مقياس ديسك لتحليل الشخصية

مع تطور علم النفس في القرن العشرين، سادت بعض الأفكار التي دعت إلى ضرورة الاستفادة من علم النفس في عملية التوجيه المهني. وظهرت مصطلحات مثل: قياس الاستعدادات المهنية، والتوجيه المهني، والتطوير المهني. حيث رأى بعض علماء النفس أن القدرة على قياس استعدادات الشخص لشغل منصب أو وظيفة ما، واختيار الوظيفة المناسبة للشخص، والشخص المناسب للوظيفة.. يوفر الوقت والجهد والمال، يحسن الحالة النفسية والمزاجية للأفراد كما يزيد من إنتاجية الأفراد وكفاءتهم، وبالتالي من إنتاجية الشركة. ونتيجة لذلك ظهرت العديد من الاختبارات المهنية ومقاييس تحليل الشخصية. مثل: مقياس مابس MAPS الذي يرمز إلى Multiple assessments profile system، بالإضافة إلى مقياس بيركمان لتحليل الشخصية، الذي تم تطويره على يد عالم النفس الأمريكي روجر بيركمان. كما يعد مقياس ديسك المطور، الذي نتناوله في هذا المقال، هو ثالث أشهر الاختبارات المهنية ومقاييس تحليل الشخصية.

قبل الشروع في شرح مقياس ديسك، لا بد من تقديم تعريف تقييم ديسك بصورة موجزة. يمكننا تعريف مقياس ديسك لتحليل الشخصية بأنه أداة لتقييم السلوكيات والاستعدادات التي من شأنها المساعدة في التنبؤ بصلاحية الأفراد وملاءمتهم للوظائف المختلفة، وإمكانية تحقيق النجاح في مهنهم، وتوجيههم مهنياً. ويعد نموذج ديسك من مقاييس تحليل الشخصية الحديثة نسبياً، حيث قام عالم النفس الأمريكي وليام مولتون مارستون بابتكاره وتطويره في النصف الثاني من القرن العشرين. وقد اعتمد مقياس ديسك DISC على قياس أربع سلوكيات أساسية، وهي التي اشتق منها اسمه، وهي:

1. الهيمنة Dominance
2. الدافع Inducement
3. الخضوع Submission
4. الامتثال Compliance

ولعل الفكرة الأساسية التي يقوم عليها اختبار ديسك لتحليل الشخصية، تتمثل في قدرة نموذج ديسك لتحليل الشخصية على انتقاء أصلح الأفراد وأكثرهم كفاءة لشغل وظيفة ما، بالإضافة إلى اختيار المهنة المثلى للفرد، ليكون الفرد المناسب في المكان المناسب. ووسيلته في ذلك:

1. تحليل المهن والأعمال المختلفة، من كافة جوانبها الفنية والصحية والاقتصادية والنفسية، للوقوف على متطلباتها المختلفة من استعدادات ومهارات ومعارف وقدرات.
2. تحليل شخصية الفرد بغية الكشف عن جوانب شخصيته المختلفة، سواء السلبية والإيجابية. مع تقييم قدراته الجسدية والحسية والحركية والعقلية، بالإضافة إلى السمات النفسية والاجتماعية التي يتسم بها.

ويتألف اختبار ديسك من عدة أسئلة أو مشكلات أو تمارين تتطلب حلولاً، فيخرج المتخصص بنتيجة تبين مدى ملاءمة الفرد للمهنة أو الوظيفة. وقد تم تصميم نموذج ديسك المطور بحيث يتضمن قياس السلوكيات والاستعدادات المختلفة، التي تتناسب وجميع المهن، ومن أمثلة ذلك: قياس: الهيمنة، والدافع، والخضوع، والامتثال، بالإضافة إلى الاستعداد اللغوي، والاستعداد الحسابي، والاستعداد الميكانيكي، وعامل التصور البصري، والاستعداد للأعمال الكتابية أو الأعمال الأكاديمية، وغيرها من الاستعداد التي تمكن مقياس ديسك من تغطية كافة المهن والأعمال، والتنبؤ بمدى ملاءمة الأفراد وصلاحيتهم لهذه المهن.

1. يساهم مقياس ديسك المطور لتحليل الشخصية في مساعدة الأفراد لاختيار المهن الأنسب لقدراتهم واستعداداتهم، كما يساعدهم في سلوك أقصر السبل لإعداد أنفسهم وتأهيلها للمهن المختلفة.
2. يعمل نموذج ديسك لتحليل الشخصية على الارتقاء بكفاءة الفرد وإنتاجيته، من خلال العمل في ظل أفضل الظروف النفسية والمزاجية، وإبعاده عن المهن التي تصلح له أو تتناسب معه. أي أن اختبار ديسك لتحليل الشخصية يساعد في تطوير المسار المهني للأفراد ودفعهم نحو النجاح.

لا شك أن مقاييس تحليل الشخصية مثل: مقياس مابس MAPS، ومقياس بيركمان، ومقياس ديسك يمكن اعتبارهم تطبيقاً من تطبيقات مدرسة التحليل النفسي التي أسسها فرويد ويونج وأدلر. والتي فتحت الباب أمام عالم النفس الأمريكي وليام مولتون مارستون، والعديد من علماء النفس اللاحقين للاستفادة منها في ابتكار وتطوير مقاييس تحليل الشخصية، عبر تحليل استعدادات الأفراد وقدراتهم ومن ثم توجيههم إلى المسارات المهنية المناسبة. وهو لا شك أمر في غاية الأهمية حيث فتح الباب أمام التطوير المهني للقوى العاملة، بغية زيادة الإنتاجية والكفاءة في كافة المجالات والقطاعات. لذلك نرجو أن يكون هذا المقال قد نجح في تقديم تعريف وشرح نموذج ديسك المطور لتحليل الشخصية بصورة مبسطة وموجزة.