أكد (حيمر، 2017، 30) أنه إذا كان جون رولز يقدم عدة نظريات محكمة تتلخص في المفاهيم الرئيسية التي يحرص على توضيحها وشرحها في مختلف أعماله ليوضح التصور السياسي للعدالة الأكثر قبولاً لتحديد الصيغ المنصفة للتعاون بين المواطنين ومن بين هذه النظريات بعض الأفكار الهامة التي تتمثل في الآتي:
أولاً: فكرة المجتمع جيد التنظيم:
يعرفه جون رولز بكونه المجتمع الذي لم نصوره لضمنان خير أفراده، كما أنه يتميز بكونه محكوم بتصور عمومي للعدالة، ففي هذا المجتمع يحترم كل الأفراد نفس مبادئ العدالة التي يعرف أن كل فرد آخر يحترمها بالقدر نفسه، كما أن المؤسسات الاجتماعية القائمة تحترم هذه المبادئ وتجسدها.
ثانياً: فكرة البنية القاعدية:
تعني هذه المقولة الطريقة التي توزع بها المؤسسات الاجتماعية الأساسية الحقوق والوجبات الرئيسية وتحدد توزيع المنافع المستمدة من التعاون الاجتماعي.
ثالثاً: فكرة الوضعية الأصلية:
يعني بها حالة الجمود الأولى التي تضمن عدالة التوافقات الأساسية التي يمكن التوصل إليها لاحقاً، فيمكن تقويم مدى عقلانية وملائمة نظرية ما للعدالة إذا كانت مبادئها قد انتقاها أشخاص عقلانيون من بين مبادئ أخرى في وضعية أصلية.
رابعاً: فكرة حجاب الجهل:
هذه الفكرة ترتبط عضوياً بالمقولة السابقة وتعني افتراض وضع المتعاقدين الأصليين خلف غطاء الجهل، حيث لا يعرفون كيف سيؤثر مختلف الإمكانات والاحتمالات على وضعياتهم الخاصة، لذا فهم مرغمون على تقديم مبادئ العدالة على قاعدة الاعتبارات العامة وحدها.
خامساً: فكرة الإجماع عن طريق التوفيق:
الفكرة التي يراد بها إضفاء سمة الواقعية على مقولة المجتمع جيد التنظيم، مع مراعاة الظروف التاريخية والاجتماعية للمجتمعات الديمقراطية القائمة على التعددية المتعلقة، فالإجماع الذي يحصل في مثل هذه المجتمعات التي يختلف فيها الناس من حيث الانتماءات والرؤى هو إجماع ناتج عن النفاش والتحاور الذي يفضي إلى نقاط اجتماعية تتجاوز تضارب المواقف المعيارية.
سادساً: فكرة العقل العمومي:
يقصد به عقل المواطنين المتساويين الذين يمارسون بصفتهم جسماً جماعياً السلطة السياسية والإكراهية القصوى بعضهم على بعض عن طريق إصدارهم للقوانين ومراجعتهم لدستورهم، فالعقل العمومي هو دائرة الحوار الحر داخل فضاء المواطنة المشترك في مقابل العقل غير العمومي، الذي يتشكل في المؤسسات الدينية ولدى الروابط العلمية والمنتديات الخاصة، وهو مقبول في حدود حرية الوعي والتعبير.
ولكنه لا يمكن أن يعوض العقل العمومي أو يقيده، لأنه مجال الثقافة والقيم المشتركة نلاحظ أهنا أن أشكال العلاقة بين التأسيس الإجرائي للعدالة يكرسه مبدأ أولوية العدالة (الإنصاف) على الخير والمنظور القيمي للثقافة السياسية الليبرالية بصفتها التعبير على العقل العمومي.