طلب خدمة
استفسار
×

التفاصيل

أساس المسؤولية المدنية في النظام السعودي

2024/11/21   الكاتب :د. يحيي سعد
عدد المشاهدات(8)

كيف يُحدد النظام السعودي أساس المسؤولية المدنية؟


 

إذ تمعنا بالبحث في شطر الأنظمة السعودية، نجد أنها لم تتضمن قاعدة عامة للمسؤولية المدنية، حيث تطبيق المحاكم أحكام الشريعة الإسلامية في هذا الصدد، لحين صدور نظام للمعاملات المدنية السعودي، غير أن ذلك لا يعني عدم تطرق الأنظمة السعودية للمسؤولية المدنية، حيث نجد كثيرًا من هذه الأنظمة أوردت نصوصًا خاصة للمسؤولية المدنية مبينة أركانها، وما يترتب على توفر هذه الأركان من استحقاق المضرور للتعويض.

من منطلق ذلك أوضحت دراسة لخدمات البحث العلمي من خلال المقال الحالي أساس المسؤولية المدنية في النظام السعودي أهم النصوص الصادرة عن النظام السعودي التي تناولت المسؤولية المدنية، ولكن في البداية سوف نتعرف إلى بعض المفاهيم الخاصة بالمسؤولية المدنية.

تعريف مصطلح المسؤولية:

 

كلمة المسؤولية هي مصدر صناعي من الفعل سأل وهي تأتي في اللغة بعدة معاني، منها استعطاء الشيء، ومنها تساءل القوم أي سأل بعضهم بعضًا، والمسؤولية بوجه عام حال أو صفة من يسأل عن أمر تقع عليه تبعته، فيقال أنا بريء من مسؤولية هذا العمل، وجاء في معجم القانون أن المسؤولية يقصد بها إلزام شخص بضمان النتائج الضارة التي تصيب الغير، والمترتبة على فعل من أفعاله، والمسؤول هو الشخص التي تثبت مسؤوليته عن الفعل الضار.

ما الفرق بين المسؤولية الأدبية والمسؤولية القانونية:

 

المسؤولية بصفة عامة تعني اقتراف أمر يوجب مؤاخذة فاعله، وهذه المؤاخذة قد تكون أدبية أو أخلاقية، وقد تكون قانونية، ويمكن توضيح الفرق بين المسؤولية الأدبية والمسؤولية القانونية من خلال الآتي:

أولًا: المسؤولية الأدبية:

هي المسؤولية التي تترتب على مخالفة واجب أخلاقي أو أدبي، فهي لا تدخل في دائرة القانون، ولا يترتب عليها جزاء قانوني، وإنما أمرها موكول إلى ضمير كل شخص، فالخطأ موضع المؤاخذة في المسؤولية الأدبية هو خطأ أدبي، أي إخلال بواجب أدبي. كمن يخالف العادات والتقاليد وقواعد المجاملات الاجتماعية.

ثانيًا: المسؤولية القانونية:

هي تلك المسؤولية التي تنشأ نتيجة لمخالفة واجب قانوني، فإذا كانت المسؤولية بصفة عامة اقتراف أمر يوجب مؤاخذة فاعله، فإن الأمر المقترف موضع هذه المؤاخذة يتمثل في الإخلال بالتزام قانوني، وأن المؤاخذة هنا عبارة عن جزاء قانوني مدني أو جنائي، فتكون عقوبة جزائية إذا كان الإخلال يمس مصلحة المجتمع.

أهم الفروقات بين المسؤولية الأدبية والقانونية:


 

 

نتاجًا للتعريفات السابقة يتضح أن أهم الفروق بين المسؤوليتين الأخلاقية والقانونية تكن فيما يلي:

  1. من حيث الأساس القانوني: تقوم المسؤولية الأخلاقية على أساس ذاتي محض بينما المسؤولية القانونية يدخلها عنصر موضوعي، وهي مسؤولية شخص أمام المجتمع أو أمام شخص آخر.
  2. من حيث اشتراط الضرر: تتحقق المسؤولية الأخلاقية سواء وجد ضرر أم لا، كما تتحقق لو نزل الضرر بالمسؤول نفسه، أما المسؤولية القانونية فلا تتحقق إلا إذا وجد ضرر، سواء أصاب فردًا غير المسؤول أو أصاب المجتمع ككل.
  3. من حيث النطاق: تعد المسؤولية الأخلاقية الأدبية أوسع نطاقًا من المسؤولية القانونية، فهي قد تتصل بعلاقة الإنسان بربه، أو بعلاقته بغيره من الناس أ وحتى علاقته بنفسه، بينما المسؤولية القانونية لا تتصل إلا بعلاقة الإنسان بغير من الناس.

أوجه الاختلاف والارتباط بين المسؤولية الجزائية والمسؤولية المدنية:

 

لا تُخل المسؤولية المدنية بالمسؤولية الجزائية، ولا تأثير للعقوبة في تحديد نطاق المسؤولية المدنية وتقدير التعويض، وعليه؛ يتضح أن بين المسؤوليتين الجزائية والمدنية مظاهر اختلاف وأخرى للارتباط، على النحو التالي:

أولًا: أوجه الاختلاف بين المسؤولية الجزائية والمسؤولية المدنية:

يمكن توضيح أوجه الاختلاف بين المسؤولية الجزائية والمسؤولية المدنية من خلال الآتي:

  1. تهدف المسؤولية الجزائية إلى تحقيق الردع العام لكل من يرتكب جريمة جنائية تؤدي إلى الإضرار بالمصلحة العامة أو الخاصة، فالهدف الرئيسي للمسؤولية الجزائية هو حماية المجتمع.
  2. تهدف المسؤولية المدنية إلى جبر الضرر الذي أصاب المضرور، فالمسؤولية المدنية تدور وجودًا وعدمًا بوجود الضرر وانتفائه، ومن ناحية أخرى يكون التعويض بمقدار الضرر بصرف النظر عن مدى جسامة التعدي أو الفعل الضار.
  3. تنشأ المسؤولية الجنائية نتيجة مخالفة واجب قانوني قدَّر له النظام عقوبة جزائية، ومن ثم فإن المسؤولية الجزائية يحكمها مبدأ شرعية العقوبة، فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
  4. المسؤولية المدنية أساسها الإخلال بواجب قانوني عام هو عدم الإضرار بالغير، دون وجود حصر لحالات الإضرار، أو تحديد لمقدار التعويض، فيكفي توفر الشروط حتى يُلزم القاضي المسؤول بتعويض المضرور بالقدر الكافي لجبر الضرر.
  5. الدعوى الناشئة عن المسؤولية الجنائية دعوى عمومية تباشرها النيابة العامة بصفتها ممثلة للمجتمع، ويترتب على ذلك عدم جواز الصلح أو التنازل عتها باعتبارها حق عام للمجتمع.
  6. الدعوى الناشئة عن المسؤولية المدنية هي دعوة خاصة بالمضرور وحده، ويحوز له الصلح والتنازل عنها باعتبارها حق خاص، وجزاؤها إلزام المسؤول بتعويض المضرور عما أصابه من أضرار.
  7. تُعَد النية ركنًا في المسؤولية الجزائية بالنسبة إلى الغالبية العظمى من الجرائم مقتربة بذلك من المسؤولية الأدبية، أما في المسؤولية المدنية فالنية لا تشترط، وأكثر ما يكون الخطأ المدني إهمالًا لا عمدًا.

ثانيًا: أوجه الارتباط بين المسؤولية الجزائية والمسؤولية المدنية:

إذا كان هناك مظاهر للاختلاف بين المسؤوليتين الجزائية والمدنية؛ إلا أنه توجد عدة أوجه للارتباط بين المسؤوليتين، فالعمل الواحد قد تترتب عليه المسؤوليتان معًا الجنائية والمدنية، على سبيل المثال (القتل، والسرقة، والضرب، والسب، والقذف، والتزوير، وتعطيل المواصلات)، فكل عمل من هذه الأعمال بحدث ضررًا بالمجتمع وبالفرد في وقت واحد، ويمكن توضيح أوجه الارتباط على النحو التالي:

  1. إذا ترتب على العمل الواحد وقوع المسؤوليتين الجنائية والمدنية أثرت المسؤولية الجنائية وهي أقوى لأنها حق المجتمع في المسؤولة المدنية وهي أضعف لأنها حق الفرد، ويظهر ذلك في التقادم، حيث يكون لها تأثير إيجابي من ناحية البقاء، وتأثير سلبي من ناحية الانقضاء.
  2. يمكن رفع دعوى المسؤولية المدنية أمام المحكمة الجزائية، فتفصل المحكمة الأولى مع الثانية، لأن الدعوى المدنية عي التي تتبع الدعوى الجنائية.
  3. إذا رُفِعَت الدعوى المسؤولية أمام المحكمة الجنائية، فإن رفع الدعوى الجزائية سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو في أثناء السير فيها، يوجب المحكمة المدنية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائيًا في الدعوى الجزائية.
  4. يترتب على وقف السير في الدعوى المدنية؛ صدور الحكم الجنائي قبل صدور الحكم المدني، فإذا أصبح الحكم الجنائي نهائيًا فإنه يجب على القاضي المدني أن يتقيد به.

 

 أهم نصوص الأنظمة السعودية حول المسؤولية المدنية:

 

أوردت كثير من الأنظمة السعودية نصوصًا حول المسؤولية المدنية، ومن بين هذه الأنظمة الآتي:

1- النظام البريدي:

نظام البريدي 1443ه الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 22) وتاريخ 8/ 3/ 1443ه، والذي تنص المادة (25) على أنه دون إخلال بمسؤولية مقدم الخدمة، يتحمل المرسل المسؤولية عن أي ضرر يقع بسبب المادة البريدية؛ نتيجة لعدم الالتزام بأحكام النظام واللائحة.

2- نظام حماية البيانات الشخصية:

نظام حماية البيانات الشخصية 1443ه الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 19) بتاريخ 9/ 2/ 1443ه، الذي تنص المادة (40) منه على أن مع عدم الإخلال بإيقاع العقوبات المنصوص عليها في النظام، لمن لحقه ضرر نتيجة ارتكاب أي من المخالفات المنصوص عليها في النظام أو اللوائح حق المطالبة أمام المحكمة المختصة بالتعويض عن الضرر المادي أو المعنوي بما يتناسب مع حجم الضرر.

3- نظام مهنة المحاسبة والمراجعة:

نظام مهنة المحاسبة والمراجعة 1442 ه الصادر بالمرسوم الملكي م/ 59 بتاريخ 27/ 7/ 1442 الذي تنص المادة (13/4) منه على ألا يخل تطبيق العقوبة المنصوص عليها في النظام بحق الرجوع بالتعويض على المتسبب بالضرر نتيجة المخالفة.

4- نظام السوق المالية:

نظام السوق المالية 1424ه الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/30) بتاريخ 2/ 6 / 1424 ه المعدل بموجب المرسوم الملكي رقم (م/16) بتاريخ 19/ 1/ 1441 ه، الذي تنص المادة (27) منه على أن يكون مركز الإيداع مسؤولًا عن تعويض أي ضرر مالي قد يلحق بالمستثمر نتيجة إهمال أو تقصير من موظفي المركز ثم إثباته ونتج عنه حدوث خطأ في عملية التسجيل.

5- نظام المسؤولية المدنية عن الاضرار النووية:

نظام المسؤولية المدنية عن الاضرار النووية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/81) بتاريخ 25/7/1439ه، الذي تنص المادة (3) منه على أن لأغراض تطبيق النظام فإن الأضرار النووية التي تترتب عليها المسؤولية المدنية هي الوفاة، أو الإصابة، أو فقدان الممتلكات ،أو تلفها.

6- نظام المعلومات الائتمانية:

نظام المعلومات الائتمانية 1429 الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/37 بتاريخ 5/ 7/ 1429ه، الذي تنص المادة 15 منه على أن يجوز لمن لحق به ضرر ناتج من ارتكاب المخالفات المنصوص عليها في هذا النظام بعد صدور قرار من اللجنة اللجوء إلى الجهة القضائية المختصة لطلب التعويض عن الأَضرار التي لحقت به.

الخاتمة:

 

في نهاية المقال نكون قد تطرقنا إلى المسؤولية المدنية وفقًا للأنظمة السعودية بدايةً من مفهوم المسؤولية في المعجم القانوني وأوجه الاختلافات بين المسؤولية المدنية والقانونية والأمور المرتبطة بينهما، وصولًا إلى أهم النصوص التي تناولت المسؤولية المدنية  في الأنظمة السعودية.

ما هي أنواع المسؤولية المدنية؟

  • العقدية: تنشأ عن إخلال طرف بالتزام تعاقدي.
  • التقصيرية: تنتج عن ارتكاب فعل غير مشروع يسبب ضررًا للآخرين.
  • ما المقصود بالمسؤولية المدنية؟

  • المسؤولية المدنية هي التزام قانوني يُفرض على الشخص لتعويض الأضرار التي تسبب بها للآخرين، سواء نتيجة إخلاله بعقد (مسؤولية عقدية) أو ارتكابه فعلًا ضارًا (مسؤولية تقصيرية).
  • ما هو الفرق بين المسؤولية المدنية والجنائية؟

  • المدنية: تهدف لتعويض المتضرر عن الضرر الواقع عليه.
  • الجنائية: تهدف لمعاقبة الجاني لارتكابه فعلًا يخالف القوانين الجنائية.
  • متى يترتب على المسؤولية المدنية؟

  • تترتب المسؤولية المدنية عندما:
  • 1. وجود ضرر: يلحق بأحد الأطراف.
  • 2. وجود علاقة سببية: بين الفعل الضار والضرر.
  • 3. ارتكاب فعل ضار: سواء كان عمدًا أو إهمالًا أو خطأً.
  • 4. انتهاك الالتزام: سواء كان عقديًا أو قانونيًا.
  • التعليقات


    الأقسام

    أحدث المقالات

    الأكثر مشاهدة

    خدمات المركز

    نبذة عنا

    تؤمن شركة دراسة بأن التطوير هو أساس نجاح أي عمل؛ ولذلك استمرت شركة دراسة في التوسع من خلال افتتاح فروع أو عقد اتفاقيات تمثيل تجاري لتقديم خدماتها في غالبية الجامعات العربية؛ والعديد من الجامعات الأجنبية؛ وهو ما يجسد رغبتنا لنكون في المرتبة الأولى عالمياً.

    اتصل بنا

    فرع:  الرياض  00966555026526‬‬ - 555026526‬‬

    فرع:  جدة  00966560972772 - 560972772

    فرع:  كندا  +1 (438) 701-4408 - 7014408

    شارك:

    عضو فى

    معروف المركز السعودي للأعمال المرصد العربي للترجمة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هيئة الأدب والنشر والترجمة

    دفع آمن من خلال

    Visa Mastercard Myfatoorah Mada