إن إعداد خطة بحث جاهزة ليس بالأمر اليسير، إذ أن هناك بعض الشروط والمعايير التي ينبغي على الباحث العلمي مراعاتها كي تقوم الخطة البحثية الجاهزة على أساس صحيح وتؤدي في الأخير إلى تحقيق أهداف البحث العلمي وأغراضه، ومن هذه المعايير ضرورة التزام الباحث العلمي بصياغة عنوان شامل وكامل، فإن العنوان هو ما يوضح الفكرة العامة وهو الدليل لباقي الخطة، ومن الضروري أن تكون فكرة البحث فريدة وتقبل البحث وفق إمكانات الباحث العلمي وأدواته. وبالإضافة إلى شمولية العنوان ينبغي على الباحث العلمي أن يقوم بمطالعة العديد من المراجع لإثراء خطته البحثية بالمعلومات فيخرج القارئ منها على علم بالأهداف التي يسعى الباحث العلمي إلى بلوغها من خلال بحثه، كما ينبغي على الباحث العلمي أن يستخدم لغة بسيطة ومفهومة، مع الإجابة عن الأسئلة التي سبق طرحها في مشكلة بحثه لتحقيق الأهداف المحددة.
العناصر الأساسية المكونة لخطة البحث العلمي
أولاً: عنوان البحث العلمي
والعنوان على صغر حجمه يعتبر من أهم مكونات البحث العلمي وخطته، إذ هو أول ما تقع عليه عين القارئ فهو علامة على ما بعده، وبه يبدأ الخبراء في تقييم البحث العلمي، ولا بد العنوان أن يكون معبرا عن الموضوع بأسلوب علمي واضح وشامل مع البعد عن الحشو والتكرار والحذف والاختصار، ومن الضروري أن يتصف العنوان بـ:
- الشمولية: بمعنى أن يكون عنوان البحث العلمي مشتملا على المجال المحدد والموضوع الدقيق الذي يدرسه الباحث العلمي.
- الوضوح: فينبغي أن يكون عنوان البحث العلمي واضحا في خاليا من الإشارات والرموز إلا ما اشتهر، ومع ذلك لا بد من اتصاف العنوان بالإيجاز.
- الدلالة: ونعني بها أن يحمل عنوان البحث العلمي دلالات موضوعية محددة للموضوع الذي يطلب بحثه ومعالجته والكتابة عنه والابتعاد عن العموميات.
- البعد عن العموميات والكلمات الفضفاضة والمطاطية التي تحتمل معاني واسعة.
ثانياً: مشكلة البحث العلمي وحدوده
يعتبر تحديد المشكلة البحثية واحدا من أهم مكونات خطة البحث العلمي، حيث ينبغي على الباحث في خطة البحث العلمي عرض المشكلة البحثية من خلال طرح عدد من الأسئلة الواضحة والمحددة، وبعد أن يقوم الباحث العلمي بطرح الأسئلة المعبرة عن المشكلة البحثية، لا بد من توضيح المنهج البحثي الذي سيتبعه الباحث للإجابة عن مشكلة البحث.
ثالثاُ: أهداف البحث العلمي
من الضروري أن تكون ثمت أهداف متوقعة ومأمولة يسعى الباحث العلمي إلى تحقيقها من خلال دراسته، لذلك فإن من الضروري أن يقوم الباحث العلمي بوضع الأهداف وصياغتها بشكل جيد، وقد ذكر الدكتور مصطفى بن عبد الله أن الباحث العلمي في صياغته لأهداف بحثه ينبغي عليه مراعاة سبعة أمور، وهي: إما شيء لم يسبق اختراعه، أو شيء ناقص يتم إتمامه، أو شيء شرحه مغلق، أو شيء طويل فيتم اختصاره دون الخلل في محتواه أو معانيه، أو شيء جمعه متفرق، أو شيء ترتيبه مختلط أو شيء قد أخطأ فيه مصنفه فيعمل على إصلاحه. ومثلا يمكن للباحث العلمي استهداف:
1. الكشف عن فكرة لم يسبق إليها، أو إثبات صحة بعض الفلسفات أو النظريات أو الفرضيات أو القطع بخطاها.
2. كشف بعض المعارف أو إضافة بعض الأدوات أو الآليات مما يساهم في خدمة العلم وتطور المعرفة.
3. تفصيل وتوضيح بعض القضايا أو النظريات الصعبة أو آليات العمل المجهولة أو تفسير بعض الظواهر الغامضة.
4. تجميع عدد من الدراسات السابقة وتلخيص نتائجها، بهدف تسهيل واختصار وقت الاطلاع عليها مما يخدم الباحثين في هذا العلم.
رابعا: أهمية البحث
وقد يقع الخلط عند الباحثين الشباب بين أهداف البحث العلمي وأهمية البحث العلمي، ولبيان الفرق بينهما نقول: أن أهداف البحث العلمي كما سبق وأشرنا هي ما يأمل الباحث العلمي تحقيقه من خلال بحثه، لكن أهمية البحث العلمي تكشف عن القيمة التي يضيفها البحث العلمي إلى ذلك الموضوع أو الحقل المعرفي، أو الأثر العلمي أو العملي لنتائج هذا البحث، ومن هنا يتبين أن أهداف البحث العلمي من الممكن أن ينجح الباحث العلمي في تحقيقها أو لا، بينما أهمية البحث حتمية الحصول حيث تظهر كأثر لنتائج البحث. ولا بد للباحث العلمي في بيانه لأهمية بحثه.. أن يشير إلى جدوى البحث والفوائد المترتبة عليه، وما الذي يستفيده الباحثون والناس من هذه النتائج، ولا شك أنه كل ما كان البحث العلمي أكثر مماسة لحياة الناس كلما كان أهم؛ لزيادة عدد المستفيدين من نتائجه واشتباك هذه النتائج مع واقعهم وحياتهم؛ لذلك فإن من الضروري أن يحسن الباحث عرض أهمية بحثه من كافة الجوانب في خطته البحثية، مع ذكر الباحث العلمي للصعوبات التي واجهها للوصول إلى هذه النتائج بالإضافة إلى الأسباب التي دفعته لاختيار هذا الموضوع ومن ضمنها بالطبع أهميته.
خامساً: منهج البحث العلمي وخطواته وأدواته
وهذه هي الخطوة الأهم والمميزة لخطة البحث، وهي ذكر الأدوات والخطوات والإجراءات التي سيتبعها الباحث منذ بداية تفكيره في المشكلة محل الدراسة وحتى وصوله إلى النتائج، فلا بد أن يقوم الباحث بعض كل خطواته بالتفصيل، فيذكر المنهج الذي قام باتباعه لحل مشكلته البحثية؛ فالمنهج البحثي هو سبيل الباحث للكشف عن الحقيقة والخلل في اختيار المنهج أو اتباع خطواته يفضي إلى أخطاء في النتائج، كما لا بد للباحث العلمي من بيان كيفية جمعه للبيانات، وما هي أدوات الملاحظة، وكيف قام بمعالجة المعلومات وتحليلها، وما الطرق أو البرامج الإحصائية التي استخدمها في تحليل البيانات، إلى آخر الخطوات التي اعتمد عليها.
سادساً: ذكر الدراسات السابقة
ينبغي على الباحث العلمي أن يذكر في بحثه اطلاعه على الدراسات السابقة في موضوع دراسته، ويذكر أهم هذه الدراسات وما توصلت إليه والنتائج التي استفادها من هذه الدراسات، مع ذكر النقاط التي تميز بحثه عن البحوث السابقة في نفس الحقل المعرفي، مما يعكس تميز بحثه عن غيره وأنه ليس مجرد تكرار لما سبق بحثه، ويبين مع ذلك استفادته من تلك البحوث وعدم إغفاله لها فيكون كمن أعاد اختراع العجلة، بل يبدأ من حيث توقفوا ويزيد عليهم، ومما لا يخفى أن إظهار الباحث لنقاط ضعف الدراسات السابقة وقصورها يعد من أقوى الحجج التي دفعته لإعادة تناول الموضوع، ومع ذلك فينبغي على الباحث العلمي أن يراعى عدم التقليل من شأن هذه الدراسات والأبحاث السابقة على بحثه، فهذا مما يخرج عن العلم إلى التجريح.