طلب خدمة
استفسار
×

التفاصيل

الذكاء الاجتماعي

2024/10/22   الكاتب :د. بدر الغامدي
عدد المشاهدات(305)

فهم الذكاء الاجتماعي


 

في عالمٍ أكاديمي يتسم بالتعقيد والترابط، لم تعد المعرفة التقنية وحدها كافية لضمان النجاح. هناك عنصر آخر يلعب دورًا حاسمًا في تميّز الأكاديميين والباحثين، وهو الذكاء الاجتماعي (الذكاء الاجتماعي). القدرة على التنقل في البيئات الاجتماعية، وفهم مشاعر الآخرين، والتفاعل بفعالية مع زملاء العمل والطلاب، تعدّ من أهم المهارات التي تؤثر في الأداء الأكاديمي والبحثي.

إنّ أهمية الذكاء الاجتماعي لا تقتصر على بناء علاقات شخصية ناجحة فحسب، بل تمتد إلى تعزيز التعاون البحثي، وتحسين القيادة في الجامعات، ودفع التميز الأكاديمي بشكلٍ عام. لذلك حرصت دراسة  في هذا المقال على استكشاف أهم مكونات الذكاء الاجتماعي، دوره في النجاح الأكاديمي، والخطوات العملية لتطويره.

ما هو الذكاء الاجتماعي؟

 

الذكاء الاجتماعي هو "القدرة على التصرف في المواقف الاجتماعية والتعرف إلى الحالة النفسية للمتكلم، والقدرة على فهم مشاعر وأفكار الآخرين “،يشمل مهارات مثل:

  1. القدرة على تذكر الأسماء والوجوه.
  2. القدرة على ملاحظة السلوك الإنساني والتنبؤ به من المظاهر والأدلة البسيطة.
  3. القدرة على التعامل مع البيئة المحيطة بالفرد بنجاح.
  4. الاستجابة بذكاء في المواقف الاجتماعية.

الأسس النظرية للذكاء الاجتماعي:

 

كثير من النظريات العلمية دعمت مفهوم الذكاء الاجتماعي، ومنها:

1- نموذج العوامل المتعددة لإدوارد لي ثورنديك 1925:

اقترح ثورنديك تصنيفًا للذكاء الاجتماعي يتكون من الأنواع التالية:

  1. الذكاء الميكانيكي: هو القدرة على معالجة الأشياء المادية، والمواد العلمية، ويتجلى ذلك في المهارات اليدوية، والحسية، والحركية.
  2. الذكاء المجرد: يشمل القدرات العقلية التي تعالج الألفاظ، والأفكار والرموز، والمعادلات، والرسوم البيانية.
  3. الذكاء الاجتماعي: يشمل القدرات التي تعتمد على علاقة الفرد بالآخرين والتفاعل معهم، ومقدرة الفرد على التكيف مع الظروف الاجتماعية.

2- نظريو الذكاءات المتعددة لهوارد جاردنر 1983:

من أهم ملامح نظرية الذكاءات المتعددة لجاردنر الآتي:

  1. كل فرد يمتلك عددًا من الذكاءات.
  2. معظم الناس يستطيعون تنمية كل ذكاء إلى مستوى مناسب من الكفاءة.
  3. هناك طرق كثيرة يكون الفرد بها ذكيًا في كل نوع.
  4. الذكاءات عادةً تعمل معًا بطريقة مركبة.
  5. وجود ذكاءات أخرى لا يزال هناك أنواع من الذكاء لم يتم التعرف إليها ولم يستوف الباحثون محاكاتهم العلمية.

 

اعرف أكثر عن نظرية الذكاءات المتعددة لجاردنر.

 

مكونات الذكاء الاجتماعي من وجهة نظر علماء النفس:

 

اقترح علماء النفس مجموعة مختلفة من مكونات الذكاء الاجتماعي، ومن أشهر هذه المكونات الآتي:

1- الارتباط بين الذكاء الانفعالي والذكاء الاجتماعي:

  1. القدرة على التقاط وفهم الإشارات الاجتماعية، مثل تعبيرات الوجه، نبرة الصوت، ولغة الجسد.
  2. تمييز الانفعالات في المواقف الاجتماعية وقدرة الفرد على تمييز الانفعالات الأساسية الأولية.
  3. استعمال المعلومات الانفعالية التي تتمثل بقدرة الفدر على توظيف معرفته بانفعالات الآخرين في المواقف الاجتماعية والتصرف معها على نحو اجتماعي مناسب.

2- الذكاء الاجتماعي واكتساب الخبرات:

يرى ريكيو وزملاؤه أن الذكاء الاجتماعي يتكون من اكتساب الخبرات المتعلقة بالنجاح أو الفشل في الأوساط الاجتماعية، وهو يتكون من ستة مجالات وهي:

  1. مهارات التحدث: قدرة الفرد على التحدث بسهولة ولباقة مع الآخرين.
  2. معرفة الأدوار الاجتماعية: معرفة الفرد كيفية ممارسة الأدوار الاجتماعية بذكاء.
  3. مهارات الإصغاء الفعال: قدرة الفرد على الاستماع الجيد إلى الناس.
  4. فهم الانفعالات: قدرة الفرد على قراءة ما يفكر، ويشعر به الآخر من انفعالات إيجابية وسلبية.
  5. الفاعلية الذاتية الاجتماعية: تقييمات الفرد الذاتية وشعورهم بالثقة حيا قدرتهم على إقامة العلاقات والتفاوض.
  6. مهارات إدارة الانطباع: قدرة الفرد على ترك صورة إيجابية لدى الآخرين.

المكونات الأساسية للذكاء الاجتماعي:

 

حدد سكوت وزملاؤه المكونات الأساسية للذكاء الاجتماعي وهي:

  1. السلوك المقبول اجتماعيًا: قدرة الفرد على التصرف الناجح في الموقف الاجتماعي.
  2. الأخذ بوجهات النظر: قدرة الفرد على الوعي بحالات العقلية للآخرين مثل أفكارهم ونواياهم ومشاعرهم المختلفة.
  3. السيطرة الذاتية في الموقف الاجتماعي: قدرة الفرد بالسيطرة على رغباته وانفعالاته واندفاعاته على نحو إيجابي في الموقف الاجتماعي.
  4. التكيف والتوافق في العلاقات: قدرة الفرد على الانسجام مع الآخرين والمحافظة على العلاقات الاجتماعية.

دور الذكاء الاجتماعي في البيئة الأكاديمية:

 

يساهم الذكاء الاجتماعي إلى حدٍ بعيد في تعزيز البيئة الأكاديمية، وذلك من خلال:

1- تعزيز التعاون الأكاديمي:

أصبح التعاون البحثي مطلبًا ضروريًا في بيئة أكاديمية تتسم بالتخصصات المتعددة والتنوع الثقافي. يلعب الذكاء الاجتماعي دورًا كبيرًا في:

  1. تعزيز العمل الجماعي: حيث يمكن للباحثين الذين يتمتعون بذكاء اجتماعي قوي التعامل مع الآراء المختلفة وإدارة النزاعات بفعالية، مما يسهم في نجاح المشاريع البحثية.
  2. بناء علاقات طويلة الأمد: حيث يساعد الذكاء الاجتماعي على خلق شبكات قوية داخل المؤسسات الأكاديمية وبين الجامعات المختلفة.

2- القيادة في البيئة الأكاديمية:

الذكاء الاجتماعي ضروري أيضًا للأدوار القيادية في الأكاديميات. والقادة الأكاديميون مثل الأساتذة ورؤساء الأقسام يحتاجون إلى:

  1. إلهام فرقهم: حيث يساعدهم الذكاء الاجتماعي على التواصل مع فرقهم بطريقة تعزز من الإنتاجية والإبداع.
  2. إدارة النزاعات: القادة الذين يملكون مهارات الذكاء الاجتماعي يستطيعون حل النزاعات بين الزملاء والطلاب بطرق دبلوماسية.

3- نجاح الطلاب وتطوير الذكاء الاجتماعي:

الطلاب الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من الذكاء الاجتماعي غالبًا ما يظهرون أداءً أكاديميًا أفضل، لأنهم يستطيعون:

  1. إدارة المشاريع الجماعية بفعالية: مما يجعلهم قادة أفضل في بيئة الفصول الدراسية.
  2. التواصل بوضوح: سواء في العروض التقديمية أو النقاشات، حيث يمكنهم التعبير عن أفكارهم بطرق تتناسب مع جمهورهم.
  3. بناء شبكات: تساعدهم على تعزيز فرصهم المستقبلية سواء في العمل أو الأبحاث.

4- التحيزات المعرفية وتأثيرها على التفاعلات الاجتماعية في الأكاديميات:

في السياقات الأكاديمية، قد تؤدي التحيزات المعرفية إلى سوء فهم العلاقات الاجتماعية أو اتخاذ قرارات غير دقيقة. على سبيل المثال:

  1. التحيز التأكيدي: قد يجعل الباحثين يتمسكون بآراء غير صحيحة أو يتجنبون التعاون مع من يخالفهم الرأي.
  2. تحيز التوفر: قد يجعل الأكاديميين يعتمدون على المعلومات المتاحة بسهولة بدلًا من البحث عن أدلة جديدة.

فهم هذه التحيزات والتعامل معها بطريقة علمية يمكن أن يساعد في تحسين بيئة العمل والتفاعل بين الباحثين.

طرق عملية لتطوير الذكاء الاجتماعي في البيئة الأكاديمية:

 

يمكن للذكاء الاجتماعي أن يدعم البيئة الأكاديمية بشكل كبير، وفي هذه الفقرة سنقوم بعرض مجموعة من الطرق العلمية التي تسهم في تطوير الذكاء الاجتماعي في التعامل مع البيئة الأكاديمية وهي:

1- التأمل الذاتي والوعي:

التأمل الذاتي هو أداة قوية لتطوير الذكاء الاجتماعي. يساعد الأكاديميون على:

  • فهم نقاط القوة والضعف الشخصية في التفاعلات الاجتماعية.
  • تحسين الوعي الذاتي الذي يؤدي بدوره إلى تحسين العلاقات الاجتماعية.

2- الاستماع الفعّال والتعاطف:

  • الاستماع الفعّال: هو القدرة على الانتباه الكامل لما يقوله الآخرون، مما يعزز من العلاقات الشخصية.
  • التعاطف: هو القدرة على فهم مشاعر الآخرين والتصرف بناءً على هذا الفهم. تطوير التعاطف يُعزز من التواصل بين الأكاديميين وطلابهم وزملائهم.

3- بناء الشبكات الاجتماعية:

تطوير الذكاء الاجتماعي في الأكاديميات يتطلب أيضًا القدرة على بناء شبكات قوية. يمكن للأكاديميين تعزيز علاقاتهم من خلال:

  • المشاركة في المؤتمرات الأكاديمية.
  • التواصل عبر المنصات الرقمية مثل LinkedIn وResearchGate.
  • التعاون مع زملاء من مجالات متعددة لتوسيع نطاق خبراتهم.

 

كيف يدعم الدماغ الذكاء الاجتماعي؟

 

يُظهر علم الأعصاب أن مناطق معينة من الدماغ، مثل القشرة الجبهية والخلايا العصبية المرآتية، تلعب دورًا محوريًا في معالجة المعلومات الاجتماعية. هذه المناطق تساعدنا على:

  1. التعرف إلى الإشارات الاجتماعية مثل تعبيرات الوجه.
  2. محاكاة مشاعر الآخرين، مما يعزز من قدرتنا على التعاطف وفهم الآخرين.

الذكاء الاجتماعي مقابل الذكاء العاطفي الفروق والتقاطعات:

 

يمكن توضيح نقاط الفروق والتقاطعات بين الذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي من خلال الآتي:

تعريف الذكاء العاطفي (EQ):

الذكاء العاطفي يتعلق بفهم الشخص لعواطفه الخاصة والتحكم بها، مما يسهم في اتخاذ قرارات أفضل والتفاعل على نحو أكثر إيجابية مع العالم من حوله.

التقاطع بين الذكاء العاطفي والاجتماعي:

مع أن الذكاء العاطفي والاجتماعي يُعدّان مجالين مختلفين، إلا أنهما متصلان بشكل وثيق. فالذكاء العاطفي القوي يُعزز من الذكاء الاجتماعي، حيث يمكن للشخص الذي يتحكم في عواطفه أن يتفاعل بشكل أفضل مع الآخرين. الأكاديميون الذين يتمتعون بمزيج من الذكاء العاطفي والاجتماعي يتمكنون من:

  1. حل النزاعات بطريقة أكثر فاعلية.
  2. بناء علاقات متينة مع زملائهم وطلابهم.
  3. قيادة فرق البحث بنجاح بفضل فهمهم للعوامل العاطفية والاجتماعية التي تؤثر على ديناميكيات الفريق.

خاتمة

 

الذكاء الاجتماعي ليس مجرد مهارة اجتماعية ثانوية؛ بل هو عامل حاسم يسهم في النجاح الأكاديمي والبحثي. من خلال تطوير هذه المهارة، يمكن للأكاديميين تحسين علاقاتهم، تعزيز التعاون البحثي، وقيادة فرقهم بفاعلية. وكما أظهرت الدراسات، فإن امتلاك مستوى عالٍ من الذكاء الاجتماعي لا يعزز من النجاح المهني فحسب، بل يسهم أيضًا في تحسين بيئة العمل الأكاديمية بوجهٍ عام.

مراجع المقال:

 

أحمد، ربيع، أبو دينا، نادية، وعويس، مروة. (2021). الذكاء الاجتماعي وعلاته ببعض المتغيرات الديموجرافية لدى طلاب كلية التربية جامعة حلوان. دراسات تربوية واجتماعية، 27(4)، 30- 72.

ما هو الذكاء الاجتماعي باختصار؟

  • الذكاء الاجتماعي هو القدرة على فهم الآخرين والتفاعل معهم بفعالية. يشمل القدرة على قراءة الإشارات الاجتماعية، فهم مشاعر الناس، وبناء علاقات قوية معهم.
  • كيف أعرف أن لدي ذكاء اجتماعي؟

  • إذا كنت تجيد التواصل مع الآخرين، وتفهم مشاعرهم بسرعة، وتتمكن من التعامل مع مختلف الشخصيات والمواقف الاجتماعية بسلاسة، فمن المحتمل أن لديك ذكاء اجتماعيًا مرتفعًا.
  • كيف تكتسب مهارات الذكاء الاجتماعي؟

  • يمكنك اكتساب مهارات الذكاء الاجتماعي من خلال ممارسة الاستماع الفعال، الانتباه للغة الجسد، تعزيز التعاطف مع الآخرين، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية المختلفة.
  • من أنواع الذكاء (الذكاء الاجتماعي)؟

  • الذكاء الاجتماعي هو نوع من أنواع الذكاء الذي يندرج ضمن الذكاءات المتعددة التي تشمل الذكاء العاطفي، اللغوي، المنطقي-الرياضي، الذكاء الذاتي، والذكاء الحركي.
  • التعليقات


    الأقسام

    أحدث المقالات

    الأكثر مشاهدة

    خدمات المركز

    نبذة عنا

    تؤمن شركة دراسة بأن التطوير هو أساس نجاح أي عمل؛ ولذلك استمرت شركة دراسة في التوسع من خلال افتتاح فروع أو عقد اتفاقيات تمثيل تجاري لتقديم خدماتها في غالبية الجامعات العربية؛ والعديد من الجامعات الأجنبية؛ وهو ما يجسد رغبتنا لنكون في المرتبة الأولى عالمياً.

    اتصل بنا

    فرع:  الرياض  00966555026526‬‬ - 555026526‬‬

    فرع:  جدة  00966560972772 - 560972772

    فرع:  كندا  +1 (438) 701-4408 - 7014408

    شارك:

    عضو فى

    معروف المركز السعودي للأعمال المرصد العربي للترجمة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هيئة الأدب والنشر والترجمة

    دفع آمن من خلال

    Visa Mastercard Myfatoorah Mada