أولاً: النقد الاجتماعي في الحياة العربية:
كانت الارهاصات الأولى للنقد الاجتماعي في الحياة العربية على يد ابن خلدون، والذى أسماه بالعمران البشري أي المدينة والمجتمع، كما جاء بتسميات متعددة: بالنقد الواقعي والإيديولوجي ، الواقع والواقعية.
1- ابن خلدون:
يعتبر ابن خلدون رجل علمي امتاز بالواقعية والبساطة وكذلك الوضوح في أرائه وأفكاره المعتمدة في تحليل ظواهر المجتمع ودراسة التاريخ، كما كانت تجاربه الخاصة في إطار القبيلة وفي حياة مجتمعه العربي المغربي في تلك الفترة، كما يعد المفكر العربي الأخير في التراث العربي. أهتم ابن خلدون بدراسة العلاقة بين الأدب والمجتمع الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من الأدب ،فلا يوجد هناك أدب يستطيع الانفصال عن مجتمعه، فهو تناول هذه العلاقة بطريقة غير مباشرة . ويذهب ابن خلدون إلى أن الحضارة تمر بمراحل أساسية ،حددها بثلاث مراحل، وأكد أن الحياة في كل مرحلة منها تخلق أدوات التعبير الخاصة بها، سواء كانت لغة أم فناً أم أدباً، فلكل جيل خصائصه التي يتميز بها.
2- طه حسين:
يعتبر طه حسين من النقاد الذين تأثروا بهذا المنهج، حيث انطلقوا في دراستهم من أن الأدب هو تعبير عن المجتمع وكان طه حسين رائدا بين أبناء جيله في النقد الأدبي، وذلك من خلال اطلاعه واعتماده على مناهج أوربية، كما نجد أنه اطلع على المنهج التاريخي والاجتماعي وغيرهما من المناهج التي كانت لها أثر في دراسته وهو يري أن الأدب "مرآة لنفس صاحبه"، فالعمل الأدبي عنده هو صورة لكاتبه وعصره ومجتمعه، أما الإبداع الأدبي عنده هو عبارة عن مزيج من العوامل الاجتماعية التي يفرزها المجتمع . فالأديب عنده كائن اجتماعي لا يستطيع الانفراد بحياته الأدبية ولا يستقيم أمره إذا انقطعت صلته بالناس.
3- محمد مندور:
يعد محمد مندور من أبرز النقاد الاجتماعيين الذين ترصد اتجاهاتهم النقدية ، والذى يعد من المؤسسين للفكر والفلسفة الاشتراكية في الأدب، حيث يرى بأنه " انعكاس لحالات شعورية وانطباعية قبل أن يكون غايات اجتماعية" فالأدب لم يكن وسيلة لإبراز القيم الاجتماعية فحسب، وإنما كانت له قيمة جمالية ينبغي على الناقد إبرازها وتأصيلها. ويري محمد مندور أن الأدب لا يتجرد من قضايا المجتمع ويتسمك بها بجانب تمسكه بالقضايا الجمالية، كما يرفض كل الدراسات النقدية التي لا تقوم على هاتين الغايتين.