تحسين الكتابة الأكاديمية

تشير الكتابة الأكاديمية إلى أسلوب معين للتعبير يستخدمه العلماء لتحديد حدود تخصصاتهم ومجالات خبرتهم. وتشمل خصائص الكتابة الأكاديمية الصيغة الرسمية، واستخدام منظور الشخص الثالث (المحايد) بدلاً من منظور الشخص الأول (الشخص نفسه)، والتركيز الواضح على مشكلة البحث قيد التحقيق، واختيار الكلمات بدقة. ويتم اعتماد الكتابة الأكاديمية لنقل المعنى المتفق عليه حول الأفكار المعقدة لمجموعة من الخبراء الأكاديميين إلى القراء.

تعرف الكتابة الأكاديمية على أنها أسلوب ونسق لغوي، له أدواته الخاصة وألفاظه وتراكيبه وبناؤه ودلالاته ومعانيه وصياغته وخصائصه، ومن خلالها يتم كتابة البحوث العلمية والدراسات والرسائل والأطروحات والتقارير والملخصات العلمية، مما يجعلها متميزة عن غيرها من أنواع الكتابات الأخرى، كما تمثل الكتابة الأكاديمية نمطاً هاماً جداً يجب على طلاب الجامعة والدراسات العليا معرفته والإلمام بقواعده واستراتيجياته، وذلك من منطلق أهمية استخدامها في فهم واستيعاب المفاهيم العلمية التي تتصل بتخصصاتهم الأكاديمية التي يدرسونها في الجامعة.

إن الكتابة الأكاديمية لها أهمية كبيرة جداً بالنسبة لجميع المجالات والتخصصات الأكاديمية سواء للطلاب أو الباحثين أو الأساتذة، لذلك يجب على الجميع إتقانها جيداً والتمكن منها، حيث توجد بعض الدوافع التي توضح أهمية الكتابة الأكاديمية وضرورة إتقانها والتي تتمثل في:

أولاً: النظر إلى الصورة الكبيرة:

على عكس الكتابات الخيالية أو الصحفية، فإن الهيكل العام للكتابة الأكاديمية رسمي ومنطقي. يجب أن يكون متماسكًا ويمتلك تدفقًا منطقيًا للأفكار، مما يعني أن الأجزاء المختلفة يجب أن تكون مرتبطة لتشكيل كيان موحدًا. يجب أن تكون هناك روابط بين الجمل والفقرات حتى يتمكن القارئ من متابعة حجتك.

ثانياً: النغمة:

في دراستك من المهم أن تقدم حجج الآخرين بشكل عادل وبصيغة مناسبة. عند تقديم موقف أو حجة لا توافق عليها، صف هذه الحجة بدقة وبدون تحيز. في الكتابة الأكاديمية من المتوقع أن يقوم المؤلف بالتحقيق في مشكلة البحث من وجهة نظر موثوقة. لذلك ، يجب أن تحدد بثقة نقاط القوة في حججك باستخدام لغة محايدة وليست تصادمية أو رافضة.

ثالثا: اللغة:

الاستخدام الواضح للغة أمرًا ضروريًا في الكتابة الأكاديمية. تمكّن الفقرات المنظمة جيدًا وجمل الموضوع الواضحة القارئ من متابعة سردك دون صعوبة. يجب أن تكون لغتك موجزة ورسمية وأن تعبر بدقة عما تريد أن تعنيه. تجنب التعبيرات الغامضة التي ليست محددة ودقيقة بما يكفي للقارئ لتحديد المعنى الدقيق.

رابعاً: الاتفاقيات الأكاديمية

يعد الاستشهاد بمصادر في متن ورقتك البحثية وتقديم قائمة بالمراجع أمر مهم جدًا في الكتابة الأكاديمية. من الضروري أن تقر دائمًا بمصدر أي أفكار أو نتائج بحث أو بيانات استخدمتها في ورقتك البحثية. القيام بغير ذلك يعتبر انتحال أدبي.

خامساً: الحجج القائمة على الأدلة:

غالبًا ما تطلب منك مهامك التعبير عن وجهة نظرك حول مشكلة البحث التي تناقشها. ومع ذلك، فإن ما يتم تقديره في الكتابة الأكاديمية هو أن آرائك تستند إلى فهم سليم للهيكل المعرفي ذات الصلة والمناقشات الأكاديمية التي تجري مناقشتها حاليًا في تخصصك. تحتاج إلى دعم رأيك بأدلة من مصادر أكاديمية. يجب أن يكون موقفك موضوعيًا ومقدمًا كحجة منطقية. ستحدد جودة أدلتك قوة حجتك. والتحدي هو إقناع القارئ بصحة رأيك من خلال كتابة موثقة جيدًا ومتماسكة ومنطقية.

سادساً: التحليل المدفوع بالأطروحة:

الكتابة "المدفوعة بالأطروحة"، يعني أن نقطة البداية هي منظور أو فكرة أو "أطروحة" معينة حول مشكلة البحث المختارة، مثل إثبات أو دحض الحلول المطروحة لمشكلة ما. في المقابل، فإن مجرد وصف موضوع ما دون أسئلة البحث لا يعتبر "كتابة أكاديمية".

لتحسين مهاراتك في الكتابة الأكاديمية، يجب أن تركز جهودك على ثلاثة مجالات رئيسية:

أولاً: الكتابة الواضحة:

التفكير يسبق الكتابة عنه. يقضي الكتاب الجيدون وقتًا كافيًا في استخلاص المعلومات ومراجعة النقاط الرئيسية من مصادرهم قبل إنشاء عملهم. يمكن أن تساعدك كتابة الخطوط العريضة التفصيلية على تنظيم أفكارك بشكل واضح. تبدأ الكتابة الأكاديمية الفعالة بالتخطيط القوي، لذا قم بإدارة وقتك بعناية.

ثانياً: ضبط القواعد:

غني عن القول أن قواعد اللغة يمكن أن تكون صعبة ومعقدة؛ حتى أفضل العلماء يستغرقون سنوات عديدة قبل أن يتقنوا النقاط الأساسية في القواعد النحوية. خذ الوقت الكافي لتعلم النقاط الرئيسية والثانوية في القواعد النحوية. اقضِ بعض الوقت في التدرب على الكتابة واطلب ردود الفعل المفصلة من الأساتذة. استفد من مركز التعلم في الحرم الجامعي إذا كنت بحاجة إلى المساعدة. يؤدي الاستخدام الصحيح لعلامات الترقيم ومهارات التدقيق اللغوي الجيدة إلى تحسين الكتابة الأكاديمية بشكل ملموس.

ثالثاً: اتباع منهج متسق:

 سواء كان أستاذك يطلب منك استخدام MLA أو APA أو دليل أسلوب شيكاغو، اختر دليل نمط واحد والتزم به. يوفر كل من كتيبات الأنماط هذه إرشادات حول كيفية كتابة الأرقام والمراجع والاستشهادات والحواشي والقوائم. يساعد الالتزام المتسق بأسلوب واحد في الكتابة على إخراج ورقتك بصورة جيدة، لاحظ أن بعض التخصصات تتطلب أسلوبًا معينًا [على سبيل المثال، يستخدم التعليم APA] لذلك كلما كتبت المزيد من الأوراق البحثية في تخصصك، ستتحسن معرفتك.

كما توجد بعض النقاط الهامة التي تساعدك في تطوير مهاراتك في الكتابة الأكاديمية وتتمثل في:

• المحافظة على عادة الكتابة بصورة يومية مبكراً.
• الاستثمار جيداً في الأدوات والبيئة المناسبة للكتابة سواء كان مكتب أو تقنيات ومكان مناسب، واستخدام التقنيات الرقمية، والحفظ السحابية التي تساعدك في استرجاع البيانات والمعلومات والمراجع في حال فقدان الأجهزة والعمل من أي مكان وأي زمان.
• اكتب كما تتحدث للمساعدة في توصيل الفكرة، واعلم جيداً أن أغلب الكتاب الناجحين أبدعوا لأنهم لم يضيعوا وقت في تقمص شخصيات أو ألسنة غيرهم.
• اعرض ما كتبت على الآخرين للقراءة وسماع تعليقاتهم.
• زيادة القراءة في التخصص وخارجه من أجل الاطلاع على الثقافات الغوية المختلفة والاستفادة منها.
• ضرورة الكتابة بلغة موجهة لجمهورك من القراء.
• اختيار الأوقات المناسبة لتقليل المقاطعة فكاتب المقالات يبدأ غالباً في كتابته قبل الخامسة فجراً.
• حاول أن تكون الكتابة جزء من حياتك.
• ممارسة الكتابة بصورة مستمرة بما فيها من إعادة الصياغة والتعديل على ما قمت بكتابته من قبل.

إن تحسين وتطوير الكتابة الأكاديمية يساهم بشكل كبير في رفع كفاءة البحث العلمي والمنظومة التعليمية، وذلك نظراً لأهميته الكبيرة في أيصال وفهم واستيعاب العديد من المصطلحات والمفاهيم العلمية التي تتعلق بالعديد من التخصصات والمجالات، نرجو من الله في نهاية هذا المقال أن نكون قد وفقنا في عرض أهم الطرق والأساليب التي تساهم في تحسين وتطوير الكتابة الأكاديمية. مع تحيات شركة دراسة للبحث العلمي والترجمة.