طلب خدمة
استفسار
×

التفاصيل

النقد الاجتماعي

2023/04/10   الكاتب :د. طارق العفيفي
عدد المشاهدات(2639)

النقد الاجتماعي

 

 

لم يكن النقد الاجتماعي قديماً علماً  مستقلاً بذاته كباقي العلوم، ولكن كان لديه أصول فلسفية، ثم تأثر بباقي العلوم كعلم الاجتماع وغيره من العلوم الأخرى. والنقد فن، وهو من العوامل الدافعة إلى ازدهار الإبداع الأدبي، فنجد بأن أي إبداع سردي أو شعرى يقابله إبداع نقدى، فكلما كان الأدب مزدهراً ومتطورا،ً كان النقد مفسراً له، وتعد العلاقة بين الأدب والنقد الاجتماعي علاقة طبيعية، كونه ظاهرة اجتماعية فهو يتغير  بتغيره.

لذلك حرص المقال الحالي على تسليط الضوء على النقد الاجتماعي، وتناوله بالشرح من خلال بعض النقاط الهامة وهي :

  1. تعريف النقد.
  2. مفهوم النقد السياقي.
  3. مفهوم المنهج النقدي.
  4. مفهوم النقد الاجتماعي.
  5. منطلقات النقد الاجتماعي.
  6. خصائص النقد الاجتماعي.
  7. عيوب ومآخذ النقد الاجتماعي.
  8. علاقة النقد الاجتماعي بالأدب.
  9. النقد الاجتماعي في الحياة العربية والغربية.

تعريف النقد

 

يعتبر النقد  في حقيقته تعبير عن موقف كلي متكامل في النظرة إلى الفن عامة أو الى الشعر خاصة ،يبدأ بالتذوق، أي :القدرة على التمييز، ويعبر منها إلى التفسير والتعليل والتحليل والتقييم ،خطوات لا تغنى إحداها عن الأخرى، وهى متدرجة على هذا النسق ، كي يتخذ الموقف نهجا واضحاً ، مؤصلا على قواعد جزئية أو عامة مؤيداً بقوة الملكة بعد قوة التمييز.

هذا ويعتبر النقد فناً إذ يعمل على دراسة الأعمال الأدبية، ويقوم بتحليلها تحليلاً علمياً وإنشاؤها وصفاتها وتاريخها، وقد تم إضافة كلمة الأدب للنقد ليفيد الأساليب أو الطرق المتبعة في تحليل الآثار الأدبية، ومن ثم تصنيفها من خلال التمييز بين الجيد والرديء فيها.

 

تعريف النقد

مفهوم النقد السياقي

 

هو ذلك النوع من النقد الذى يبحث في السياق التاريخي والاجتماعي والنفسي للفن، لأن  هذا العمل إذا ما نظر إليه بطريقة غير جمالية كان يوجد في سياق ، فقد ابتدعه إنسان كانت له  سمات نفسية معينة، وكان هذا الإنسان يعيش في مجتمع لابد أن نظمه وقيمه أثرت في تفكيره وكيانه، وكانت له انتماءات سياسية واقتصادية وعنصرية، وفضلا عن ذلك فإن العمل بمجرد أن ينشر أو يعرض تكون له تأثيرات في الحياة الشخصية والاجتماعية.

هذا ويعد هذا النوع من النقد في صوره المتعددة يكاد يكون قديماً قدم النقد النفي ذاته فبعض الأعمال الفنية نواتج اجتماعية واضحة؛ لأنها تجسد معتقدات حضارة الفنان ورموزها، وتعكس سمات العصر الذي ينتمي إليه، وقد ظلت هذه الأعمال الفنية منذ أيام اليونانيين تدرس في صلتها بالمجتمع، كذلك فإن تاريخ حياة الفنان في الفنون البصرية والأدب على الأقل هو موضوع الاهتمام منذ القرن السادس عشر، إن أن صورة النقد السياقي الثلاثة سواء كانت (الاجتماعي، التاريخي ، النفسي) تتفق كلها على أن الشيء لا يمكن أن يفهم منعزلاً، وإنما يفهم فقط بدراسة أسبابه ونتائجه وعلاقاته المتبادلة.

مفهوم النقد السياقي

مفهوم المنهج النقدي

 

يعتبر المنهج عبارة عن خطة واضحة المدخل والمخرج، وهو أيضاً عبارة عن خطة واضحة الخطوات والمراحل التي تنطلق من البداية نحو النهاية، مما يجعله ينطلق من مجموعة من الفرضيات ويمر عبر مجموعة من الخطوات العلمية والإجرائية بغرض الوصول إلى نتائج ملموسة ومحددة بدقة يمكن تطبيقها على أرض الواقع.

هذا ويقصد بالمنهج النقدي في مجال الأدب الطريقة التي يتبعها الناقد في قراءة العمل الإبداعي والفني من أجل فحص دلالاته وبنياته الجمالية والشكلية.

 

مفهوم المنهج النقدي

مفهوم النقد الاجتماعي

 

هو أحد الصور الثلاثة للنقد السياقي ، واتجاه من الاتجاهات الخارجية لدراسة الأدب، وهو منهج يهدف إلي ربط الأدب بالمجتمع لدراسة الأدب، وهو منهج يعتمد على ربط الأدب بالمجتمع لأن الأدب مرآة تعكس المجتمع بكل مظاهره السياسية والاجتماعية والثقافية، وتنطلق فكرة المنهج الاجتماعي في وجهة نظر باربيرس من النظرية التي ترى أن " الأدب عبارة عن ظاهرة اجتماعية، وأن الأديب لا ينتج أدباً لنفسه، وإنما ينتجه لمجتمعه منذ اللحظة التي يفكر فيها بالكتابة وإلى أن يمارسها وينتهي منها".

ومن منطلق ذلك فإن العلاقة بين الأديب والواقع الاجتماعي ليست علاقة من جانب واحد بل هي علاقة جدلية، فالأديب يعكس ويصور الحياة الاجتماعية في بيئته، والأدب يعتبر ثمرة إعادة بناء عناصر الواقع بلغة جديدة هي لغة التعبير الأدبي. لذلك يعتمد النقاد الاجتماعيين في قراءتهم النقدية على الظروف الاجتماعية، باعتبار أن المجتمع هو المنتج الفعلي لهذه الأعمال الإبداعية والفنية.

هذا وقد عرف هذا المنهج بالعديد من الأسماء ومنها (المنهج الواقعي، المنهج الماركسي، المنهج المادي التاريخي، المنهج الأيديولوجي، النقد الجماهيري) ، كما استطاع المنهج الاجتماعي في النقد أو (النقد الاجتماعي) أن يطور مجموعة من المفاهيم والمصطلحات النقدية الهامة، ومنها (الفن للمجتمع، رسالة الأدب، الأدب الثوري، الأدب الملتزم، الأدب الهادف، الانعكاس، ورؤية العالم).

 

منطلقات النقد الاجتماعي

 

يتضمن المنهج الاجتماعي في النقد أو ما يعرف باسم (النقد الاجتماعي) مجموعة من المنطلقات تتمثل في الآتي:

  1. إن الأدب عبارة عن ظاهرة اجتماعية.
  2. الأديب لا ينتج أدباً لنفسه، وإنما يقوم بإنتاجه للمجتمع التابع له.
  3. القارئ حاضر في ذهن الأديب، وهو بمثابة وسيلته وغايته منذ تفكيره في الكتابة وفي أثناء ممارسته لها وعقب الانتهاء منها.
  4. الأديب يصدر عن أفكار طبقته وهمومها موقفها.
  5. لا يتطلب من الأديب أن يعكس أدبه علاقات مجتمعه وأوضاعه فقط، بل بتطلب منه أن يشارك في التأقلم والتكيف مع مجتمعه، وأن يساهم في خل مشاكله وقضاياه.
  6. أسبقية العوامل الموضوعية أي العوامل الخارجية المكونة للشروط الموضوعية للإبداع الأدبي.

 

خصائص النقد الاجتماعي

 

يتمتع النقد الاجتماعي أو المنهج الاجتماعي في النقد بمجموعة من الخصائص الهامة التي تتمثل في الآتي:

  1. إن النقد الاجتماعي لا يعلمنا قراءة النصوص فقط بل يساهم في قراءة حياتنا وعلاقاتنا بالعالم من حولنا.
  2. لم يعد في خضم هذا المنهج المعنى هو الموجود فقط أو المحصور في النصوص، وإنما جعل مكاناً للقارئ من خلال إبراز ذاته الاجتماعية.
  3. يساهم بشكل كبير في حماية النص من التلاشي والتحول إلى مجرد إضافة لسلطة معرفية أخرى.
  4. إن القراءة النقدية الاجتماعية قراءة للمسيرة والتقدم بوصفهما حاملي التغييرات الإيجابية.
  5. وظيفة الكتابة الكشف والتعبير عن التاريخ الاجتماعي باعتبارها مجال المسائل المتكررة.
  6. تعتبر القراءة النقدية الاجتماعية ابتكاراً وبحثاً وتأويلاً؛ لأنها تشكل تركيباً جديداً بين البنى التحتية والفوقية، وبين الفرد والعالم، وبين الأشياء المتوارثة والمبتكرة.

 

خصائص النقد الاجتماعي

أهم عيوب ومآخذ النقد الاجتماعي

 

  1. الاهتمام والتركيز على الجماعة وعدم الاهتمام بالفرد.
  2. يهتم أصحاب هذا الاتجاه (النقد الاجتماعي) باللغة الخطابية في الأسلوب لأن هدفهم هو التأثير في المجتمع ولا يهتمون بالتصوير الفني.
  3. إصرار المنتمون لهذا الأسلوب على رؤية الأدب على أنه انعكاس للظروف الاجتماعية للأديب لأن العامل الذي يدفع الفنان إلى الإبداع قد يكون متمثلاً في الاندماج في الصراع الاجتماعي، ولكنه قد يكون في بعض الأوقات رغبة في كسب المال أو طلب الود، فقد يكون المجتمع هو العامل المؤثر وقد يكون غيره.
  4. اهتمام النقاد الاجتماعيين بالمضمون وإغفال الشكل الفني، والذي سلب العمل عنصرين وهما القيم التعبيرية والقيم الشعورية، ويصبح بذلك أشبه بالوثيقة التاريخية أو الاجتماعية وهي نص جاف.

 

علاقة النقد الاجتماعي بالأدب

 

وتبدو العلاقة بين الأدب والنقد الاجتماعي علاقة طبيعية كونه ظاهرة اجتماعية، فهو يتغبر بتغيره كما انه يندمج في المجتمع، فلا يكون شيء مما يعمله أن يبدعه أو ينتجه أو يفكر فيه إلا لمجرد أثر من آثار ذلك المجتمع، فهو انتماء إليه وامتداد له، فبناءً عليه لا نستطيع فهم الأثر الأبي وتذوقه تذوقاً حقيقياً في معزل عن المعرفة بالظروف الاجتماعية التي أدت إلى إبداعه وظهوره.

إذ يعتبر النقد  الاجتماعي والأدب محصلة نهائية بتداخل عوامل مجتمعية، فالعلاقة بين الأدب والمجتمع لم تعد في حاجة إلى تأكيد كونها أصبحت حقيقة واقعة أكدها العديد من الفلاسفة والمفكرين ،فان جوهر البحث في علم النقد الاجتماعي والأدب هو توضيح العلاقة المتبادلة ما بين المجتمع والأدب، فهذه الفكرة ذاتها قديمة، فمن خلال مفهوم المحاكاة عند أفلاطون نجد أن هذه النظرية في أساسها هي تلميح إلى التفاعل والترابط الموجود بين المجتمع والأدب، ولذلك يهتم علم الاجتماع الأدبي، أو كما يسميه البعض "سوسيولوجيا الأدب" كظاهرة اجتماعية مثلها مثل باقي الظواهر الأخرى.

لذلك يمكننا القول بأن الأدب لا يمكن ان نفصله عن المجتمع، إذ أن كل نص أدبي سوي تجربة اجتماعية عبر واقع متخيل.

 

النقد الاجتماعي في الحياة العربية والغربية

 

أولاً: النقد الاجتماعي في الحياة العربية:

كانت الارهاصات الأولى للنقد الاجتماعي في الحياة العربية  على يد ابن خلدون، والذى أسماه بالعمران البشري أي المدينة والمجتمع، كما جاء بتسميات متعددة: بالنقد الواقعي  والإيديولوجي ، الواقع والواقعية.

1- ابن خلدون:

يعتبر ابن خلدون رجل علمي امتاز بالواقعية والبساطة وكذلك الوضوح في أرائه وأفكاره المعتمدة في تحليل ظواهر المجتمع ودراسة التاريخ، كما كانت تجاربه الخاصة في إطار القبيلة وفي حياة مجتمعه العربي المغربي في تلك الفترة، كما يعد المفكر العربي الأخير في التراث العربي. أهتم ابن خلدون بدراسة العلاقة بين الأدب والمجتمع الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من الأدب ،فلا يوجد هناك أدب يستطيع الانفصال  عن مجتمعه، فهو تناول هذه العلاقة بطريقة غير مباشرة . ويذهب ابن خلدون إلى أن الحضارة تمر  بمراحل أساسية ،حددها بثلاث مراحل، وأكد أن الحياة في كل مرحلة منها تخلق أدوات التعبير الخاصة بها، سواء كانت لغة أم فناً أم أدباً، فلكل جيل خصائصه التي يتميز بها.

2- طه حسين:

يعتبر طه حسين من النقاد الذين تأثروا بهذا المنهج، حيث انطلقوا في دراستهم من أن الأدب هو تعبير عن المجتمع وكان طه حسين رائدا بين أبناء جيله في النقد الأدبي، وذلك من خلال اطلاعه واعتماده على مناهج أوربية، كما نجد أنه اطلع  على المنهج التاريخي والاجتماعي وغيرهما من المناهج  التي كانت لها أثر في دراسته وهو يري أن الأدب "مرآة لنفس صاحبه"، فالعمل الأدبي عنده هو صورة لكاتبه وعصره ومجتمعه، أما الإبداع الأدبي عنده هو عبارة عن مزيج من العوامل الاجتماعية التي يفرزها المجتمع . فالأديب عنده كائن اجتماعي لا يستطيع الانفراد بحياته الأدبية ولا يستقيم أمره إذا انقطعت صلته بالناس.

3- محمد مندور:

يعد محمد مندور من أبرز النقاد الاجتماعيين الذين ترصد اتجاهاتهم النقدية ، والذى يعد من المؤسسين للفكر والفلسفة الاشتراكية في الأدب، حيث يرى بأنه " انعكاس لحالات شعورية وانطباعية قبل أن يكون غايات اجتماعية" فالأدب لم يكن وسيلة لإبراز القيم الاجتماعية فحسب، وإنما كانت له قيمة جمالية ينبغي على الناقد إبرازها وتأصيلها. ويري محمد مندور أن الأدب لا يتجرد من قضايا المجتمع ويتسمك بها بجانب تمسكه بالقضايا الجمالية، كما يرفض كل الدراسات النقدية التي لا تقوم على هاتين الغايتين.

النقد الاجتماعي في الحياة الغربية

 

اذا كانت الارهاصات الاولى في الحياة العربية لابن خلدون فان الارهاصات الاولى للنقد الاجتماعي الغربي كانت لكارل ماركس.

1- كارل ماركس

يعتبر "كارل ماركس" أول من  منح النظرية الاجتماعية بُعدها المنهجي وعمقها الفكري، حيث أصبحت على يديه نظرية متكاملة  ورؤية فلسفية للأدب والتطور الاجتماعي، وهذا لا يعنى تجاهل مساهمة بعض علماء الاجتماع مثل أوغست كونت ودور كايم.

إذ تعتبر الماركسية في الأساس نظرية وضعها "كارل ماركس" بمشاركة مهمة من فريدريك انجلر ،وكان لهذين المفكرين آراء عامة في الآداب والفنون تنطلق من الأساس الفكري الذي بنيا عليه نظرياتهما في التفسير المادي للتاريخ، فالماركسية تعتبر الأدب تعبيرا عن محصلة عوامل مختلفة يأتي في مقدمتها العامل المادي الاقتصادي الذي يشكل الأديب وموقفه من الحياة والمجتمع .

2- هيبوليت تين

كان هيبوليت تين متأثرا بمختلف العلوم وتطورها حيث استفاد من أفكار سابقيه في تطوير نظرية علاقة الأدب بالمجتمع . وانطلق هيبوليت تين  من أن  العمل الأدبي ينحدر بواسطة جملة من العوامل، فلا يستطيع القارئ أن يلتمس حياة الكاتب إلا من خلال هذه الظروف الاجتماعية المحيطة به والتي لها دور بارز في دراسة عمله الأدبي.

 

الخاتمة

 

بنهاية هذا المقال تكون قد تعرفت على النقد الاجتماعي أو ما يعرف باسم المنهج الاجتماعي في النقد، بدايةً من تعريف النقد والنقد السياقي والمنهج النقدي ومعرفة أهم منطلقات وخصائص وعيوب النقد الاجتماعي، وصولاً إلى النقد الاجتماعي في كلاً من الحياة العربية والحياة الغربية، مع تحيات شركة دراسة للاستشارات الأكاديمية وخدمات البحث العلمي والترجمة.

 

مراجع يمكن الرجوع إليها

 

قلاتي، سمية. (2016). النقد الاجتماعي عند "ابن خلدون". مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر. كلية الآداب واللغات. جامعة العربي بن مهيدي.

حلاب، نور الهدى. (2015). المنهج الاجتماعي في النقد: نشأته وخصائصه. مجلة مركز دراسات الكوفه، (38). 257- 280.

التعليقات


الأقسام

أحدث المقالات

الأكثر مشاهدة

خدمات المركز

نبذة عنا

تؤمن شركة دراسة بأن التطوير هو أساس نجاح أي عمل؛ ولذلك استمرت شركة دراسة في التوسع من خلال افتتاح فروع أو عقد اتفاقيات تمثيل تجاري لتقديم خدماتها في غالبية الجامعات العربية؛ والعديد من الجامعات الأجنبية؛ وهو ما يجسد رغبتنا لنكون في المرتبة الأولى عالمياً.

Visa Mastercard Myfatoorah Mada

اتصل بنا

فرع:  الرياض  00966555026526‬‬ - 555026526‬‬

فرع:  جدة  00966560972772 - 560972772

فرع:  كندا  +1 (438) 701-4408 - 7014408

شارك: