ما هو سر استخدام القرآن الكريم للفعل (فأجاءها) المخاض بدل الفعل (فجاءها)؟
سألني منذ يومين صديق عزيز عن سر استخدام القرآن الكريم للفعل (فأجاءها) المخاض بدل الفعل (فجاءها).
فقلت والله أعلى وأعلم أنه كلما زادت أحرف الفعل زاد معناه فما المعنى الزائد في هذا الفعل عن معنى الفعل فجاءها.
بداية فإن حمل نساء الأرض كلهن ناتج عما أحله الله تعالى من الزواج والنكاح الشرعي والحمل في هذه الحالة حمل مشروع وتتباهى به النساء بحسب ما فطرهن الله عليه فإذا حان وقت المخاض صحبته الآلام المبرحة التي قد تزهق روح المرأة أثناء ذلك وهنا يجيء الفعل (جاء) للتعبير عن تلك المعاناة فنقول: جاءها المخاض.
أما مريم عليها السلام فكان حملها مغايرا لحمل نساء العالمين أجمعين فقد حملت خلافا للسنن الكونية التي وضعها الله سبحانه وتعالى فقد حملت دون أن يمسها بشر ولم تك بغيا كما جاء في القرآن الكريم ولما حان وقت الولادة تمنت لو أنها ماتت قبل أن يأتي هذا اليوم: يا ليتني مت قبل هذا...
ولهذا فقد وظف القرآن الكريم الفعل (فأجاءها) الذي يزيد في عدد حروفه عن الفعل (جاءها) ليصور ما تعانيه مريم عليها السلام من جهتين لا من جهة واحدة كما هو الحال مع نساء العالمين الجهة الأولى: ما تعانيه من آلام عضوية كباقي النساء.
ومن جهة أخرى ما تعانيه من آلام نفسية ربما كانت أشد عليها من الآلام الجسدية العضوية.
إضافة لما يفيده الفعل (فأجاءها) من عنصر المفاجأة.
والله تعالى أعلى وأعلم.
من كتابي: إشراقات البيان في بديع آيات الرحمن
قراءة سياقية