المدارس الفكرية في علم النفس

كان ظهور المدارس الفكرية في علم النفس نتيجة لما رأوه علماء علم النفس في أن اتجاه المدرسة البنائية التي  أنشأها فلهلم فونت غير عملي وأن علم النفس يجب أن يدرس مشكلات الحياة اليومية مما جعلهم يتخلون عن المدرسة البنائية وظهور العديد من المدارس الفكرية في علم النفس.

كان هناك محاولات لفهم الطبيعة الإنسانية ظهرت قبل نشأة علم النفس العلمي بما يشتمل عليه من مدارس فكرية، وتتضمن تلك المدارس الفكرية في علم النفس أحد المحاولات التي ترجع تاريخها لقِدَم التاريخ المدون نفسه.

 فأول المحاولات لشرح الطبيعة الإنسانية كانت تعزو شعور الإنسان الواعي إلى روح داخلية أو كائن داخل صغير يسكن في مكان ما من جسم الإنسان. وفي العصور المتقدمة تعدد مدارس علم النفس واستمر الفلاسفة في وضع النظريات عن طبيعة الخبرة والسلوك الإنساني. وقد تم التأكيد أن المعرفة الإنسانية تكتسب خلال الحياة وليست موروثة أي ليست مؤسسة أو قائمة على أفكار فطرية موروثة. لذا فقد سلط المقال الحالي الضوء على المدارس الفكرية في علم النفس وهي:

1. المدرسة البنائية.
2. المدرسة الوظيفية.
3. مدرسة التحليل النفسي.
4. المدرسة السلوكية.
5. مدرسة الجشطالت.
6. علم النفس المعاصر.
7. المدارس الفكرية في علم النفس pdf.

1. في عام ١٨٧٩ أسس وليام فونت من علماء الفسيولوجيا الألمان علم النفس كعلم مستقل مبني على أسس البحث العلمي.
2. تم إنشاء أول معمل تجريبي لعلم النفس وأجرى دراسات مبكرة على ظواهر الإحساس والتخيل.
3. بعد ذلك بقليل ظهرت معامل أخرى لعلم النفس في أوروبا وأمريكا.
4. أطلق على فونت وأتباعه أنصار المدرسة البنائية أو البنائية ذلك الاسم لأنهم كانوا يدعون أن الخبرات العقلية المعقدة ما هي إلا تركيبات مكونة من حالات عقلية بسيطة مثل المركبات الكيماوية التي تتكون من عناصر كيماوية بسيطة.
5. وافترضوا أنه من وظائف السيكولوجي أن يدرس تراكيب الوعي أو الشعور وأن يضع القوانين التي تشرح تكوينه.
6. أما منهج البنائية فكان عبارة عن التحليل الاستبطاني أي تحليل الخبرات الشعورية عن طريق الاستبطان.
7. ترى هذه المدرسة أن علم النفس يبحث عن دور الشعور في التكيف مع البيئة وهذا يوضح تأثير دارون، فالشعور هو إحدى الوسائل التي يستعين بها الإنسان حتى يتكيف مع بيئته، وذلك بالتعاون مع تكوينه الجسمي.
8. حاولت المدرسة البنائية الربط بين الاتجاه الوضعي والحسي في كل من بريطانيا وفرنسا بالاتجاه العقلي الألماني، حيث ركزوا على المدركات الحسية مع اعترافهم بالعمليات العقلية.

1. في حوالي عام ١٨٩٩ نشأت مدرسة من مدارس علم النفس أسسها بعض العلماء الذين لم يرضوا عن اتجاه البنائية في التوكيد على الحالات العقلية.
2. بدلاً من التساؤل كما فعل البنائيون ما هو الشعور. اهتم أنصار المدرسة الوظيفية بسؤال آخر: هو لماذا يوجد الشعور؟ أو بعبارة أدق ما هي وظائف الشعور؟  أي ما هي أغراضه وأهدافه أو وظائفه؟.
3. ونظرا لأنهم أرادوا معرفة كيفية استخدام الناس للخبرة العقلية في التكيف مع البيئة، فقد أطلق عليهم أسم الوظيفيين وفي الواقع أرادوا أن يركزوا انتباههم على دراسة عملية التعلم.
4. يعد وليم جيمس أشهر رواد المدرسة الوظيفية وقد تأثر بنظرية دارون في الانتخاب الطبيعية.
5. سعت المدرسة الوظيفية في علم النفس إلى إدخال دراسة سلوك الحيوان كما اهتمت بتطبيق علم النفس في عدة مجالات كالتعليم.

من أهم أسباب فقدان ثقة علماء علم النفس بمنهج الاستبطان الذي تبنه المدرسة البنائية الآتي:

1. لأن مجرد ملاحظة الفرد لخبرته الشعورية يؤدي لتغيير طبيعة الشعور.
2. إن ملاحظين مختلفين يستخدمون عملية الاستبطان لتحيل عملية عقلية مختلفة كثيراً ما يصلون إلى نتائج مختلفة.
3. أن النتائج التي يصل إليها ملاحظ معين لا يمكن للملاحظين الآخرين التحقق منها.
4. إن طريقة الاستبطان قد حددت كثيراً من مجالات البحث في علم النفس، مما أدى إلى عدم إمكانية دراسة الخبرة الشعورية للأطفال والمضطربين عقلياً والحيوانات.

1. في أوائل الفترة من سنة ١٩٠٠، عندما انفصلت المدرسة الوظيفية عن المدرسة البنائية شهدت أيضا هذه الفترة تأسيس مدرسة سيكولوجية أخرى هي مدرسة التحليل النفسي.
2. ساعد على ظهورها حدوث تقدم في مجال الطب النفسي والتنويم المغناطيسي ولقد قاد حركة التحليل النفسي عالم النفس النمسوي سيجموند فرويد  وركز اهتمامه على العمليات العقلية اللاشعورية.
3. أهمل فرويد مشكلة الشعور ووجه جهوده نحو فهم ووصف ما أسماه اللاشعور وفي نظره أن هذا الجزء من الحياة العقلية لا يمكن سبر أقراره أو ارتياد مجاهله بمناهج علم النفس السائدة في أيامه أي منهج الاستبطان أو منهج التجريب المعملي.
4. وتبعا لفرويد أصبح علينا أن نبحث عن المصادر الأولية للصراعات والاضطرابات العقلية في أعماق اللاشعور.
5. اللاشعور هو مستودع الآمال والآلام والرغبات المكبوتة التي تؤدي إلى ظهور الاضطرابات العقلية ومن أجل ذلك أي من أجل دراسة ظاهرة اللاشعور ابتكر فرويد منهجا خاصا هو منهج التحليل النفسي.
6. يقوم هذا المنهج على أساس تفسير أفكار المريض تلك الأفكار التي تنساب انسيابا حرا بفعل التداعي الحر، وكذلك عن طريق تحليل أحلام المريض.
7. هذه النظرية كانت تمثل في وقتها خروجا في علم النفس على المضمون والمنهج السابقين في وقته.
8. عبر السنين جذب منهج التحليل النفسي كثيرا من الأنصار والمؤيدين. كما خلق كثيرا من الأعداء والمعارضين وأدى ذلك إلى حدوث كثير من التطوير والتعديل في هذا المنهج.

1. في خلال الحرب العالمية الأولى (من ١٩١٤ إلى سنة ١٩١٨) ظهرت مجموعة من علماء النفس في أمريكا أطلقوا على أنفسهم أسم السـلوكيين.
2. كانت السلوكية كمدرسة التحليل النفسي لا تهتم بالشعور، وكانت تشكك في قيمته.
3. من أشهر روادها جون واطسون وكان اهتمامه الأساسي بإجراء التجارب على الحيوانات ولم يكن للمناهج المعروفة في عهده أي فائدة من هذا النوع من التجريب.
4. لم يكن الشعور أو الاستبطان أو اللاشعور من المناهج ذات القيمة العملية بالنسبة للتجارب التي تجري على الحيوان تلك التجارب التي اهتم بها واطسون.
5. وبطبيعة الحال كان أول ما يـلاحظه المجرب هو السلوك أي سلوك الحيـوان وكانت فكرة السلوك هي أهم فكرة عند السلوكي لأنه موضوعي ويستبعد الذاتية المتضمنة في دراسة الشعور والاستيطان والتداعي الحر من اللاشعور.
6. نقل السلوكيون هذا المنهج التجريبي من دراسة سلوك الـحيوان إلى دراسة سلوك الإنسان. ولقد اعتمد السلوكيين اعتمادا كبيرا على الفسيولوجيا أي علم وظائف الأعضاء.
7. لذلك كانت أعظم إضافاتهم لعلم النفس هي دراستهم للاستجابات الشرطية،  وعلى الرغم من أن آراء السلوكية قد لاقت بعد ذلك كثيرا من التحدي والنقد إلا أن اتجاهها الموضوعي انتقل إلى علم النفس المعاصر، وخاصة في أعمال كلارك هل  وإدوارد تولمان  وغيرهما.

1. عارضت مدرسة الجشطالت كل من المدرسة السلوكية والبنائية في أنه من الخطأ تقسيم العلميات النفسية إلى أجزاء لأن الخبرة النفسية في كليتهما تختلف عن مجموع الأجزاء التي تتكون منها.
2. في أثناء الحرب العالمية الأولى أجرى أحد العلماء الألمان وأسمه ولفجانج عدة تجارب على عملية التعلم عند القردة ولقد أقنعته هذه التجارب بأهمية عملية الاستبصار في عملية التعلم.
3. التعلم في نظره يتم عن طريق الاستبصار أي الفهم العام لعناصر الموقف الذي يوجد فيه الكائن الحي.
4. أيدت تجارب كوهلر نظرية رجل أخر يدعى ماكس ورذيمر أن الخبرة ككل تعتبر أكثر أهمية من عناصرها أو أجزائها في تحديد معناها، فالكل له معاني أكثر من مجرد تجميع معاني أجزائه جزءا جزءاً.
5. مدرسة الجشطالت استمدت أسمها من كلمة ألمانية معناها الصيغة، والصيغة في مدركاتنا الحسية تتكون من شكل وأرضية بحيث يكون الشكل قوياً وبارزا وواضحا. أما الأرضية فتكون أقل بروزا ووضوحا.
6. رأت المدرسة الجشطالتية أن كثير من صور التنظيم النفسي على خلاف رأي واطسون إنما هي فطرية وليست متعلمة.
7. انتشرت المدرسة الجشطالتية في أوروبا وأمريكا ولا يزال تأثيرها واضحاً في مجال الإدراك الحسي والتعلم والشخصية.

1. هناك كثير من علماء النفس الذين يعتقدون أن الحقيقة السيكولوجية لا يمكن إن تكون حكرا على مدرسة معينة واحدة.
2. هناك موضوعات مختلفة اهتمت بها المدارس الخمس المختلفة. وعلى ذلك فهذه المدارس الخمسة تمثل أصابع اليد الخمسة بدلا من أن تمثل خمسة أيدي يختلف كل منها عن الآخر.
3. لكل مدرسة موضوع رئيسي خام. فعلى حين اهتمت المدرسة البنائية بدراسة الإحساسات اهتمت مدرسة التحليل النفسي بدراسة اللاشعور وهكذا.
4. وإلى جانب ذلك فإن لكل مدرسة جانبا من الصواب فهذه المدارس تتناول موضوعات مستقلة ولكل مدرسة مناهجها الخاصة. هذا وإن كان الاهتمام في علم النفس الحديث، لم يعد يركز على فكرة المدارس.

للتعرف على مزيد من المدراس الفكرية في علم النفس pdf  يمكنك تحميل كتاب المدراس الفكرية في علم النفس pdf  من خلال الرابط التالي (أضغط هنا).

العيسوي، عبدالرحمن. (1997). أصول البحث السيكولوجي. دار الراتب الجامعية.

القشاعلة، بديع. (2021). مدارس علم النفس. مركز السيكولوجي للنشر الإلكتروني.