ويتطلب البحث العلمي توظيف مهارتين أساسيتين وهما المهارات النظرية والمهارات المنهجية وتعتبر تلك المهارات من المهارات الضرورية التي يتم استخدامها على المستويين النظري والتجريبي. ويمكن القول بأن المهارات المنهجية تعتبر من المهارات المعيارية وهي مهارات ثابتة عبر التخصصات المختلفة، ويمكن اكتسابها بسهولة من خلال برامج الدكتوراه، في حين أن المهارات النظرية تعتبر من المهارات الأكثر صعوبة في الوصول إلى حد الإتقان بها؛ نظرًا لكونها تحتاج إلى سنوات من الملاحظة والتأمل، كما أنها مهارات ضمنية لا يتم تدريسها بل يتم تعلمها من خلال الملاحظة (Bhattacherjee, 2012, 4).
هذا إضافة إلى الدور الخاص بالتكنولوجيا في تعزيز عمليات البحث العلمي؛ حيث تسهم التكنولوجيا بدور بارز في عمليات نشر وتوزيع المعرفة، كما أننا نجد أن التكنولوجيا تسهم بدور بارز في بيئات التعليم العالي من حيث تسهيل عمليات البحث العلمي والوصول إلى العلة أو الكيفية التي تحدث من خلالها الأشياء بالشكل الذي يعزز من المعرفة العلمية (Ryhan & Mohammed, 2013, 195). وبالرغم من أن السياسات والأهداف الخاصة بالبحث العلمي يتم تحديدها من جانب الحكومة والهيئات المالية المعنية؛ إلا أن التطبيقات التكنولوجية تسهم بدور أساسي في رسم تلك السياسات بما يتفق مع القيم والاحتياجات الخاصة بالمجتمع (RÖHM, 2006, 17).
ويذكر (Dekeyser, 2012, 315) عدد من المتطلبات والاعتبارات الأساسية التي ينبغي أخذها في الاعتبار من أجل نجاح عمليات البحث العلمي والتي يمكن توضيحها في النقاط التالية:
- تعتبر العلوم التكنولوجية ضرورة حيوية من أجل الوصول إلى التنمية الاقتصادية المنشودة وتحقيق تطور صناعي قادر على الصمود أمام الشركات الغربية.
- تعد العلوم الأساسية (الفيزياء، والكيمياء، والأحياء) من بين أبرز المجالات التي تساعد على توليد العديد من الأفكار الجديدة.
- التأكيد على أهمية العلوم الإنسانية في مجال البحث العلمي؛ ذلك لأن وجود مجتمع دون وجود ثقافة إنسانية قوية يعتبر مجتمع غير آدمي.
ولكي يسير العلم على الخطى المحددة له، ويتمكن من خدمة المجتمع وأفراده على النحو الأكمل فإنه ينبغي على الباحثين والعاملين في مجال العلم إتباع عدد من القواعد والتنظيمات المحددة (Berk, 2000, 315). كما ينبغي التأكيد على أن الباحث الذي يتولى القيام بعمليات البحث العلمي ينبغي أن يكون على إلمام تام بطبيعة المناهج البحثية التي يتم توظيفها في العملية البحثية والأدوات المختلفة التي يمكن الاستعانة بها في ذلك الأمر، وتعتبر المعرفة بتلك الأمور أساسًا للقيام بالعملية البحثية بصورة أفضل، كما أنها تساعد على خلق حالة من التفكير المنظم والتفكير بصورة موضوعية في القضايا المختلفة، هذا إضافة إلى أن المعرفة بالكيفية التي يمكن من خلالها القيام بالعملية البحثية بصورة دقيقة من شأنه أن يساعد الباحث فيما بعد على تقييم النتائج التي يتم الحصول عليها، أضف إلى ذلك أن معرفة الكيفية التي يمكن من خلالها القيام بالعملية البحثية من شأنه أن يساعد على إشباع النهم المعرفي للفرد واكتساب الخبرات الجديدة (Kothari, 2004, 10).
وتعتبر مهارات البحث العلمي أحد أبرز المهارات التي يعتمد عليها نجاح العملية البحثية، ولقد أكدت نتائج دراسة (Sanders et al., 2010) على أن الاهتمام بتنمية مهارات البحث العلمي من شأنه أن يساعد على تعزيز مهارات التفكير العليا، وتحسين مستوى الكفايات الإجرائية، وتعزيز القدرة على اختبار الفرضيات وتحليل النتائج.
ولكي يتمكن الباحث العلمي ذاته من الإيفاء بمتطلبات العملية البحثية فإنه ينبغي أن يتوافر فيه عدد من المهارات والتي حددها (Al-Khasawneh, 2013, 464) على النحو التالي:
- المهارات الإدارية: وتتضمن تلك المهارات قدرة الباحث على التخطيط والتنظيم، والمتابعة، وجمع البيانات، وكذلك قدرته على التحكم في العملية البحثية، واتخاذ الإجراءات الصائبة بشأنها، ومن ثم التوصل إلى عدد من النتائج السليمة.
- المهارات الفنية: وتتضمن تلك المهارات قدرة الباحث على التحليل واستخدام كافة التقنيات والوسائل العلمية، والقدرة على المعالجة الإحصائية للبيانات بما يتفق مع الأهداف والافتراضيات والمتغيرات المختلفة التي تتضمنها الدراسة.
- المهارات الفكرية: وتتضمن تلك المهارات الذكاء، ونفاذ البصيرة، والقدرة على التحليل المتعمق للأمور المختلفة، وكذلك القدرة على استخدام المنطق العلمي من أجل الوصول إلى النتائج المطلوبة.
ومن خلال ما سبق فإنه يمكن القول بأن أهم متطلبات عملية البحث العلمي في وقتنا الحالي هو الاعتماد وبشكل أساسي على التكنولوجيا الحديثة التي من شأنها أن تساعد على تيسير كافة العمليات المرتبطة بالبحث العلمي وتعمل على زيادة مستويات الدقة الخاصة بالنتائج المقدمة، هذا إضافة إلى أن المطلب الأساسي للبحث العلمي هو السير على خطوات المنهج العلمي والتمتع بمهاراته المختلفة والإلمام بمناهجه المختلفة من أجل ضمان سير العملية البحثية بشكل ممنهج وسليم وبالشكل الذي يضمن تحقيق النتائج المرجوة.