طلب خدمة
استفسار
×

التفاصيل

 

أخطاء الباحثين في إجراءات التحقق من صدق الأدوات المستخدمة في البحوث التربوية العربية
 المقال الثاني

 

بدأنا في مقال سابق كتابة سلسلة من المقالات التأسيسية المتعلقة بالأخطاء الشائعة في إجراءات التحقق من ثبات وصدق أدوات القياس المستخدمة في البحوث التربوية العربية، والهدف من هذه السلسلة من المقالات تطوير مستوى الباحثين في العلوم التربوية، لذا تقدم شركة "دراسة لخدمات البحث العلمي و الترجمة" هذه المقالات هدية إلى الباحثين العرب في العلوم التربوية آملين أن تكون خطوة في سبيل تطوير البحث العلمي في الوطن العربي.

ولا شك أن البحث التربوي يمثل ركنا هاما وفاعلا في بناء المجتمعات؛ حيث يقوم بتوجيه القرارات المتعلقة بعمليتي التربية والتعليم، وهذا ما يبرز لنا قيمة هذا المقال وقد تكلمنا في المقال السابق عن الخطأ الذي يقع فيه العديد من الباحثين حين يخلطون بين مفهومين متمايزين وهما: مفهوم ثبات أدوات القياس ومفهوم صدق أدوات القياس وقد تناولنا في المقال الأول مفهوم ثبات أدوات القياس والمقصود بهذا المفهوم، وفي هذا المقال نتعرض لمفهوم صدق أدوات القياس وهي أداة تتعلق بتفسير الدرجات المستمدة منها، وتعني مدى صحة القرارات التي يتم اتخاذها في ضوء نتائج الأداة. حيث يعتبر الصدق أهم خاصية من خصائص القياس، وبه يتم التحقق من صحة الاستدلالات التي يتوصل الباحث إليها من درجات المقاييس، من حيث فائدتها ومعناها (أبو علام، 2006)، ويمكن اعتبار المقياس صادقا عند قياسه ما أعد لقياسه، ويقابل مفهوم الصدق مفهوم الدقة Accurate [B1] (عودة، 2010)، فهو يعكس إلى أي مدى يمكن للمقياس تلبية الأغراض والاستعمالات الخاصة التي تم تصميمه من أجلها. ويعتبر صدق أداة القياس صفة نسبية؛ حيث لا يوجد مقياس صالح في كل المواقف، لكن صدق المقياس يتوقف على وظيفته والغرض منه، فالاختبار الذي تم إعداده بغرض التنبؤ من الممكن ألا يعمل بنفس درجة الصدق في التشخيص (ميخائيل، 2015).

 وعلى الرغم من ظهور عدة مصطلحات تعبر عن طرق مختلفة لحساب الصدق، والتي يطلق عليها اصطلاحا "أنواع الصدق"، فإنه ينبغي علينا هنا التأكيد على أنه لا وجود لأنواع مختلفة للصدق؛ فالصدق مفهوم مجرد وفريد وذو أبعاد عديدة، لذا فإن هنالك عدة طرق للتحقق منه، وهذه الطرق لا تمثل بدائل لبعضها البعض، لكن تقوم كل طريقة بجمع نوع معين من الأدلة التي تبرز جانبا من جوانب الصدق المختلفة (2014 , AERA , APA & NCME ). وعلى الرغم من التصنيفات العديدة لطرق حساب الصدق، فإن التصنيف الأكثر شيوعا في أدبيات ومراجع القياس والتقويم العربية يضعها في ثلاث فئات رئيسية، هي:

  1. ما يرتبط بالمحتوى Content validity، ونعني به مدى سلامة تمثيل فقرات المقياس للمجال المستهدف بالقياس، ولذا فإنه يتطلب التحديد الواضح لهذا المجال بالإضافة إلى تحديد عناصره، وبناء مجموعة من الفقرات، حيث تتم مقارنة الفقرات بالمواصفات التي تحدد المجال. وصدق المحتوى له بعدان:
  • البعد الأول هو الصدق الظاهري، المرتبط بمدى وضوح المحتوى بالنسبة للمفحوصين، من حيث: سهولة القراءة، والتنسيق واتساق الأسلوب، ووضوح اللغة المستخدمة، وإلى أي مدى تبدو الفقرات مرتبطة بالهدف الذي صممت من أجله أداة القياس من وجهة نظر المفحوصين.
  • البعد الثاني فهو الصدق العيني، والمعني بتقدير مدى تمثيل الفقرات للمجال المحدد بجدول المواصفات من وجهة نظر مجموعة من الخبراء.

2. ما يرتبط بمحك Criterion - Related validity، ويتم من خلال إيجاد معامل الارتباط بين درجات المقياس ودرجات مقياس آخر يقيس السمة نفسها وتم التحقق من صدقه، ويعرف الأخير بالمحك، وقد يكون المحك أداء مستقبلية للمفحوصين، فحينئذ يسمي الصدق بالصدق التنبؤي، وقد يتم تطبيق المقياس المحك بالتزامن مع المقياس محل الدراسة، وحينئذ يسمي الصدق بالصدق التلازمي.

3. ما يرتبط بالبناء أو التكوين Construct validity، وهذه الطريقة تستخدم عندما يتم تصميم المقياس في ضوء نظرية علمية، أو افتراضات محددة، ويكون الهدف هو تحديد ما إذا كان المقياس يمثل النظرية أم لا، وتعتمد هذه الطريقة على تحديد مدى الارتباط بين الجوانب التي يقيسها المقياس وبين النظرية أو الافتراضات. ويعد صدق البناء مفهوما شاملا يتضمن سائر أنواع الصدق، ويتطلب الاستنتاجات المنطقية والوسائل التجريبية والإحصائية. وللكشف عن صدق البناء هناك ثلاث خطوات:

  • أولها: تعريف الإطار النظري للسمة المستهدفة بالقياس.
  • ثانيها: اشتقاق فروض حول نتائج المقياس في ضوء الإطار النظري المحدد.
  • ثالثها: اختبار هذه الفروض منطقية أو تجريبا.

إجراءات التحقق من صدق البناء

تتمثل إجراءات التحقق من صدق البناء فيما يلي:

أ. دراسة العلاقة بالمقاييس الأخرى، وذلك من خلال دراسة الارتباط بين نتائج المقياس ونتائج مقاييس أخرى تقيس مكون مرتبط نظريا مع المكون المستهدف بالقياس، أو بدراسة مدى تمايز نتائج المقياس محل الدراسة عن نتائج مقياس آخر يقيس مكون لا يرتبط مع المكون المستهدف بالقياس، أو بإجراء التحليل العاملي لنتائج المقياس؛ لتحديد نسبة التباين التي تفسرها العوامل المكونة للمقياس بالنسبة للتباين الكلي، وفحص محتوى العوامل والاستدلال من خلالها على طبيعة المكون الفرضي.

ب. الدراسات التجريبية، وتتم عن طريق اختبار تغير درجات المقياس عند تقديم بعض الأنواع المعينة من المعالجات التجريبية.

ج. مقارنة درجات مجموعات متمايزة في المكون المستهدف بالقياس.

د. التحليل الداخلي للاختبار، ويتم من خلال جمع معلومات عن محتوى الاختبار نفسه، والعمليات المستخدمة في الاستجابة على فقراته، والارتباطات بين فقرات الاختبار، ودراسة تجانس المحتوى، والتأكد من أنه يقيس سمة أحادية البعد، ولذلك يمكن استخدام معامل ألفا أو كيودرريتشاردسون كمؤشر للتجانس أو أحادية البعد. (أبو علام، 2006، علام، 2011، ميخائيل، 2015، ملحم، 2018).

وأخيرا نرجو أن نكون قد تمكنا في هذا المقال وسابقه من توضيح مفهومي ثبات أدوات القياس وصدق أدوات القياس، للمساهمة في تطوير الباحثين العرب وتعزيز قدراتهم بهدف الارتقاء بمستوى البحث التربوي في الوطن العربي، وبالتالي المساهمة في تطوير القرارات المتعلقة بالعملية التعليمية والتربوية، وسنسعى في المقال القادم إلى بيان الأساليب المستخدمة في الكشف عن صدق البناء في الأبحاث التربوية.

المراجع

  1. باهي، مصطفى حسين إبراهيم. (2011) بعض القضايا الهامة للتحليل الإحصائي في البحوث النفسية والتربوية. المؤتمر العلمي السنوي العربي السادس - الدولي الثالث - تطوير برامج التعليم العالي النوعي في مصر والوطن العربي في ضوء متطلبات عصر المعرفة: جامعة المنصورة - كلية التربية النوعية.
  2. أبو دنيا، نادية عبده (2018) القياس والتقويم النفسي والتربوي في العملية التعليمية، الدمام: مكتبة المتنبي.
  3. علام، صلاح الدين محمود. (2011) القياس والتقويم التربوي والنفسي، أساسياته وتطبيقاته وتوجيهاته المعاصرة، ط5، القاهرة: دار الفكر العربي.
  4. ميخائيل، أمطانيوس نايف. (2015) القياس والتقويم التربوي للأسوياء وذوي الاحتياجات الخاصة، ط1، عمان: دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع.
  5. عفانة، عزو إسماعيل سالم. (2011) أخطاء شائعة في تصاميم البحوث التربوية لدى طلبة الدراسات العليا في الجامعات الفلسطينية. أعمال مؤتمر البحث العلمي: مفاهيمه، أخلاقياته، توظيفه: الجامعة الإسلامية بغزة.
  6. ملحم، سامي محمد. (2015) القياس والتقويم في التربية وعلم النفس، ط7، عمان: دار المسيرة.
  7. الضوي، محسوب عبد القادر. (2015) استخدام الأساليب الكمية في التحقق من صدق محتوى الاختبار النفسي، مجلة كلية التربية، جامعة الإسكندرية.

 

للاطلاع على المقال الأول أضغط هنا

 

التعليقات


الأقسام

أحدث المقالات

الأكثر مشاهدة

خدمات المركز

نبذة عنا

تؤمن شركة دراسة بأن التطوير هو أساس نجاح أي عمل؛ ولذلك استمرت شركة دراسة في التوسع من خلال افتتاح فروع أو عقد اتفاقيات تمثيل تجاري لتقديم خدماتها في غالبية الجامعات العربية؛ والعديد من الجامعات الأجنبية؛ وهو ما يجسد رغبتنا لنكون في المرتبة الأولى عالمياً.

Visa Mastercard Myfatoorah Mada

اتصل بنا

فرع:  الرياض  00966555026526‬‬ - 555026526‬‬

فرع:  جدة  00966560972772 - 560972772

فرع:  كندا  +1 (438) 701-4408 - 7014408

شارك: