النظريات الطبيعية في علم الديموغرافيا

ظهرت النظريات الطبيعية في علم الديموغرافيا نتيجة الفشل والإخفاق الذي لاحق مالتوس صاحب النظرية المالتوسية، وعجزها عن الإدراك والتفسير للنمو السكاني بشكل صحيح وكامل. مما أدى إلى ظهور العديد من أصحاب النظريات السكانية الجديدة حيث تشابهت مع سابقتها في اتباعها لنفس أسلوب مالتوس، ولكن هذه النظريات اتسمت بأنها أكثر تفاؤلاً من نظرية مالتوس، وذلك من خلال الواقع التي نشأت فيه والذي كان فيه تقدماً كبيراً في مجالي الزراعة والصناعة، مما أدى إلى اتساع الثورة الصناعية، كما يمكن أن تقسم هذه النظريات إلى ثلاثة اتجاهات كبرى وهي (النظريات الطبيعية، النظريات الاجتماعية، النظريات الاقتصادية)

من خلال هذا المقال سوف نتعرف سوياً على أهم النظريات الطبيعية في علم الديموغرافيا أو علم السكان وذلك من خلال عدة نقاط تشمل تعريف هذه النظريات وهي كالآتي:

1. نظرية دبلداي.
2. نظرية سادلر.
3. نظرية هربرت سبنسر.
4. نظرية كوراد جبني.
5. النظريات الطبيعية في علم الديمغرافيا pdf.

1. ولد دبلداي عام 1790 ميلادية وتوفيَّ عام 187ميلادية، وله أعمال كثير من أشهرها كتابه "القانون الحقيق للسكان" المنشور عام 1837م، حيث قال دبلداي من خلال هذا الكتاب أن زيادة التغذية تؤدي إلى تناقض القدرة الإنجابية للسكان.
2. ما يعني أن هناك علاقة عكسية ترتبط بين الموارد الغذائية والزيادة السكانية، وأنه كلما تحسنت موارد الغذاء والطعام أدى ذلك إلى إبطاء الزيادة السكانية.
3. كما أن تكاثر السكان يكون أكبر لدى الطبقات الاجتماعية الفقيرة، بينما يتناقص معدل الزيادة السكانية والنمو عند الطبقات الغنية والأثرياء.
4. في حين يحافظ معدل النمو السكاني على حجمه في الطبقات المتوسطة.
5. وعلى الرغم من الشهرة الواسعة التي لاقتها هذه النظرية إلى فترة ليست ببعيدة، أن واحد مثل (جوزيه دي كاسترو) وجد أن قلة البروتين في الغذاء تؤدي إلى زيادة النسل.

1. أن دبلداي لم يفرق بين بين القدرة على الإنجاب وبين النمو الفعلي للسكان.
2. أن دبلداي قال "إن أشد الناس قدرة على التناسل أشدهم بؤساً، وأن قوة الإنجاب تميل إلى التناقص الذي ينجم عن كثرة الغذاء"، وهذان أمران لا يستندان على أي حقائق علمية ولا يمكن الجزم بهما بالمطلق، وهو الأمر الذي يجعلهما غير واقعيين

1. ولد سادلر في عام 1780 ميلادية وتوفيَّ عام 1835 ميلادية، كما يُعَد سادلر مصلحاً اجتماعياً، علاوة على أنه كان أحد رجال الاقتصاد المعاصرين لتوماس مالتوس.
2. خير دليل على اهتمامه الكلي بالمسألة السكانية ترجمه في كتابه الصادر عام 1830 والذي يدعى "قانون السكان"، والذي أشار فيه إلى التسليم بأن القانون الطبيعي هو المتحكم الرئيسي في عملية التناسل.
3. يعتبر ذلك اختلافاً جذرياً بنظرية مالتوس، وأن الميل البشري إلى الزيادة يتناقص كلما زاد الحجم السكاني.
4. الأمر الذي يعني أن التكاثر والنمو عملية تتحكم في نفسها بنفسها، وأن العوامل البيولوجية أو الطبيعية تتدخل في حماية المجتمع الإنساني من التضخم. ودليل على ذلك قوله " أن قدرة الإنسان على التناسب تتناسب عكسياً مع عدده".
5. كما اعتقد سادلر أن الزيادة في السكان لا تتأثر بالبؤس والرذيلة كما اعتقد مالتوس، وإنما تتأثر بالسعادة والغنى بين أفراد المجتمع.

1. إهمالها لدراسة جميع الحقائق المعروفة عن نمو السكان، على سبيل المثال الصينين والهنود باعتبارهم من أكبر الشعوب مقدرة على التناسل والزيادة السكانية،
2. لم يستطيع سادلر التفرقة بين القدرة على الإنجاب والنمو الفعلي للسكان، حيث أن القدرة على الإنجاب قد تكون كبيرة، ومع ذلك قد يكون النمو الفعلي للسكان قليلاً، وذلك نتيجة لكثرة حالات الوفيات.

1. ولد هربرت سبنسر عام 1850 ميلادية وتوفيَّ عام 1903 ميلادية، وكان سبنسر فيلسوف ومفكر إنجليزي.
2. كان يشتهر بفكره الاجتماعي المرتكز على التفسير البيولوجي، كما كان واضحاً في أحد مؤلفاته تحت عنوان "الأسس البيولوجية".
3. احتوى هذا الكتاب على آراءه ضمن فلسفة التركيب واتجاهات السكان التي وضعها عام 1854 ميلادية.
4. إذ يرى سبنسر أن هناك تعارض قائم بين الفردية والتكوين، أي باهتمام الإنسان بنفسه وقدرته على التناسل.
5. حيث تتطلب الحياة الاجتماعية والتنظيم الاجتماعي من الإنسان أن يبذل مجهود إضافي لكي يحافظ على حياته الذاتية، والتي تستوجب استهلاك نسبة كبيرة من الطاقة الفسيولوجية المتيسرة والتي تعطيه قدرة على التكاثر.
6. الأمر الذي يؤدي إلى تبقي قدر ضئيل من هذه الطاقة من أجل مصالح وأنشطة التناسل، مما يؤدي إلى خفض قدرته على التناسل والتكاثر.
7. كما يمثل الضغط السكاني في رأيه عاملاً إيجابياً، لأنه يحث أكثر على استغلال المواد المتاحة، وأن زيادة السكان تعتبر السبب الأساسي لرقي الشعوب وتطورها وتنميتها.

على الرغم من كل هذه الجهود المبذولة في نظرية هربرت سبنسر إلا أنها لا تخلو من العيوب ولعل من أهمها وأبرزها:

1. سعي سبنسر إلى صياغة النظرية السكانية والتي تنسجم مع نظريته العامة حول التطور البيولوجي، غير أن الحياة لا تنطوي على ذلك الترابط الجميل الذي كشفه في نظريته، فإذا كان تنافر بين التناسل والنضج الذاتي للأفراد فهو ذات أهمية قليلة.
2. حرص سبنسر الدائم على تدعيم نظريته عن طريق شواهد واقعية، والتي لم تكن كافية ولا ممثلة لجميع الاحتمالات والعوامل المختلفة المتداخلة والتي تؤثر على السلوك الإيجابي، فعلي سبيل المثال إغفاله عن أن معدلات الخصوبة المتناقصة ليست بسبب التغيرات الفسيولوجية فقط، بقدر ما تكون بسبب أنها نتيجة لتضافر مجموعة أخرى من العوامل مثل ( الاتجاه للاستعانة بوسائل حديثة لتحديد النسل، أ, النظام القيمي والثقافي الموجود والسائد في المجتمع).
3. تأثير تعليم المرأة في قدرتها على التناسل والنمو السكاني وإن كان حقيقة أثبتتها العديد من الدراسات العلمية إلا أنه تظل هناك العديد من العوامل الاجتماعية غير التعليم تؤثر في القدرة على التناسل، وذلك من منطلق أن المرأة التي نالت قسطاً من التعليم، بجب أن تكون قد تجاوزت أهم فترات خصوبتها والتي تمتد عادة ما بين سن (20 – 30).

1. ولد كوراد جيني في عام 1884 ميلادية وتوفيَّ عام 1965 ميلادية، حيث كان مفكر اجتماعي إيطالي.
2. اهتم بدراسة التغير السكاني باعتباره مؤشراً على التغير الساري في المجتمع، وذلك من خلال كتابه الذي جاء بعنوان "السكان في تطور المجتمع" الصادر عام 1912 ميلادية.
3. أوضح من خلاله علاقة بين تطور المجتمع وبين ما يحدث فيه من متغيرات مرحلية في النمو السكاني.
4. كان يرى كوراد جيني أن العامل السكاني يعمل بصورة ما على تغير طبيعة السكان، وهي التغيرات التي تختلف بصورة أو بأخرى باختلاف الطبقات الاجتماعية فيه.
5. كان هذا التصور على أساس أن التطور الاجتماعي يشبه حياة الفرد والذي تبدأ بمرحلة النشأة ثم مرحلة التقدم ليدركها التدهور في الأخير.
6. ففي المرحلة الأولى تتميز المجتمعات بمرحلة تكوينها ونشأتها بزيادة الخصوبة، أما في المرحلة الثانية وهي مرحلة التقدم يكون المجتمع مكتظاً بالسكان لذلك تبدأ الهجرة من هذا المجتمع.

لم تخلو نظرية كوارد جيني هي الأخرى من الانتقادات والتحفظات والتي تم توجيها ضدها، ومن أهم هذه العيوب والانتقادات الآتي:

1. اعتقد جيني أن بوجود قوة طبيعية تحدد عدد السكان بالزيادة أو النقصان، حيث تظهر هذه القوة في العمليات البيولوجية، ونقص القدرة على النمو والتناسل، وقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة وجود خطأ التفسير استناداً إلى طبيعة غامضة لا يستطيع الإنسان التحكم فيها.
2. استمد كوراد جيني رؤيته بما يتعلق باتجاه الزيادة السكانية أو نقصها، من منطلق دراسته لتاريخ بعض الأمم القديمة مثل اليونان والرومان، وهو ملا يمكن اعتباره تعميماً باعتبار أن بعض الشعوب الأخرى كالهند والصين كانت لها اتجاهات عكس ذلك.
3. تتسم بعض المجتمعات بدرجات عالية من الخصوبة لا يمكن التمييز فيها بين بعض طبقات المجتمع وأخرى، كما هو الحال بالنسبة للمجتمعين الصيني والهندي من منطلق أنهم أكثر المجتمعات زيادة في السكان.
4. إن العوامل التي تؤدي إلى التقليل من النمو السكاني عديدة وليست مقتصرة فقط على الحروب والهجرة ومن أمثلة هذه العوامل (الإجهاض، الأوبئة، المجاعات، وارتفاع نسبة الوفيات)، وهي عوامل هامة جداً لم يهتم بها جيني في نظريته، ومن الممكن وبشكل كبير أن تؤثر ظهورها في سير تطور وتنمية المجتمع في اتجاه يختلف بشكل كبير عن الاتجاه الذي تصوره كوراد جيني.

نرجو من الله في نهاية هذا المقال أن نكون قد وفقنا في عرض أهم النظريات الطبيعية التي ترتبط بعلم الديموغرافيا أو علم السكان. وأن يكون هذا المقال بمثابة مرجعاً لكل المهتمين بالنظريات السكانية وعلم الديموغرافيا، مع تحيات شركة دراسة للبحث العلمي والترجمة. وللتوسع في معلومات عن النظريات الطبيعية في علم الديموغرافيا يمكنك تحميل النظريات الطبيعية في علم الديمغرافيا pdf من خلال الرابط التالي (أضغط هنا).

الفاروق، عبدالحليم البشير. (1440 ه). مقرر موضوع خاص النظريات السكانية طالبات.