رسالة إلى من يشتكون من أولادهم

من فضل الإسلام على البشرية أن جاءها بمنهج شامل قويم في تربية النفوس وتنشئة الأجيال وتكوين الأمم والمجتمعات وإرساء قواعد المجد والمدنية، فيواجه الآباء وأولياء الأمور مشكلات عدة في تربية أبناءهم وذويهم، بسبب تطورات وتقدمات الحياة التي تحدث كل يوم مما يجعلهم يشتكون من أولادهم وصعوبة تربيتهم، وترسيخ قواعد الدين والمجتمع في أنفسهم.

من خلال هذا المقال سوف نوجه عدة نصائح لجميع الآباء وأولياء الأمور كرسالة إليهم، إذ تتلخص هذه النصائح في مجموعة من النقاط الهامة وهي كالتالي:

1. يجب على الآباء وأولياء الأمور أن يعلموا جيداً أننا في زمن الانفتاح العالمي المعلوماتي والتقني المخيف، وأن هذا قدرنا في هذا العصر، هذا الانفتاح الذي لم يعرفه أحد من الأجيال السابقة، ففي زمنهم  كانت وسائل الإغراء محدودة ويمكن السيطرة عليها، ولكن اليوم أصبحنا أمام طوفان من الشهوات والشبهات التي تعج بها الساحة العالمية، وأصبحت معنا أينما كنا ومحاطة بنا في مجتمعاتنا، والمعصوم من عصمه الله، لذلك يجب علينا أن نوطن أنفسنا لذلك، حتى لا نصاب بالإحباط من جهة، أو نكون مثاليين من جهة أخرى.
2. يجب أن تتذكروا جيداً أنه لا يحدث شيء في هذا الكون دون علم الله عز وجل ومشيئته وإرادته وقدره الكوني، فما يقع فيه ولدك ذكراً كان أو أنثى من سلوك محمود أو مذموم - فإنما هو بعلم الله وإرادته الكونية ، وأنت كولي أمر مطالب أن تعالج قدر الله الكوني بقدره الشرعي المتمثل في المنهج الإسلامي.
3. قد يكتب الله لولدك سواء ذكر أو أنثى أن يعيش ٧٠ سنة، فلا تحصر حياته أو حياتها في هذه السنوات المحدودة التي تعاني منه فيها، فيجب أن تعلم جيداً  أنها مرحلة وستنتهي بأمر الله، وستتجاوز هذه المشكلات إذا اتخذت أنت التدابير الشرعية التي أمرك الله بها.
4. ليس معنى ذلك أن تستسلم وتترك ولدك أو بنتك يضيع، إنما هي المسالك الشرعية، وفي طليعتها أن تكون قدوة لأولادك، وأن تجتهد في معالجة تقصيرك قبل تقصيرهم، ثم الحرص الدائم على الدعاء، وأن تتخذ الأساليب المناسبة للتربية والتوجيه.
5. يجب على الآباء وأولياء الأمور يعلموا جيداً إن فعلوا ذلك فقد أخذوا بالأسباب، وتذكروا أن الله لا يخلف وعده، وأن الله لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ، ذلك حسن ظننا بربنا  I، ويجب أن تعلم أنك بشر ليس بيدك مفتاح سحري لهداية ولدك، إنما عليك هداية الدلالة، وهداية التوفيق بيد الله تعالى.
6. من المهم جدا أن تنجح في هداية الدلالة، لأنها ما أمرك الله به، ومن الضروري أن تستثمر الكلمة الطيبة في التوجيه، قصة كانت أو ضرب مثال أو موعظة أو ترغيب وترهيب أو حوار أو تحفيز أو تنفير أو تعليل أو تثبيت أو أمر أو نهي أو هدية أو ابتسامة أو احتضان أو قبلة على الجبين أو اليد  واحتواء بكل موقف جميل نبيل واعٍ، كل هذا استثمار للكلمة الطبية.
7. التواصل مع كل معين لك على التربية سواء كان (قريب، صديق، معلم، خطيب، الخ)  فإن الإنسان قليل بنفسه كثير بإخوانه، مع التحلي بالصبر والحكمة وبعد النظر، وعدم تقليب المواقف المؤلمة " عرَّف بعضه وأعرض عن بعض ".
8. الحذر ثم الحذر من المثاليات الزائدة ، فلست مطالبا بالترصد ، أو التجسس ، بحيث تصنع منه أو منها مخلوقاً لا يخطئ، لا هذا خاطئ تماماً فمن الممكن أنه  رأى مالا تحب ، أو سمع ما لا تحب ، أو فعل ما لا تحب هذا شأنه هو أو هي ، وهو المسؤول أمام الله عما يفعل.
9. الواجب عليك أن تذكره بأنه الله معه يراه ويسمعه، وأن الحساب غداً حساب فردي، علمه حب الله، والحياء منه، والرجاء فيما عنده، والخوف منه، وتنوَّع في عرض هذه المعاني وسترى خيراً، إن عاجلا أو آجلا.
10. أكد له أنك لست سوطاً عليه، ولا متدخلا في شؤونه، وأن له حريته، وهو مسؤول عنها، ذكره أنه شخصية مستقلة، ولكنك في ذات الوقت تحبه، وتخاف عليه، وتتمنى أن يكون أسعد الخلق، وأهنأ البشر.
11. إن تجاوزت الأمور حدودها فالجأ - بعد الله - للمختصين من الأطباء والمستشارين ورجال الأمن (شاورهم) وعالج الأمور بهدوء، وتذكر أنك وإياه في قبضة الله الذي يدبر الأمر.

بنهاية هذا المقال نكون قد عرضنا رسالة لكل من يشتكي من أولاده وتربيتهم من خلال بعض النصائح الهامة والتي سردناها لحضراتكم من خلال مجموعة من النقاط، مع تحيات شركة دراسة للاستشارات الأكاديمية وخدمات البحث العلمي والترجمة.