بعد أن يتضح لدى الباحث ماهية المشكلة في بحث العلوم السلوكية، وماذا يجب أن تكون؟ وكيف يختارها؟، يبدأ الباحث في توضيحها، ويجيب على ما قد يطرأ على ذهنه أو ذهن القارئ من تساؤلات، ولتحقيق ذلك لا بد من أن يشتمل توضيحه لمشكلة البحث على ما تتطلبه طبيعتها من الخطوات التالية:
أولًا: التمهيد للبحث:
قبل تعريف المشكلة وتحديد أسئلة البحث يتعين على الباحث أن يهيئ ذهن القارئ لبحثه للشعور بوجودها، وذلك من منطلق أنه لا يكتب البحث لنفسه، أو لمن يعرف المشكلة فقط، وإنما أيضًا يكتبه لمن لا يعرف أن هناك مشكلة بهذا العنوان.
ثانيًا: تعريف المشكلة وتحديد أسئلة البحث:
ليس هناك صياغة محددة تصاغ بها المشكلة فقد تصاغ على شكل أسئلة أو بصورة جمل تعبيرية، ولكن بأي صياغة صيغت يجب أن تتضح تمامًا، ومما يساعد على وضوحها أن تُعرَف المشكلة أولًا بوصفها وإيراد بعض الدلالات التي توضحها ثم الانتهاء بسرد التساؤلات التي سوف يتناولها الباحث مشتملة على الأسئلة الرئيسة، وما يتفرع منها من أسئلة فرعية.
ثالثًا: فروض البحث:
يجب على الباحث أن يضع حلول ممكنة، وهي ما تسمى الفروض، وتكون مستمدة من خلفية علمية مقروءة أو مسموعة أو مرئية، تُنهي الحيرة وتكشف عن الغموض، أو تزيل العاقبة غير المرغوبة، أو تكشف عن البديل، قبل إجراء البحث ليعرف الباحث ابتداءً مدى قدرته على إجراء البحث إجراء يحكم بموجبه بقبولها حلًا حقيقيًا للمشكلة أو عدم قبولها.
رابعًا: أهداف البحث:
أهداف البحث هي التي تعكس مدى الإضافة إلى ما هو معلوم، أو إسهام البحث في تقديم حلول علمية مبرهنة للمشكلة المدروسة. فتحديد أسئلة البحث لا تبدو قيمتها واضحة ما لم يعرف لماذا تعد الإجابة عليها ضرورية، فمعرفة أسباب العزوف عن التدريس مثلًا ليست هدفًا في حد ذاتها، وإنما تشخيص المشكلة هو الهدف من دراسة الأسباب حتى يتسنى طرح الحلو الناجحة لها.
خامسًا: أهمية البحث:
يتطلب من الباحث أن يسهب في توضيح أهمية المشكلة وجدوى دراستها، وذلك بعرض بعض الأدلة والشواهد التي من شأنها توضيح تلك الأهمية، ومن الأدلة التي يمكن عرضها والاستشهاد بها الآتي:
- توضيح ما يمكن أن يقدمه البحث في حل مشكلة أو إضافة علمية.
- الإحصاءات ذات العلاقة المباشرة بموضوع البحث.
- الإشارة إلى التوصيات التي وردت في بحوث سابقة التي تنص على أهمية دراسة مثل هذا الموضوع.
- تضمين بعض الأدلة المنقولة لذوي الصلة بموضوع البحث سواء أكانوا علماء أم مستفيدين.
سادسًا: الإطار النظري للبحث:
الإطار النظري لأي بحث علمي أشبه ما يكون بالحدود الطبيعية له، أو الأسس والقواعد التي يعتمد عليها الباحث في دراسته له، أو كما شبه بعض العلماء بالخارطة التي يهتدي بها المسافر في سفره، وبصورة أكثر تحديدًا يمكن القول بأن الإطار النظري تعبير يشير إلى اختيار نظرية معينة أو مجموعة من المفاهيم أو القوانين يتم من خلالها صياغة وحل المشكلة.
سابعًا: مصطلحات البحث:
تأتي أهمية هذه الخطوة من أهمية الالتقاء بين الباحث والقارئ معًا على مدلول واحد للمصطلح المتكرر في البحث، فالباحث والقارئ بحاجة ماسة للاتفاق على المدلول الذي عناه الباحث للمصطلحات المهمة في بحثه، التي تتكون منها مشكلة البحث حتى لا تُفَسر من قبل القارئ بمدلول مختلف.
ثامنًا: عنوان البحث:
قد يكون هناك حيرة لكثير من القراء ترتيب هذه الخطوة كآخر خطوة من خطوات توضيح ماهية المشكلة في بحث العلوم السلوكية، إلا أن هذه الحيرة ستزول سريعًا عندما يعرف أنهم يعنون بالعنوان مشكلة البحث وهذا صحيح، أما العنوان الذي يُعَنوَنُ به البحث فلا بد أن يكون دعاية وإعلانًا يجذب القراء لقراءة البحث من جانب، ولا بد أن يعكس حقيقة البحث ومحتواه من جانب آخر حتى لا يوهم القارئ بمضمون يختلف عن المضمون الحقيقي للبحث.