الخبرة الحقيقية التي سيستفيد منها بجميع حواسه ونجد على النقيض من ذلك وفي أعلى الهرم الرموز اللفظية التي فقط تؤثر على حاسة السمع فقط ( فكلما اتجهنا إلى قاعدة المخروط زادت درجة الحسية ، وكلما اتجهنا إلى قمة الهرم ازدادت درجة التجريد ) وهذا ينطبق فقط على مخروط الخبرة .
وفقاً لهذا اتضح أن هناك نوعين من الخبرات قد تم إدراجها في مخروط الخبرة لإدجار ديل وهما:
- خبرات مباشرة هادفة.
- خبرات غير مباشرة بديلة.
أولاً: الخبرات المباشرة الهادفة:
فالخبرات المباشرة هي الخبرات التي يتعلمها الفرد من المواقف الحقيقية، وهى أساس التعليم عن طريق العمل والإدراك الحسى المباشر للأشياء وذلك باستخدام الحواس الخمس والتي تتمثل في (السمع والبصر والذوق واللمس والشم) أو بعض هذه الحواس كالسمع والبصر، وهى لا تقتصر على ما يتعلمه الطالب في المدرسة فحسب، بل تتعدى ذلك لتشمل الحياة العامة للطفل خارج المدرسة كالبيت والشارع وغيرها من الأماكن العامة.
ثانياً: الخبرات الغير مباشرة البديلة:
فهي الخبرات التي يتعلمها المتعلم بالممارسة الفعلية بالاستعانة بخبرات وإرشادات المعلم، ولذلك فتكون المسئولية مشتركة بين المعلم والمتعلم، فهي تعتبر خبرة يكتسبها المتعلم من خلال خبرات المعلم ويمكنه الاستفادة منها في حل المشكلات التي يواجها الطالب في مواقف مماثلة، ولا تقتصر الخبرات غير المباشرة على النواحي العملية فحسب، بل يمكن أن تكتسب عن طريق المعرفة الذهنية من خلال الاستعانة بأنواع الوسائل التعليمية البصرية أو السمعية أو السمعية البصرية، فمشاهدة فيلم عن الجهاز الهضمي للإنسان في التليفزيون، أو في غرفة العرض السينمائي في المدرسة طريقة كافية بأن يزود التلميذ بمعلومات كان يجهلها من قبل، وبذلك لا يتطلب اكتساب الخبرات غير المباشرة الممارسة الفعلية لها دائما بل يمكن الاكتفاء بمشاهدة صورة أو فيلما أو رسما توضيحيا عنها أحيانا.
وقد صنف إدجار ديل الخبرات الغير مباشرة الكثيرة وهي كالتالي:
1- الخبرات المعدلة أو البديلة:
وهى تقليد للواقع من خلال (النماذج، والأشياء، العينات والمجسمات)، فإذا اعتبرنا أن قيادة الدراجة في الشارع العام خبرة فعلية مباشرة، فإن ركوب نموذج غير متحرك لدراجة من نفس الحجم في غرفة التربية الرياضية في المدرسة أو في إحدى صالات الأندية الرياضية للتدريب على مهارات القيادة الأساسية تعتبر خبرة معدلة وذلك لأننا قلدنا الواقع باستبدال الدراجة الحقيقية بنموذج لها في نفس حجمها، والأمثلة كثيرة فالخبرة المعدلة ليست واقعا حقيقيا إنما هي تقليد للواقع.
2- الخبرات الممثلة:
هي الخبرات التي تمثَل أمام التلاميذ، وذلك لعدم القدرة على تعلمها عن طريق الخبرة المباشرة؛ لأن أحداثها قد مرت وانقضت وطواها الزمن، والتمثيلية كالخبرات المعدلة ليست هي الشيء الحقيقي، وإنما هي مجرد تمثيل لهذا الشيء، ولكن لها مكانتها في التعليم كوسيلة اتصال ولا تقتصر على مرحلة تعليمية واحدة بل تصلح لجميع مراحل التعليم. ودور المعلم هو إشراك الطلاب والتلاميذ في التمثيلية حتى لا ينحصر دوره على المشاهدة فقط ويغيب عنصر التفاعل عن الطالب بالنسبة للمواقف التمثيلية.
3- الإيضاحات العملية:
يتمثل الإيضاح العملي في قيام المعلم بأداء عمل أو تجربة أمام ليوضح لهم طبيعة هذا العمل أو التجربة وتفاصيله ليصل معهم إلى النتائج المرجوة بمشاركة الطالب في أداء العمل أو التجربة بدلاً من الاقتصار على المشاهدة ومشاركة التلميذ للمعلم في أداء العمل الذي يكسبه الخبرة في تعلم الحقائق والمفاهيم العلمية.
4- الرحلات التعليمية:
وهى عبارة عن تخطيط منظم لزيارة هادفة خارج حجرة الدراسة سواء كان ذلك في المدرسة نفسها أو في مدرسة أخرى أو في البيئة خارج المدرسة كزيارة مصنع الأسمدة الكيماوية، أو زيارة حديقة الحيوان، أو رحلة إلى منطقة الكثبان الرملية بالواحات وغيرها، وفى الرحلات التعليمية يقوم التلاميذ بأنشطة مختلفة لجمع المعلومات وحقائق عن موضوع معين من مصادرها الأصلية، كما يقوم التلاميذ بجمع عينات وأشياء من أماكن الزيارة.
وللرحلات التعليمية عدة مزايا نلخصها فيما يلى:
- تجعل التلميذ مشاركا نشطا يفكر ويعبر عن خبراته الواقعية التي يمر بها.
- تتيح الرحلات الميدانية للتلاميذ إدراك الصلة بين ما يدرسه التلميذ في الفصل الدراسي للتلاميذ إدراك الصلة بين ما يدرسه التلميذ في الفصل الدراسي وما يجرى في الحياة الخارجية.
- توطد الرحلات الميدانية العلاقة بين الزملاء من التلاميذ وبينهم وبين المعلم.
- تعطى التلميذ فرصة للحصول على الحقائق والمفاهيم العلمية المتعلقة بالظواهر الطبيعية المحيطة به.
- تنمى الرحلات الميدانية شخصيات التلاميذ وتعودهم الاعتماد على النفس فى جمع المعلومات وتحمل المسئوليات.
- تمكن المعلم من التعرف على طاقات تلاميذه.
5- المعارض والمتاحف:
فالمعارض المدرسية والمتاحف المدرسية والمتاحف العامة من أهم مصادر المعلومات في المجتمع؛ حيث تضم الكثير من الوسائل التعليمية مثل (العينات بأنواعها الطبيعية والصناعية، النماذج بأنواعها المكبرة والمصغرة ، الخرائط والصور، والرسوم التوضيحية).
6- التليفزيون:
وهو من أهم وسائل الاتصال الجماهيري تأثيراً على الثقافة، وبوجه عام يتميز التليفزيون بأنه يجمع بين الصوت والصورة والحركة مما يقرب الفرد من الواقع الذى يعيش فيه، وذلك خلال:
- عرض القصص والتمثيليات التاريخية التي تتعلق برموز وشخصيات تاريخية هامة في المجتمع.
- عرض الأحداث المعاصرة مثل مشاهدة رجال الفضاء وهم ينزلون بمركبتهم على سطح القمر، زلزال فى اليابان، وغيرها من الأحداث.
ولذلك فإن التليفزيون وسيلة لتوصيل المعلومات بطريقة فعالة تجذب اهتمام التلاميذ لما يقوم به من عرض حي وقريب من الواقع.
7- الصور المتحركة:
استخدمت أفلام الصور المتحركة للأغراض التعليمية منذ أكثر من ثلاثين عاما حيث كانت صوراً صامتة ينقصها عنصر الصوت، وهذا يقلل من فاعليتها لأنها اعتمدت على حاسة واحدة وهى حاسة الإبصار. ولذلك فهي حقيقةً أبعد قليلاً من التليفزيون عن الواقعية ولأنها تقتصر على تقديم صورة متحركة صامتة بمعنى أنها تعتمد على حاسة واحدة وهى حاسة الإبصار في الاستيعاب والفهم، الأمر الذي يتطلب من التلميذ في هذه الحالة أن يفهم الحركات ويترجمها في ذهنه ليفهم الرسالة التي تتضمنها هذه الأفلام، فهي أذان أقل واقعية من التليفزيون وذلك لفقدها عنصر الصوت.
8- تسجيلات الراديو والصور الثابتة:
ويقصد بالصور الثابتة هي تلك الصور والشرائح الفوتوغرافية والأفلام الثابتة ، وتعتبر هذه الخبرة أقل من سابقتها في الواقعية وذلك لخلوها من عنصر الحركة بما يصفها بالجمود كما إنها غير مباشرة العرض حيث إنها تحتاج إلى أجهزة عرض خاصة مثل أجهزة عرض الشرائح الفوتوغرافية الشفافة.
9- الرموز البصرية:
وهى مواد تعليمية مرئية مثل الرسوم البيانية، والرسوم التوضيحية والرسوم الكاريكاتورية، والخرائط، والجداول وغيرها، وهى سهلة الفهم عند البعض وصعبة جداً لدى البعض الآخر وتتفاوت هذه الرموز في درجة صعوبتها وسهولتها، ولذلك ينبغي على المعلم أن يختار منها ما يتناسب مع مستويات تلاميذه المختلفة حتى يتمكنوا من قراءتها وإدراك معانى العلاقات المجردة التي تمثلها ليتمكنوا من فهمها واستيعابها.
10- الرموز اللفظية:
وهى أكثر الرموز والخبرات تجريداً حيث تشمل الكلمات المنطوقة والمطبوعة والمكتوبة، وقد تكون أفكاراً، أو قوانين، أو تعميمات، أو أرقام حسابية أو رموز جبرية علمية، وعلى الرغم من أن هذه الرموز عبارة عن مجردات إلا إنها تستخدم في جميع مكونات مخروط الخبرة. ولكى يكون التعلم فعالا فلابد من أن يكون لهذه الرموز معنى واحد عند المرسل والمستقبل حتى يتم التفاهم والتفاعل بينهما على الوجه الصحيح.
ويمكن أيضاً تصنيف مخروط الخبرة وفقاً لثلاثة أجزاء بدايةً من قاعدة المخروط وصولاً إلى قمته وهي:
- التعليم عن طريق الممارسات: وتشمل (الخبرات المباشرة الهادفة، الخبرات البديلة المعدلة، الخبرات الممثلة).
- التعليم عن طريق الملاحظات والمشاهدات: كمرحلة نحو التجريد وتشمل (الإيضاحات العلمية، الرحلات التعليمية، المعارض والمتاحف، التليفزيون، الصور المتحركة، مسجلات الراديو والصورة المتحركة),
- التعليم عن طرق المجردات: وتشمل (الرموز البصرية، والرموز اللفظية).