السلوك الإنساني
يحتفظ الباحث العلمي بالعناصر الأساسية للسلوك الإنساني ليتمكن من فهم هذا السلوك الإنساني والتنبؤ به، ويعمل على فرض الفروض المتعلقة بالنماذج الأساسية للسلوك الإنساني والتي تتبع أسس البحث العلمي، ومن ثم يصبح تنظيم هذه الفروض وتنسيقها في إطار منطقي من أساسيات الدراسة العلمية للسلوك. لذا فقد تناول المقال الحالي النماذج الأساسية للسلوك الإنساني.
النماذج الاساسية في دراسة السلوك الانساني
يطلق على عملية تنظيم وتنسيق الفروض والمفاهيم بناء النماذج. والنموذج الأساسي للسلوك الإنساني إذن تقليد أو محاكاة للظاهرة موضع البحث العلمي، بمعني أنه يحدد العناصر المكونة للظاهرة وطبيعة العلاقات فيما بينها. ومن ثم فإن النموذج الأساسي للسلوك الإنساني يوفر منطلقاً مفيداً للدراسة، كما تتمثل قيمة النموذج في قدرته على التنبؤ بالسلوك الإنساني المحتمل. والهدف من بناء النموذج الأساسي للسلوك الإنساني هو محاولة التعرف على الإنسان باعتباره كائناً حركياً من خلال تفسير العلاقات بين المؤثرات التي يتعرض لها والعمليات النفسية المختلفة التي تتم بداخله وأنواع السلوك الناشئة عن ذلك. وبرغم الصعوبة التي تتسم بها عملية بناء النماذج السلوكية، ودرجة التعقيد التي تميزها، إلا أن هناك مزايا عديدة من استخدامها أهمها:
- يعمل هذا النموذج على توفير ما يلزم من إرشادات وتوجيهات تساعد الباحث العلمي على توفير الأطر الدراسية وإيجاد ما يلزم من معلومات لإيجاد العلاقات بين السلوكيات الإنسانية.
- أن النموذج يوفر بالتالي أساساً منطقياً لتفسير السلوك المشاهد والتنبؤ بأشكال السلوك الإنساني المحتملة.
ويوجد ثلاثة نماذج أساسية للسلوك الإنساني هم:
يتمثل نموذج السلوك الفردي في ثلاثة أجزاء هم:
1- أنواع المؤثرات التي يتعرض لها الفرد.
2- التكوين الخاص بالفرد.
3- السلوك الناشئ.
يعمل الإنسان على تنظيم ما يمتلك من سلوكيات تنبع من عمليات نفسية وتتأثر بالمتغيرات البيئية الخارجية وهو ما يعمل على تأسيس الفرد وتكوين شخصيته وهو ما يعمل على تحديد نوع السلوك من قبل هذا المتغير باعتباره يعمل عمل المؤثر. واستخدام هذا النموذج يضع تركيزاً شديداً على عنصر السلوك أو الاستجابة باعتباره الأداة الأساسية لاستنتاج معلومات عن التكوين الخاص بالإنسان كالدوافع، الاتجاهات والقيم التي تحكم اختياره للسلوك.
وتمثل القصور في هذا النموذج في تفسير ما يجري داخل الإنسان داعياً لإطلاق تعبير الصندوق الأسود على التكوين الخاص بالإنسان لذا ينبغي أن يؤخذ هذا النموذج بحذر شديد عند محاولة إيجاد صلة بين مؤثر ما وسلوك معين. فقد أثبتت دراسات سلوكية متعددة أن المؤثر الواحد ينتج أنواعاً مختلفة من السلوك لدي أفراد مختلفين.
تعتبر المتغيرات الداخلية أو عناصر التكوين الذاتي للفرد محل التركيز في النموذج الفردي باعتبارها المحدد الأساسي للسلوك الإنساني. وهذه العناصر تتمثل في الخلفية النفسية للفرد الناشئة عن خبراته وتجاربه الماضية التي تشكل (شخصيته) وتكوينه النفسي عموماً وطريقته في إدراك العالم المحيط به. ولكن هذه التغيرات الداخلية ليست هي العامل الوحيد المحدد للسلوك الفردي فإن الفرد يتأثر أيضاً بالعالم المحيط به، وبالأفراد الآخرين الذين يتعامل معهم بشكل أو بآخر. إن هذه المتغيرات الخارجية تؤثر تأثيراً واضحاً على استجابات الفرد (سلوكه).
مثال على ذلك: أن الجو الاجتماعي في العمل، ونمط القيادة وأساليب المشرفين ونوعية الزملاء في العمل، كلها عوامل تؤثر بلا شك على سلوك الفرد. ومن ثم فإن محاولة فهم وتفسير السلوك الفردي لابد وأن تعتمد على أمرين حتى الآن وهما:
- كافة المتغيرات التي تعمل على تكوين الفرد ذاتياً ونفسياً.
- البيئة المحيطة بالفرد والتي تؤثر على نشأته من عوامل حضارية واجتماعية تعمل على تعديل سلوكه وأقلمته مع تلك البيئة.
- نموذج سلوك الجماعة
يعتبر هذا النموذج امتداداً لنموذج السلوك الفردي الذي يمكن تعميمه ليصف أنماط السلوك لأعداد أكبر من الأفراد في تفاعلهم (جماعات). مثال على ذلك: أنماط السلوك في اجتماع لمجلس إدارة شركة أو اجتماع جمعية عمومية لإحدى المؤسسات. هذه الأنماط يمكن اعتبارها في الأساس وكأنها تتكون من عدد من العلاقات الثنائية. ولكن في أغلب الأحيان لا يقتصر الأمر على مجرد تكرار للعلاقات الثنائية. بل نجد كل فرد في الجامعة يتفاعل مع باقي أعضائها.
إن الجماعة تتميز بنمط خاص من العلاقات يربط بين أعضائها وينمو على مر الزمن مرحلياً. لذا فيمكن القول إن سلوك الفرد ينبع من سلوك الجماعة، وبقاؤه في تلك الجماعة يساعده على تحقيق ما يصبو له من أهداف، وهو ما يعمل على تعديل سلوكه وتأثر تكوينه النفسي شكل مباشر.
مراجع يمكن الرجوع إليها:
السلمي، على. (1995). السلوك الإنساني في الإدارة. القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر.