رغم أهمية المقابلة كأداة لجمع بيانات معمّقة وذات طابع إنساني، إلا أن فعاليتها تتأثر بشكل كبير بكيفية إدارتها. وقد يرتكب الباحثون بعض الأخطاء أثناء إجراء المقابلات، سواء لأسباب تتعلق بقلة الخبرة أو التسرّع أو غياب التدريب الكافي، مما قد يؤثر سلبًا على جودة البيانات ومصداقية النتائج. وفيما يلي أبرز هذه الأخطاء التي ينبغي تجنّبها.
أولًا: ضعف التحضير المسبق للمقابلة
من أكثر الأخطاء شيوعًا أن يدخل الباحث إلى جلسة المقابلة دون مراجعة دليل الأسئلة أو الاطلاع الكافي على موضوع الدراسة. هذا يؤثر على تماسك الحوار، ويجعل المقابلة عشوائية أو غير مركّزة.
ثانيًا: طرح أسئلة غير واضحة أو مزدوجة
استخدام عبارات معقدة أو أسئلة تحتوي على أكثر من فكرة في وقت واحد يُربك المشارك، ويؤدي إلى إجابات غير دقيقة. يجب أن تكون الأسئلة بسيطة، ومحددة، ومباشرة.
ثالثًا: التحيّز في طرح الأسئلة أو التفاعل
يقع بعض الباحثين في فخ توجيه المشارك من خلال نبرة الصوت أو تعبيرات الوجه أو صياغة السؤال (مثل: ألا تعتقد أن...؟). هذا التحيز قد يُفسد حيادية البيانات ويؤثر على صدقها.
رابعًا: مقاطعة المشارك أو استعجاله
قطع الحديث أو الضغط على المشارك للإجابة بسرعة يُفقده الراحة والثقة، ويمنعه من التعبير بحرية. يجب منح المشارك وقتًا كافيًا للتفكير والإجابة، خصوصًا في الأسئلة المفتوحة أو الحساسة.
خامسًا: الإطالة أو الانحراف عن موضوع المقابلة
قد يتسبب ضعف السيطرة على الحوار في خروج المقابلة عن محاورها، أو الدخول في تفاصيل لا تخدم أهداف البحث، مما يهدر الوقت ويؤثر على تركيز البيانات.
سادسًا: الفشل في إدارة الموضوعات الحساسة باحترافية
التعامل المباشر أو غير اللبق مع قضايا شخصية أو حساسة دون تمهيد مناسب قد يؤدي إلى انزعاج المشارك أو انسحابه من المقابلة. يجب أن يكون التعامل مع هذه القضايا بأسلوب محترم وإنساني.
سابعًا: الإهمال في توثيق أو تسجيل البيانات
عدم تسجيل المقابلة أو الاعتماد على الذاكرة فقط يعرض البيانات للفقد أو التحريف. حتى عند التدوين اليدوي، يجب أن يكون شاملًا ومنظمًا، مع أخذ موافقة مسبقة على التسجيل الصوتي عند الحاجة.
ثامنًا: تجاهل لغة الجسد أو الإشارات غير اللفظية
التركيز فقط على الكلمات دون الانتباه إلى الإيماءات، ونبرة الصوت، والتعبيرات، يُفقد الباحث ثروة من المعاني التي قد تكون أكثر أهمية من الكلام نفسه.
تاسعًا: إنهاء المقابلة بشكل مفاجئ أو دون تلخيص
عدم توديع المشارك بشكل مهني أو عدم تلخيص أبرز ما تم الحديث عنه في النهاية يُقلل من جودة العلاقة بين الباحث والمشارك، ويُفقد الباحث فرصة التأكد من الفهم الصحيح.
عاشرًا: عدم مراعاة الخصوصية أو الجوانب الأخلاقية
طرح أسئلة غير مناسبة، أو كشف هوية المشاركين، أو استخدام بياناتهم دون إذن يُعد خرقًا أخلاقيًا خطيرًا قد يُفقد البحث مصداقيته، ويعرّض الباحث للمساءلة.