إن المدمن نفسه هو أدق شخص عالم بحالته، وإذا ما استوعب الأداة وتسلح بالأمانة والاقتناع بوجوب الخروج من الأزمة، فإنه سيجد في فهم هذه المراحل مفتاحاً من مفاتيح الحل، وتتمثل هذه المراحل في:
أولاً: المرحلة الاستكشافية:
تعد هذه المرحلة بمثابة البوابة لدخول العلاقة الإدمانية والاحتكاك بعالم الإدمان، هذه المرحلة تخلو من المشكلات الكبيرة، وإن وقعت مشكلات فهي بسيطة أو زيادة في المصروف أو تصرفات سيئة غالبا ما تفسر بعيدا عن الاحتمالات الإدمانية السيئة، لهذه المرحلة سمات، كبعض الخوف وعدم التأكد من العواقب، كما يشوبها بعض الذنب والتردد، في حين يسودها الدهشة والرغبة في اكتشاف الجديد والغامض، فهذه المرحلة ما هي إلا بداية لمرحلة طويلة وشاقة مع الإدمان، وقد تكون للبعض الآخر هي البداية وهي النهاية.
ثانياً: مرحلة التعود:
مرحلة التعود حيث يتعاطى الشخص المادة المخدرة بشكل يومي أو بصورة مستمرة ويصل إلى مرحلة لا يمكنه معها الاستغناء عنها، بل أن الشخص المدمن غالبا ما يبالغ في زيادة الكميات في كل جرعة تدريجيا، بفعل تكيف جسمه مع مفعول المخدر، وزيادة ما يسمى باحتماله لدرجة أن أي انقطاع فوري عن المخدر يولد لديه عوارض مؤلمة وخطيرة.
ثالثاً: مرحلة الخلخلة (التعاطي):
إن اسم هذه المرحلة يعكس تماماً ما تحمله معانيها، إنها المرحلة التي يبدأ فيها إطار الحياة بالاهتزاز، حيث يبدأ الإدمان بأن يأخذ حياة المدمن ويحرقها، إنها كإنذار خطر يدق يسمعها المدمن ولكنه نصف نائم، غير واع إذا ما كان ذلك حقيقة أم حلما ولكنه إنذار حقيقي، وهو مسموع لدى الأسرة والأقارب أكثر مما هو مسموع لديه. وتتسم هذه المرحلة بالاكتئاب وقلة المشاركة في النشاطات الاجتماعية وقلة الحماسة لتحمل المسئوليات أو الوفاء بها.
رابعاً: مرحلة الإدمان:
في هذه المرحلة تسقط الأقنعة، ويستسلم المرء ويضعف أمام ضغوط الإدمان. وفيها يضع المدمن كل ما يملكه من ممتلكات -مادية ومعنوية- للبيع بأقل الأسعار في سبيل إشباع الرغبات الإدمانية، في هذه المرحلة يُحبس عقل المدمن ويتوجه تماما بأمر من المنطق الإدماني، وأول ما يستغني عنه المدمن ويبيعه هو احترامه لنفسه، حيث يتنازل عن الاهتمام أو احترام الذات، ويظهر بوضوح على مظهرهم الخارجي وعلى تصرفاتهم، إنهم مكتئبون وبائسون ولكن بدون اهتمام بصحتهم أو مظاهرهم أو أي شيء آخر.
خامساً: مرحلة المرض والعجز والوفاة:
هذه هي المرحلة الأخيرة من العملية الإدمانية، وفيها تتزلزل حياة المدمن بأكملها وحياة من حوله، مرحلة مليئة بالانفجارات والمشكلات في حياة المدمن، في صحته وأسرته وعمله واضطرابات مع القانون والحياة بشكل عام، في هذه المرحلة المدمن بكل كيانه يكون قد أصبح معضلة: صحته ونفسه وعقله وحتى روحه.
في هذه المرحلة فإن المدمن معرض لأن يفعل أي شيء، أي شيء ممكن حتى يشبع رغباته الإدمانية، وبدون أدنى تردد، هنا نجد أن الاضطرابات الجسمانية والنفسية سمات واضحة كالهلوسة والتهيؤات والاكتئاب ومحاولات الانتحار. في هذه المرحلة كل ما تُرك للمدمن هو الألم والموت، وتنتهي هذه المرحلة على مفترق طرق الموت، وبأشكال مختلفة منها (موت الجسد والصحة أو الموت في دخول السجن، أو الموت في مستشفى الأمراض العقلية).