الأساليب المعرفية في علم النفس

أشارت الدراسات في علم النفس المعرفي إلى أن الناس يظهرون فروقًا فردية في آليات معالجة المعلومات خلال محاولتهم حل مشكلاتهم أو اتخاذ قراراتهم، وتعد الأساليب المعرفية في علم النفس أحد أهم العوامل التي تفسر مثل هذه الفروق الكمية والنوعية بين الأفراد، لذلك حرصت دراسة لخدمات البحث العلمي والترجمة على تناول أهم الأساليب المعرفية في علم النفس بدايةً من تعريفاتها وأهم أنواعها ومكوناتها وصولًا إلى علاقتها عددٍ كبير من الأمور مثل دراسة الشخصية ودراسة الذكاء، والقدرات، والتعليم، وغيرها.

يعود تاريخ مفهوم الأساليب المعرفية إلى وليم جيمز عام 1980 ميلادية، عندما أكد على أهمية دراسة الفروق الفردية من خلال الأساليب المختلفة التي يتبناها الأفراد، كذلك أشار العالم ألبرت عام 1937 ميلادية إلى وجود فروق في عادات الأفراد في مواقف التذكر والإدراك واتخاذ القرارات وحال المشكلات، وأكد كلًا من ريدر ورينر أن جذور مفهوم الأساليب المعرفية ينحدر في أربعة مصادر بدراسات علم النفس المعرفي وهي:

1. تطور مفهوم الإدراك حسب نظرية الجشطالت حيث تنظر إلى إدراك المثيرات بطريقة كلية غير قابلة للتجزئة.
2. الطريقة التي يتكيف من خلالها الفرد مع المثيرات البيئية بواسطة الضبط المعرفي والعمليات المعرفية مما يفرض أسلوبًا محددًا في التعامل مع مثيرات البيئة المختلفة.
3. الصور العقلية والذهنية المفضلة لدى الأفراد خلال عمليات معالجة المعلومات حيث تعمل هذه الصور على توجيه نشاط الفرد المعرفي.
4. دراسة مكونات الشخصية ودرجة الترابط بين هذه المكونات مؤكد على التوجه بأن عمليات التعلم مرتبطة بمكونات الشخصية مما يعني أن تفاعل هذه المكونات يحدد أسلوب التعامل مع مواقف التعلم الجديدة.

الأساليب المعرفية هي "الأساليب والطرق المفضلة من قبل الأفراد لمعاجلة المعلومات لتصف النمط التقليدي لتفكير الفرد وإدراكه وطرق تصرفه في مواقف معينة"، كما يعرف الأسلوب المعرفي على أنه "عادات الفرد في حل المشكلات والتفكير والإدراك والتذكر".

ارتبط مفهوم الأساليب المعرفية مع مفهوم التفضيلات المعرفية حيث أشارت الدراسات الأولية في الأساليب والأنماط المعرفية إلى وجود أربعة أساليب تمثل تفضيلات الفرد عند التعامل مع المعلومات وتفسيرها وأطلقت عليها الأنماط المعرفية وهي:

1. النمط الاسترجاعي: ويتميز أصحاب هذا النمط بقبول المعلومات كما يتذكرونها دون محاكمة أو تغيير.
2. النمط الناقد: يتميز أصحاب هذا النمط بمحاكمتهم للمعلومات والتشكيك بها والتحقق من صدقها.
3. نمط المبادئ: ويتصف أصحاب هذا النمط بقبولهم لأية معلومات تساعدهم على توضيح مبدأ أو قانون أو أية معلومات لها علاقة بذلك.
4. نمط التطبيقات: ويتصف أصحاب هذا النمط بقبولهم للمعلومات لأنها من الممكن أن تكون ذات قيمة عالية للاستخدام في موقف تعلمي أو اجتماعي معين.

ما مكونات الأساليب المعرفية:

أكد العالمين ريد وريينز أن الأسلوب المعرف كغيره من المتغيرات النفسية (كالاتجاهات) يتكون من ثلاثة مكونات تحدد معًا أسلوب الفرد في التفكير وهي:

1. المكون الانفعالي: وينطوي على المشاعر التي تصاحب الفرد عند التعامل مع المواقف المختلفة.
2. المكون السلوكي: يتعلق بالسلوكيات التي تصاحب الأسلوب المعرفي أو تنتج عنه.
3. المكون المعرفي: يتعلق بمعرفة الفرد ووعيه بأسلوبه المعرفي.

لا يفوتك نظرية برونر في النمو المعرفي والتعلم بالاكتشاف.

تختلف الأساليب المعرفية عن الذكاء إلى حيث إن الأساليب المعرفية تهتم بأسلوب أو شكل النشاط المعرفي الذي يؤدي إلى سلوك ما دون الاهتمام بمحتواه، ويميز بعض علماء علم النفس الأساليب المعرفية والقدرات العقلية بالجوانب الآتية:

1. تشير القدرات العقلية على محتوى المعلومات ومكونات العمليات العقلية أثناء تناول المعلومات ومعالجتها، بينما تشير الأساليب المعرفية إلى طريقة التوصل إلى المعرفة.
2. ترتبط القدرات العقلية بمجالات محددة كالقدرات العددية والرياضية واللفظية وغيرها، بينما تعكس الأساليب المعرفية، بل تؤثر على جميع أشكال القدرات بالإضافة إلى السلوكيات الانفعالية والاجتماعية في دراسة الشخصية.
3. يتم قياس القدرات من خلال أقصى مستوى للأداء يستطيع الفرد تحقيقه(اختبارات الذكاء)، بينما يتم قياس الأساليب المعرفية من خلال شكل الأداء أو كيفيته في المواقف المختلفة (اختبار الأشكال المتضمنة).
4. تتميز القدرات بأنها أحادية القطب (من نهاية صغرى إلى نهاية عظمى) بينما تعد غالبية الأساليب المعرفية ثنائية القطب (طرفان متناقضان).

تعد الضوابط المعرفية بمثابة ميكانيزميات منظمة تهدف إلى التوفيق بين البنى المعرفية الداخلية ومتطلباتها والعالم الخارجي ومثيراته، وينظر بعض علماء علم النفس أمثال جاردنر وكلاين إلى الأساليب المعرفية كضوابط معرفية لتمييز الفرد عن غيره من الناس، ويمكن التمييز بين الضوابط المعرفية والأساليب المعرفية من خلال الجدول التالي:

اطلع على أهم طرق حل المشكلات في علم النفس

تؤكد الدراسات أن الأساليب المعرفية تعتبر أحد موجهات عملية التعلم كونها تفرض شكلًا وطريقة للتعامل مع مثيرات البيئة ومواقف التعلم الجديدة، ويؤكد ريدر ورينر أن التعلم يتأثر بالتفاعل بين الأساليب المعرفية بعددٍ من المتغيرات مثل:

1- تركيب مواد التعلم:

يشير التركيب إلى الشكل الخارجي لمواد التعلم كهيئتها وحجمها، ومفهوم الفرد الداخلي لهذه المواد كتحديد أسلوب المعالجة وفهم مواد التعلم وإدراكها، فقد يقرر الفرد معالجة مواد التعلم بدرجة عالية من الخيارات والافتراضات أو قد يتناولها من منظور محدد وضيق.

2- أسلوب العرض:

يتأثر الأفراد بأسلوب عرض مواقف التعلم حيث تجد أن الأفراد الذين يميلون إلى استخدام أخيلتهم يفضلون أسلوب الصور بينما الأفراد الذين يعتمدون الأسلوب اللفظي يهتمون بالكلمات والنصوص، كذلك فأن أسلوب عرض المواقف التعليمية حسب الصوت أو الصورة أو كليهما له ارتباط مباشر بالأسلوب المعرفي للأفراد.

3- طبيعة المحتوى:

يتأثر التعلم بطبيعة محتوى الموقف التعليمي حيث تشير الدراسات إلى أن الأفراد يتعلمون بشكل أفضل عندما تكون المعلومات بأسلوب العرض المفضل، كما أن المحتوى المادي يناسب أصحاب الميول اللغوية اللفظية والمحتوى الحسي يناسب أصحاب الخيال الواسع.

أكد بعض علماء علم النفس المعرفي أن أساليب التعلم تتضمن بعدين أساسين هما الإدراك، وتصف عمليات التفكير المادية والمجردة، والبعد الآخر هو معالجة المعلومات وبناء على ذلك، تم تحديد أربعة أساليب للتعلم في ضوء أشكال التفكير المادي، والمجرد، والتأملي، والمباشر، وهي:

الأسلوب المتشعب:

يعالج أصحاب هذا الأسلوب المعلومات من خلال التفكير المادي والتأملي ويجب أن يكون المتعلم متفاعلًا مع الموقف التعلمي بشكل إيجابي وفعال.

الأسلوب التقاربي:

يعالج أصحاب هذا الأسلوب المعلومات من خلال التفكير المجرد والنشط ويتميز هؤلاء بحب التفاصيل والتفكير المنظم خلال التعامل مع الموقف التعلمي.

الأسلوب المتكيف:

يعالج أصحاب هذا الأسلوب المعلومات من خلال التفكير المادي النشط ويتميز هؤلاء باتباع خطوات منظمة خلال التعامل مع المشكلات في أي موقف تعلمي.

الأسلوب التمثلي:

يعالج أصحاب هذا الأسلوب المعلومات من خلال التفكير المجرد والنشط ويتميز هؤلاء بحبهم لمواقف المخاطرة، وتجريب المواقف الجديدة والمرونة خلال التعامل مع المشكلات في أي موقف تعلمي.

1. المدرسة المعرفية في علم النفس
2. نظرية الإرشاد والعلاج المعرفي
3. علم النفس السلوكي

نظرية أوزوبل في النمو المعرفي

في النهاية نكون قد تناولنا الأساليب المعرفية في علم النفس وأهميتها ومفهومها وتعريفها وفقًا لعلماء علم النفس والتطرق إلى أهم مكوناتها والأنماط المختلفة لها بالإضافة إلى توضيح يعض علاقات أساليب علم النفس بالدراسات المختلفة مثل دراسة الذكاء والقدرات، والضوابط المعرفية، ومساهمات الأساليب المعرفية في مجال التعليم وأهم الأساليب التعليمية، نرجو من الله أن يكون مقال نافعًا ومفيدًا لجميع الطلاب والباحثين.

العتوم، عدنان. (2012). علم النفس المعرفي النظرية والتطبيق (ط3). دار المسيرة.