مفهوم التعلم
يعتبر مفهوم التعلم من أهم المفاهيم المساعدة في تحليل التغيرات السلوكية حيث يوفر أساساً هاماً في تفهم العمليات النفسية الأخرى. ومع هذه الأهمية لمفهوم التعلم فقد تباينت الآراء والنظريات حول التغيرات السلوكية في شأنه بدرجة تثير قدراً كبيراً من الصعوبة في تفهمه. مما يظهر ضرورة الاهتمام بعرض الأبعاد الأساسية لمفهوم التعلم و علاقته بإيجاد التغيرات السلوكية وفقاً لأسس البحث العلمي وبيان علاقته بعملية تحديد السلوك الإنساني. لذا فقد سلط المقال الحالي الضوء على التعلم: معناه، التغيرات السلوكية التي لا يشملها مع توضيح ما يتم تعلمه.
معني التعلم
يعرف (التعلم) بأنه التغير في الميل للاستجابة تحت تأثير الخبرة المكتسبة. بمعنى أن الإنسان عندما يكتسب مزيداً من الخبرة والتجربة، يعمد إلى التصرف كيفية سلوكية تختلف عن ما قد كان يعتمده من تصرفات وسلوكيات قبل تعرضه للتجارب والخبرات تلك.
ويلاحظ أن هذا التعريف يختلف عن المفهوم التقليدي للتعلم الذي كان يتمثل في أن التعلم هو التغير النسبي في السلوك نتيجة للخبرة والتجربة والفارق بين التعريفين يتمثل في أن المدخل التقليدي يرى في السلوك ذلك الجانب الظاهر أو الشاهد فقط من التصرفات الإنسانية بينما النظرة الحديثة ترى أن جانباً هاماً من السلوك هو ذلك الجزء غير المشاهد أو ما يطلق عليه السلوك الباطني. إذن نحن نميل إلى الأخذ بالمفهوم الحديث للتعلم الذي يحدد أثر التجربة والخبرة في تغييره أما السلوك الواضح المعبر عنه بأي شكل من أشكال التعبير، وأما الميول والاتجاهات والعواطف الشخصية وغيرها من الأبعاد النفسية للإنسان التي لا يمكن ملاحظتها أو مشاهدته.
التغييرات سلوكية التي لا يشملها التعلم:
إن هذا المفهوم الحديث للتعلم لا يشتمل بالضرورة على جميع أشكال التغيير في الميول السلوكية التي تحدث للإنسان، إذ أن بعضاً من هذه التغييرات تحدث لأسباب مختلفة. ومن أهم مظاهر التغيير في الميول السلوكية التي لا تندرج تحت مفهوم التعلم ما يلي:
1- الميول السلوكية التي تنجم عن نمو الفرد وتطوره بصورة غريزية.
2- التغيرات الناشئة عن النضج.
3- التغيرات التي تنشب عن مواقف لا تستمر لفترة طويلة مثل التعب والإرهاق حينما يستخدم عقاقير وأدوية تسبب تلك الحالات.
تلك التغيرات في الميول السلوكية تختلط أحياناً بظاهرة التعلم الأمر الذي يجعل دراستها أمراً غير يسير.
ما الذي يتم تعلمه؟
حين نتساءل عما يتعلمه الإنسان، فإن الإجابة تأتى شاملة بأن الإنسان يتعلم كل شيء تقريباً. أن أغلب أشكال السلوك التي يمتلكها الإنسان مكتسبة بالتعلم، كذلك أنماط تفكيره ووسائله في حل المشكلات كلها يتعلمها من مواقف الخبرة والتجربة التي يمر بها، كذلك يتعلم الإنسان القدرات والمهارات المختلفة. والإنسان في مراحل حياته المختلفة يكتسب ألواناً من القدرات والمهارات مثل اللغة التي تتيح له قدرة متزايدة على التعلم. ولعل أهم ما يتعلمه الإنسان (أي ما يكتسبه من البيئة) هي توقعاته من الآخرين وتوقعات الآخرين منه. أي أنه يتعلم ما هي أنماط السلوك التي يتوقع منه الآخرون أن يلتزم بها، بمعنى أنه يتعلم (دوره) في المجتمع. والإنسان في تعلمه يكتسب كثيراً من اتجاهاته وتحيزاته، كذلك هو يكتسب القيم التي يؤمن بها. وأخيرا فإن الإنسان يتعلم كيف يتعلم.
وتكشف ظاهرة التعلم أساسا عن أمرين هما:
1- ما يؤثر عليه المجتمع في تشكيل السلوك الفردي عن طريق الميول السلوكية التي يستقيها الفرد من المجتمع خلال تعلمه.
2- السبب في قدرة الإنسان على تكرار بعض أشكال السلوك وامتناعه عن تكرار أشكال سلوكية أخرى.
مراجع يمكن الرجوع إليها:
السلمي، على. (1995). السلوك الإنساني في الإدارة. القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر.