ما هو مفهوم نظرية العلاقات الإنسانية إلتون مايو؟
يمكن تعريف نظرية العلاقات الإنسانية إلتون مايو على أنها " كيفية التنسيق بين جهود الأفراد المختلفين من خلال إيجاد جو عمل يحفز على الأداء الجيد والتعاون بين الأفراد بهدف الوصول إلى نتائج أفضل بما يضمن اشباع رغبات الأفراد الاقتصادية والنفسية والاجتماعية"
متى ظهرت مدرسة العلاقات الإنسانية؟
تركز اهتمام المدراء منذ بداية حركة الادارة العلمية على النواحي الفنية (ترتيب منطقة العمل ودراسة الحركة والزمن والانتاج) مما أغفل كثير من النواحي والمواقف الإنسانية التي تؤثر على الانتاج. وبعد الحرب العالمية الثانية عام 1944م بدأ كثير من المدراء يكتشفون بأن العامل هو انسان له شخصيته المستقلة وأنه ليس أداة من أدوات العمل وأن كثيرا من إشكاليات العمل تستلزم حلولاً انسانية قد لا يجدي معها الحلول الفنية.
لمدرسة العلاقات الإنسانية هدفان واضحان وهما:
- فهم السلوك الإنساني
- تحسين السلوك الإنساني
إخضاع السلوك الإنساني للمنهج العلمي في البحث وذلك بناء على أن السلوك الإنساني هو سلوك منتظم وقابل للقياس العلمي وذلك بناء على دلالات واضحة أهمها:
- ظواهر السلوك الانساني والاجتماعي ليست ظواهر عشوائية.
- لذلك فإن الافراد المتشابهون في خصائصهم يميلون إلى التصرف بطرق متشابهة عندما يواجهون مواقف شبيهه.
أو ما يسمى أحياناً مدرسة العلاقات الانسانية في الفكر الاداري وسيتم استعراض واحدة من أهم النظريات والتجارب في هذا المجال
نظرية التون مايو " تجارب الهاوثورن "
وهي نظرية مبنية على مجموعة تجارب هدفت إلى معرفة العلاقة بين ظروف العمل المادية وإنتاجية العمال حيث أبرز إلتون مايو أهمية العلاقات الإنسانية والتواصل بين الإدارة وبين العاملين في زيادة الإنتاجية، فكلما تواصلت الإدارة مع العاملين ومشاركتها في حل مشاكلهم كلما دفع ذلك العاملين إلى بذل جهد أكبر بما يؤدي إلى زيادة إنتاجيتهم، وقد قام إلتون مايو ببعض التجارب منها:
حاول مايو دراسة الزيادة في معدل دوران العمل، ففي أحد المصانع الأمريكية في فيلادلفيا وجدت إدارة المصنع أن معدل دوران العمل في أحد الأقسام مرتفع جدا بالنسبة لمعدل الدوران في الأقسام الأخرى فوجد إلتون مايو كثرة الشكاوى بسبب التعب بسبب ساعات العمل الطويلة حيث كان العامل يعمل عشر ساعات يوميا وخمسة أيام في الأسبوع، ولا يرتاح خلال ساعات العمل إلا 45 دقيقة ليتمكن من تناول الطعام، وكان العمل يتطلب أن يقف العامل على قدمه.
وقد قام إلتون مايو في هذه التجربة على مجموعة من العمال حيث أعطاهم فترات للراحة خلال العملي اليومي، وكذلك تمت أخذ آراء باقي العمال للتعرف على الحلول الممكنة لمشاكلهم في العمل، ونتيجة لذلك فقد زادت إنتاجية العامل مما أدى إلى زيادة دخلهم، ثم ألغى هذا النظام فوجد انخفاض إنتاجية العامل ، ومع إعادة التجربة رجعت إنتاجية العمال إلى التحسن مرة أخرى، ومع مشاركة مدير المصنع بدلا من المشرف ومناقشة العمال في أمر فترات الراحة شعر العمال باهتمام الإدارة بمشكلتهم وأثر ذلك على الروح المعنوية والذي انعكس في شكل زيادة في الإنتاج.
قام إلتون مايو بتجربة في مصنع (Hawthorn) تجارب الهاوثورن : حيث قام بدراسة ظروف العمل مع التركيز على ظروف الإضاءة وأثر ذلك على الإنتاجية، ثم توسعت أهدافه لتشمل أثر التعاون بين المجموعات على الإنتاجية.
وكان لتلك التجارب أهمية كبيرة حيث قام مايو بتقسيم العمال إلى مجموعتين، وقام بتحسين الإضاءة بالنسبة لإحدى تلك المجموعات فوجد زيادة في الإنتاجية مع كل تحسين للإضاءة، لكنه وجد أن هذا التحسن يصاحبه تحسن مقابل في إنتاجية المجموعة التي تعمل في نفس ظروف العمل، ثم عكس اتجاه التجربة حيث أخذ يخفض في الإضاءة ولكنه وجد أن الإنتاجية استمرت في الزيادة للمجموعتين.
ثم قام إلتون مايو بتجربة أخرى تركز على فترات الراحة، حيث قام بتطبيق فترات راحة ودرس أثر ذلك على الإنتاجية وجد، ومع إلغاء فترات الراحة والعودة للنظام القديم وجد أن الإنتاجية لم تنخفض.
وبالتالي استنتج إلتون مايو أن الإنتاجية لا تتوقف على بيئة العمل فقط، وأن الزيادة في الإنتاجية تأثرت بعوامل أخرى مثل اهتمام الإدارة ومشاركة العاملين في مشاكلهم وكل تلك العوامل قد روعت في التجربة، فإذا كان تحسين ظروف العمل قد ساعد على زيادة الإنتاجية فإن العامل الأهم تمثل في العلاقات الاجتماعية خصوصا بين الإدارة والعمال، وكذلك توصل إلتون مايو إلى أنه لابد من وجود الحوافز المادية والمعنوية كما أشار إلى أهمية الجماعات غير الرسمية في زيادة الإنتاج.
خلاصة التجارب:
- العامل ليس أداة طيعة في يد الإدارة تحركه كيفما شاءت
- تؤثر الجماعة التي ينتمي إليها العامل على جوانب عديدة من سلوكه
- علاقة العامل بالمنظمة ليست اقتصادية فقط ومعنوياته مهمة للغاية
- أن هناك أنواع متباينة من الإشراف على العاملين، وأكثرها فعالية تلك التي تعتمد على إشراك العاملين في اتخاذ القرارات
أهم الفوائد التي تم الحصول عليها من تجارب هاوثورن :
- إن هذه التجارب قد أثرت الفكر الإداري بعدد من الفروض والآراء والأفكار التي أسهمت في دراسة وتفهم المواقف الإنسانية والسلوكية في محيط الأعمال.
- أن هذه التجارب قد مهدت السبيل لظهور منهج جديد في التفكير، وهو المنهج السلوكي الذي يمكن من خلاله اكتشاف المشكلات الإنسانية المعقدة والتعرف على أساليب علاجها.
- أن هذه التجارب قد ساعدت في إلقاء الضوء على المتطلبات الأساسية الواجب توافرها لخلق التعاون الفعال بين الإدارة والعمال، فالعمال ليسوا أفراداً منعزلين بعضهم عن البعض الآخر ولا يمكن النظر إليهم كوحدات متفرقة، فهم يشكلون جماعة واحدة، وبتعاونهم وتضافرهم وحماسهم في عملهم يتحقق الهدف الذي يسعى إليه التنظيم
- ظهرت لأول مرة إدارة مهمة في المشروعات تسمى " إدارة الأفراد والعلاقات الإنسانية" تتولى الاهتمام بحسن استخدام الموارد البشرية المتاحة والعمل على رفاهيتها وحل مشكلات العاملين، بل وصل الأمر إلى وجود أقسام للتحليل النفسي داخل هذه الإدارات.
- بدأت الإدارة تعترف بحق العاملين في الحصول على إجازات سنوية وبدأت ساعات العمل الأسبوعية تنخفض تدريجياً حتى وصلت الآن إلى أربعين ساعة أسبوعياً في معظم دول العالم.
- بدأ الاعتراف بحقوق العمال في الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية فتقررت وجبات العاملين "خاصة في المصانع والمناجم" وساعة للراحة وتقرر علاج العاملين مجاناً ورعايتهم صحياً والتأمين عليهم.
- بدأ تدريب الرؤساء والمشرفين على مراعاة أصول العلاقات الإنسانية والمعاملة الحسنة للعاملين معهم حتى ترتفع روحهم المعنوية وتزيد قابليتهم للتعاون
مراجع:
بربر، كامل (1996) الإدارة عملية ونظام، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت.
المغربي، محمد الفاتح محمود بشير (2016) أصول الإدارة والتنظيم، عمان: دار الجنان للنشر والتوزيع.