هذا المقال يتناول تعريف البحث العلمي وأهمية البحث العلمي في حياتنا الملموسة، خاصة مع ما عايشناه في ظل أزمة فيروس كورونا،
وكيف ساهم البحث العلمي في حماية الجنس البشري من عواقبها الوخيمة.
لا يشك عاقل في أهمية البحث العلمي في حياتنا، لا سيما وقد شرف الله الإنسان بالعلم، قال الله تعالى: (عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعلَمْ). فالعلم هو أشرف الميادين التي تتنافس فيها العقول البشرية، ونحن في عصر العلم شاهدين ولا شك على تصارُع الأمم في ميادين العلوم والمعارف بغية الفوز بالتقدم. ولا شك أن الإنسانية كلها تجني ثمرة هذا التنافس، الأمر الذي يعكس أهمية البحث العلمي في حياتنا العملية. ولا ريب أن البحث العلمي يعد الأساس الذي تنبني عليه الحضارات وتنهض الأمم، فإن سائر التقنيات التي سهلت حياة الناس في الواقع تعكس أهمية البحث العلمي في حياتنا العلمية. وكذلك التقنيات الطبية التي تساعد في اكتشاف الأمراض وفحص المرضى والتشخيص والتدخل الجراحي كلها من نتاج البحث العلمي. وقد شهد العالم في الآونة الأخيرة تسابقاً وتنافساً من أجل إنقاذ العالم مما كاد يشكل خطراً حقيقياً على بقاء الجنس البشري واستمراره، أعني فيروس كورونا، الذي كان كاشفاً عن أهمية البحث العلمي في حياتنا. فقد تسابقت المنظمات البحثية من أجل اكتشاف علاج لفيروس كورونا، ثم تسابقت لاكتشاف لقاح يحمي من الإصابة بالفيروس الجديد. واستمرت تجارب الأطباء على المرضى والمتطوعين، وقد بذل آلاف الباحثين المتخصصين في علم الأمراض (Pathology) وعلم العقاقير (Pharmacology) وعلم الأحياء الدقيقة (Microbiology) جهوداً عظيمة، حتى جنوا ثمار بحوثهم العلمية وتمكنوا من اختراع عدة لقاحات لحماية مليارات البشر من الموت المحقق.
ولا تقتصر أهمية البحث العلمي على الطب وحده، وإنما تمتد لتشمل سائر المعارف الإنسانية في ميادين الهندسة الوراثية والزراعة والهندسة وغيرهم. فإن التطور العسكري وسيطرة الدول الكبرى على الدول الأصغر وفرض سياساتها وهيمنتها الثقافية ليس إلا نتاجاً لتطبيقات البحوث العلمية. مما ينبئك عن أهمية البحث العلمي في حياتنا وأثره في حياة الناس ابتداءً من أساسيات الحياة وضرورياتها وانتهاءً بالكماليات التي تسهل حياتنا. ولما كان الحكم على الشيء فرع عن تصوره، كان لزاماً علينا أن نبين للقارئ تعريف البحث العلمي وما المقصود بالبحث العلمي، قبل الشروع في الكلام على أهمية البحث العلمي في حياتنا.
تعريف البحث العلمي
سبق وأن أفردنا مقالاً لتناول تعريف البحث العلمي ومفهومه وخصائصه، فالبحث العلمي هو عملية فكرية منظمة يقوم بها الباحث من أجل تقصي الحقائق المتعلقة بمشكلة معينة تسمى مشكلة البحث أو موضوع البحث. ويتبع الباحث في بحثه سلسلة من الخطوات المنظمة التي تسمى منهج البحث، ومنهج البحث هو ما يرسم الطريق الذي يسلكه الباحث بحثاً عن حل للمشكلة البحثية، وهو كذلك الذي يحدد سبيله للوصول إلى نتائج تصلح للتعميم على المشكلات المماثلة. وتعريف البحث العلمي عند فان دالين هو: "محاولة دقيقة ناقدة للوصول إلى حل للمشكلات التي تحير الإنسان وتقضض مضجعه". بينما يقول رومل أن تعريف البحث العلمي هو: " إنه تقصي أو فحص دقيق يهدف اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة وزيادة المعرفة الحالية والتحقق منها". ويمكننا تلخيص ما سبق وتعريف البحث العلمي بأنه: الدراسة الموضوعية التي يقوم بها الباحث في أحد فروع العلوم الطبيعية والإنسانية، وتهدف هذه الدراسة إلى معرفة واقعية ومعلومات تفصيلية عن مشكلة معينة يعاني منها المجتمع والإنسان سواء كانت هذه المشكلة تتعلق بالجانب المادي أو المعنوي أو الجانب الحضاري للمجتمع، وتختلف الدراسات حسب الإجراءات البحثية المتبعة فيها؛ فقد تكون دراسة مختبريه تجريبية أو دراسة إجرائية أو ميدانية إحصائية أو دراسة مكتسبة تعتمد على المصادر والكتب والمجلات العلمية التي يستعملها الباحث في جمع الحقائق والمعلومات عن المشكلة المزمع دراستها ووصفها وتحليلها.
أهمية البحث العلمي في حياتنا
البحث العلمي هو المحرك الرئيسي للشعوب في طريقها نحو النهضة، وهو وقودها في سبيل التقدم، ويمكننا إيجاز أهمية البحث العلمي في حياتنا في النقاط الآتية:
- فهم قوانين الطبيعة والسيطرة عليها وتوجيهها لخدمة الإنسان، وهذا هو الهدف الرئيسي للبحث العلمي.
- دراسة الظواهر المختلفة واستنباط قوانين عامة أو نظريات تفسر تلك الظواهر والعلاقات التي تحكمها، ومن ثم إمكانية التنبؤ بها والتحكم فيها. وتطبيقات ذلك في حياتنا العملية كثيرة كالطيران التي سهلت السفر والتنقل. فالسفر بالطيران هو ثمرة بحوث الفيزياء والميكانيكا التي استطاعت تفسير الظواهر الطبيعية كالجاذبية ومن ثم تسخيرها لخدمة الجنس البشري.
- إيجاد حلول للمشكلات المختلفة التي تواجه الإنسان في تعامله مع البيئة التي يعيش فيها.
- تطوير المعرفة الإنسانية بالبيئة المحيطة بكافة أبعادها وجوانبها الطبيعية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية والإدارية وغيرها.
- تتجلى أهمية البحث العلمي في حياتنا في إضافته تقنيات جديدة وأدوات نافعة، تسهل حياة الأفراد والمجتمعات.
- إثراء المكتبات والمراكز البحثية في بالبحوث العلمية في كافة المعارف الإنسانية وتسهيل إمكانية وصول الباحثين إليها. مما يسمح بمزيد من البحوث العلمية التي ترنو إلى خدمة الجنس البشري.
- تتجلى أهمية البحث العلمي في حياتنا في إسهامه في فهم وتفسير الظواهر النفسية والاجتماعية والسلوكية، ومن ثم العمل على حل المشكلات لتطوير حياة الفرد والمجتمع.
وأخيراً فإن أهمية البحث العلمي في حياتنا تعد من الأمور الملموسة التي لا تحتاج إلى بينة أو دليل، وقد أردنا أن نقدم عرضاً موجزاً نتناول فيه تعريف البحث العلمي وأهمية البحث في حياتنا ليكون لبنة في بناء النهضة المبنية على العلم والمعرفة.