تعلم اللغة العربية وتعليمها فرض واجب
قال شيخ الإسلام ابن تيمية((معلوم أن تعلم العربية وتعليم العربية فرض على الكفاية وكان السف يؤدبون أولادهم على اللحن))3
ونقل عن الإمام أحمد كراهة الرطانة وتسمية الشهور بالاسماء الأعجمية، وووجه الكراهة عنده أن يتعود الرجل النطق بغير العربية
ثم قال شيخ الإسلام: ((لأن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون))4.
وإذا كانت اللغات من أعظم شعائر الامم التي بها يتميزون فإن الأمة العزيزة تعتز بلغتها وتحرص على استقلالها اللغوي والأمة الذليلة تفرط في لغتها حتى تصبح أجنبية عنها وهي منسوبة إليها
يقول الشيخ مصطفى صادق الرافعي رحمه الله تعالى: ((وما ذلت لغة شعب إلا ذل ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار ومن هذا يفرض الاجنبي المستعمر لغته فرضا على الأمة المستعمرة ..... فيحكم عليهم أحكاما ثلاثة في عمل واحد؛ أما الأول فحبس لغتيهم في لغته سجنا مؤبدا، وأما الثاني فالحكم على ماضيهم بالقتل محوا ونسيانا، وأما الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها فأمرهم من بعدها لأمره تبع))5
- (شرح النووي على صحيح مسلم: 1/84)
- (مجموع فتاوى 1/246)
- (مجموع فتاوى32/252)
- (اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية 203)
- (تحت راية القرآن للرافعي 52)
تعلم اللغة العربية وتعليمها فرض واجب
وكان علماء الأمة رحمهم الله في صدرها الأول على وعي كامل بأثر اللغة في تكوين الأمة وخطرها في بناء شخصية المسلم، ولهذا نقول: ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها لأنها اللسان الأولى بأن يكون مرغوبا فيه من غير أن يحرم على أحد أن ينطق بالعجمية.
قال شيخ الإسلام: ((فقد كره الشافعي لمن يعرف العربية أن يسمي بغيرها وأن يتكلم بها خالطا لها بالعجمية، وهذا الذي ذكره قاله الأئمة مأثورا عن الصحابة والتابعين))1
وقال أيضا نقلا عن الإمام مالك: من تكلم في مسجدنا بغير العربية أُخرج منه.
مع أن سائر الألسن يجوز النطق بها لأصحابها ولكن سوغوها للحاجة وكرهوها لغير الحاجة ولحفظ الإسلام
- اللغة العربية سيدة اللغات:
وأما سيادة هذه اللغة لغات العالم كله فذلك لأن الكتاب الخاتم نزل بها وتكفل الله عز وجل بحفظه فقال تعالى }إنا نحن نزلنا الذكر وإن له لحافظون{ ]الحجر: 9[ فهي لغة محفوظة
وقد قرر علماء اللغة اليوم أنَّ اللغات التي يظن بها السيادة اليوم (الانجليزية، الفرنسية، الصينية....الخ) لا تملك أن تدفع عن نفسها عادية التغيِّر حتى تصير كأنها لغة جديدة، وأنَّ أقصى عمر لأي لغة من اللغات الحية المعاصرة هو قرنان من الزمن، أما العربية فارتباطها ب (القرآن الكريم) جعل لها ظرفا خاصا لم يتح لأي من لغات العالم كله.
يقول الدكتور رمضان عبد التواب في هذا الباب: (( للعربية الفصحى ظرف خاص لم يتوفر لأي لغة من لغات العالم، وهذا الظرف يجعلنا نرفض ما ينادي به بعض الغافلين والمغرضين من ترك الحب على الغارب للعربية الفصحى لكي تتفاعل مع العاميِّات ......ولولا أن شرَّفها الله عز وجل فأنزل بها كتابه وقيَّض له من خلقه من يتلوه صباح مساء، ووعد بحفظه على تعاقب الأزمان - لولا كل هذا – لأمست العربية الفصحى لغة أثرية، تشبه اللاتينية أو السنسكريتيه، ولسادت اللهجات العربية المختلفة ..... هذا هو السر الذي يجعلنا لا نقيس العربية الفصحى بما يحدث من اللغات الحية المعاصرة ..... فهي – أي اللغات الأخرى – عرضة للتفاعل مع اللغات المجاورة تأخذ منها وتعطي ولا تجد في ذلك حرجا؛ لأنها لم ترتبط في فترة من فترات حياتها بكتاب كريم كما هي الحال في العربية))2
- (اقتضاء الصراط المستقيم 204)
- (فصول في فقه العربية للدكتور رمضان عبد التواب 414)
ومما لا شك فيه أن للبيئة أثرا غير منكور في لسان أهلها كما أن لها أثرا في طبائعهم وعاداتهم، يقول الجرجاني ((سلامة اللفظ تتبع سلامة الطبع ودماثة الكلام بقدر دماثة الخلقة))1
وقد خص الله العرب الذين حفوا بالبيت العتيق بالحرية التامة الخالصة فلم يعرفوا العبودية لبشر، هذه الحرية التي عاشها العرب الذين نزل القرآن بلغتهم كان لها أثر في لغتهم من غير شكل حتى لتستطيع ان تقول ان لغتهم هي لغة الحرية يقول الرافعي : وكثرة مشتقاتها – اي اللغة العربية – برهان على نزعة الحرية وطماحها فإن روح الاستعباد ضيِّق لا يتسع ودأبه لزوم الكلمة والكلمات القليلة
فالعرب هم أفهم وأحفظ وأقدر على البيان والعبارة ولسانهم أتم الألسنة بيانا وتمييزا للمعاني، وغرائزهم أطوع من غرائز غيرهم فهم أقرب إلى السخاء والحلم والشجاعة والوفاء من غيرهم بخلاف غيرهم: فإنهم – أي غير العرب – كانت بين أظهرهم الكتب المنزلة وأقوال الأنبياء فضلوا لضعف عقولهم وخبث غرائزهم