نموذج خطة البحث

يُعَد نموذج خطة البحث تصورا مبدئيا لما سوف يكون عليه البحث العلمي، ويشمل عدة خطوات يتم وضعها بترتيب وتركيز عالٍ من قِبَل الباحث، ومن ثم يبدأ في تطبيقها بكل دقة خطوة بخطوة، حتى يصل إلى نهاية البحث، ويخرج به في صورة متكاملة تساعده في الحصول على تقييم علمي متميز في التخصص الذي ينتمي إليه.

هكذا وتساعد خطة البحث العلمي الباحث على وضع أهدافه التي يسعى للوصول إليها، بالإضافة إلى تحديد المفاهيم التي سيقوم بتناولها داخل محتوى الدراسة، لذلك تعتبر خطة البحث بمثابة هيكل مختصر لجميع محتويات البحث العلمي.

من خلال المقال الحالي سوف نتعرف سوياً على نموذج خطة البحث العلمي من خلال شرح بعض النقاط الهامة وهي كالآتي:

1. تعريف نموذج خطة البحث.
2. أهم العوامل التي تتحكم في إعداد نموذج خطة البحث.
3. أهم عناصر ومكونات نموذج خطة البحث.
4. أهم المعايير التي يجب اتباعها في إعداد نموذج خطة البحث.

إن نموذج خطة البحث العلمي يعتبر  خطة منظمة ومنطقية تهدف إلى توجيه الباحث من خلال تحديد أهدافه التي يسعى إلى تحقيقها والمنهجية العلمية التي يتبعها في الدراسة والأدوات، والتي يستعين بها للوصول إلى هذه الأهداف، كما تُعد خطة البحث العلمي بمثابة الخطوط العريضة التي تحدد المصادر ونوع المعلومات والبيانات التي ترتبط وتتعلق بموضوع الدراسة والبحث، وتحديد أفضل الأدوات اللازمة والتي تتناسب مع طبيعة البحث، لذلك فإنها عمل ضروري لجمع وقياس وتحليل البيانات وتفسيرها، فنموذج خطة البحث العلمي عبارة عن تقرير وافي يعطي للباحث والقارئ صورة نهائية عن مشكلة الدراسة والخطوات اللازمة لحلها.

توجد العديد من العوامل التي تلعب دوراً هاماً في إعداد نموذج خطة البحث، لذلك يجب على الباحث الانتباه لكل هذه العوامل من أجل إعداد نموذج خطة بحث متميز ومتكامل، ومن أهم هذه العوامل المؤثرة في إعداد نموذج خطة البحث الآتي:

أولاً: الجهة المقدم لها نموذج خطة البحث:

تعتبر الجهة المقدم لها نموذج خطة البحث، سواء كانت مدرسة أو جامعة أو كل ما يتعلق بمرحلة الدراسات العليا أحد العوامل المؤثر في طريقة إعداد نموذج خطة البحث، فهناك العديد من المؤسسات والجامعات التي تشترط موضوع وعنوان محدد بالإضافة إلى تحديد عد معين من صفحات البحث أو صفحات الرسالة سواء كانت ماجستير أو دكتوراه، كذلك هناك البعض الذين يطلبون من الباحثين أدوات دراسية محددة معينة في جمع البيانات والمعلومات، لذلك تعتبر الجهة المقدم لها نموذج خطة البحث لها تأثير كبير على كيفية إعداد نموذج البحث العلمي.

ثانياً: التكاليف والعوامل والظروف المادية:

تعد تكلفة ومصاريف إعداد محتوى البحث العلمي من الأمور الهامة التي يمكن أن تؤخذ في عين الاعتبار عند إعداد نموذج خطة البحث، فتوسع الباحث أو اختصاره في البحث عاملان يتوقفان على الظروف المادية للباحث، فلا يجب على الباحث أن يقوم بإعداد رسالة علمية تحتاج إلى تكاليف مادية كبيرة، مما يشكل عبء كبير على عاتق الباحث وتحول بينه وبين إعداد البحث العلمي.

ثالثاً: العامل الزمني والوقت والفترة الزمنية المتاحة:

يجب على الباحث أن ينتبه جيداً للوقت والفترة الزمنية التي تتوافر أمامه أو الذي يحتاجها للانتهاء من إعداد الرسالة العلمية، حيث يعتبر الوقت أحد العوامل التي تؤثر بشكل كبير في إعداد نموذج خطة البحث، ومن الضروري أن تتوافق الخطة مع ما يتوافر للباحث من مدة زمنية ووقت للانتهاء من البحث العلمي الخاص به.

يتضمن نموذج خطة البحث العديد من العناصر الأساسية التي لا يمكن للباحث الاستغناء عنها مهما كان نوع بحثه وتخصصه، والتي يجب على الباحث مراعاتها وإبرازها بوضوح، ومن أهم  مكونات وعناصر خطة البحث العلمي الآتي:

1- عنوان دراسة موضوع خطة البحث العلمي:

أن لكل بحث هدف وموضوع يجب على الباحث أن يقوم بتوضيحه من خلال عنوان موضوع الدراسة في خطة البحث، ويجب عن كتابة عنوان الدراسة مراعاة صياغة العنوان بطريقة جذابة وواضحة، وأن يكون قصيراً وشاملاً لكل جزئيات وتفاصيل البحث.

2- مقدمة البحث:

يبدأ الباحث خطة البحث العلمي الخاصة به بمقدمة مناسبة لطبيعة المشكلة، والتي هي موضوع الدراسة، وخاصة بالبحث العلمي القائم عليه.

3- مشكلة البحث:

يجب أن تحتوي خطة البحث على الإشكالية المعرفية التي يرغب الباحث في رفع الغموض عنها، وذلك من خلال تعريف الباحث بالمشكلة على النحو الذي يثبت إشكاليتها ويحللها إلى مكوناتها البسيطة، ويقوم بتحديدها تحديداً دقيقاً لعرضها بصياغة علمية.

4- منهج البحث العلمي:

يجب على الباحث أن يقوم بتوضيح المنهج أو المناهج الذي يود اتباعها في بحثه، حيث إن كل باحث علمي يريد حل مشكلة معرفية أو بحثية أن يقوم بتحديد منهج البحث الذي يرغب في اتباعه، ولعل العديد من المحددات تتدخل في اختيار المنهج المناسب.

5- أسئلة وفرضيات البحث:

فهي بمجموعة من الجمل الخبرية والاستفهامية التي تدور حول جوانب المشكلة، والتي يسعى الباحث لإيجاد إجابات حولها تقوده إلى حل لهذه المشكلة.

6- أدوات البحث العلمي:

تُعَد أدوات البحث العلمي بمثابة الوسائل التي يستخدمها الباحث للوصول إلى أهدافه، فهي ليست بمصادر ولكنها آليات وطرق تجميع البيانات والمادة العلمية اللازمة في الدراسة.

7- مفاهيم البحث ومصطلحاته:

لكل علم ولكل فرع مشتق من هذا العلم مصطلحاته ومفاهيمه الخاصة به، ومما يجب على الباحث توضيح وإبراز المصطلحات التي استعان بها في خطته وتعريفها.

8- البحوث والدراسات السابقة:

يجب أن تتضمن خطة البحث الدراسات العلمية السابقة التي قام الباحث بالاطلاع عليها، والمرتبطة بمجال موضوع الدراسة أو الموضوعات المشابهة.

9- قائمة المراجع والمصادر:

يجب على الباحث توضيح أهم المراجع والمصادر التي استعان بها في خطة البحث، ويعتبر ذكرها ضرورة اقتضتها وقوف الأستاذ المشرف على حدود إدراك الطالب لما كتب حول الموضوع بهدف الإضافة له.

إن إعداد نموذج خطة البحث يلزم مجموعة من الشروط والمعايير التي ينبغي على الباحث العلمي مراعاتها كي يتمكن من إعداد نموذج خطة بحث جيدة، وتؤدي في الأخير إلى تحقيق أهداف البحث العلمي وأغراضه، ومن أهم هذه المعايير الآتي:

1. ضرورة التزام الباحث العلمي بصياغة عنوان شامل وكامل، فإن العنوان هو ما يوضح الفكرة العامة، وهو الدليل لباقي الخطة.
2. أن تكون فكرة البحث فريدة وتقبل البحث وفق إمكانات الباحث العلمي وأدواته.
3. شمولية العنوان ينبغي على الباحث العلمي أن يقوم بمطالعة العديد من المراجع لإثراء خطته البحثية بالمعلومات، فيخرج القارئ منها على علم بالأهداف التي يسعى الباحث العلمي إلى بلوغها من خلال بحثه.
4. يجب على الباحث الالتزام بجميع عناصر ومكونات خطة البحث بالترتيب الصحيح لعناصرها، فلا يجوز تقديم أو تأخير أي عنصر من عناصر خطة البحث.
5. الاهتمام بارتباط جميع عناصر الخطة بعضها ببعض، مما يضمن وحدة الموضوع وتكامله، مثل اختيار الباحث منهج البحث العلمي الذي يتبعه والأدوات الخاصة بالبحث.
6. من المهم أن يعلم الباحث جيداً أن كل عنصر من عناصر الحطة البحثية له معاييره الخاصة، مثل عنوان البحث يجب أن يكون سهلا وبسيطا ويعكس مضمون البحث، واختيار المشكلة البحثية بكل دقة، ووضع الفرضيات وصياغتها بأسلوب جيد، مما يعكس ارتباطها بمشكلة البحث والأهداف التي يسعى الباحث لتحقيقها، ضرورة الاطلاع على الدراسات السابقة التي لها علاقة بموضوع الدراسة، وذكر المصطلحات التي اعتمد عليها الباحث  في البحث.
7. يجب أن تشتمل خطة البحث على إجراءات محددة ترتبط بمشكلة البحث العلمي، ويجب أخذها بعين الاعتبار، حيث يسعى الباحث من خلال هذه الإجراءات إلى الإجابة على أسئلة البحث.

يعتبر نموذج خطة البحث بمثابة مرجع الباحث العلمي الرئيسي ودليله الإرشادي، إذ يقوم الباحث العلمي بالرجوع إلى تلك الخطة كلما احتاج ذلك في حالة نسيانه بعض الخطوات أو التأكد منها، لذلك هناك العديد من المميزات والفوائد التي تعكس أهمية خطة البحث العلمي من أهمها:

1. توفر خطة البحث العلمي خارطة طريق للباحث العلمي، فترشده لما لا بد له من الالتزام به لتحقيق صحة النتائج، والوصول إلى الهداف التي يسعى لتحقيقها.
2. تمثل خطة البحث العلمي طريقا مضمونا للوصول إلى أهداف البحث العلمي.
3. توفر خطة البحث العلمي مرجعاً للتقييم يعتمد عليه الأستاذ المشرف؛ فإنه يطالع خطة البحث العلمي، ويطالع البحث ويدرك حجم الجهد المبذول في الدراسة، ولأي مدى كان الباحث موفقاً في اقتفاء خطوات خطته البحثية.
4. تساعد خطة البحث العلمي الباحث في توجيهه أثناء كتابة البحث العلمي؛ مِن خلال القوالب والمحدِّدات التي تتضمنها الخطة، وما هي المضامين، وكيف ينبغي أن تكون، بالإضافة إلى تحديد مقصد وأهمية البحث العلمي.
5.  تساعد الباحث على تخيل الأوساط التي سيعمل فيها، والأدوات التي سيحتاجها، والعوائق التي سيتعرض لها؛ وبالتالي يمكنه أن يقرر إذا ما كان سيقدم على هذا البحث، أم يؤجلُه إلى فرصة أخرى.
6. أن خطة البحث العلمي توفر على الباحث إمكانياتِه كلها؛ فالذي يرسم خطة واضحة، وشاملة، لن يجد نفسه في الغالب مضطراً إلى إنهاء عملية البحث، أو البدء مِن جديد؛ وبالتالي توفر عليه الخطة ما كان سيخسره مِن الجهود والأموال، خاصةً إذا كان البحث يتضمن تنقلاً وحركة مستمرَّيْن.

في نهاية هذا المقال نكون قد توصلنا إلى شرح نموذج خطة البحث العلمي، بدايةً من تعريفه وعرض لأهم العوامل المؤثرة في إعداده والمعايير التي يجب توافرها، وذكر لأهم مكونات وعناصر خطة البحث، وصولاً لعرض أهمية إعداد نموذج خطة البحث، نرجو من الله أن يكون هذا المقال مفيداً لجميع الباحثين وطلاب الدراسات العليا ماجستير ودكتوراه، مع تحيات شركة دراسة للاستشارات الأكاديمية وخدمات البحث العلمي والترجمة.

الدليمي، عصام حسن وصالح، علي عبدالرحيم. (2014). البحث العلمي أسسه ومناهجه. الطبعة الأولى. دار الرضوان للنشر والتوزيع. عمان.

عباس، محمد خليل ونوفل، محمد بكر والعبسي، محمد مصطفى وأبو عواد، فريال محمد. (2007). مدخل إلى مناهج البحث في التربية وعلم النفس. الطبعة الأولى. دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة. الرياض. المملكة العربية السعودية.