اتسمت بداية التفكير و البحث العلمي بالبطء الشديد لعدة قرون من تاريخ الإنسان على هذه الأرض، ومع ازدياد حاجة الإنسان إلى حاجاته الأساسية وزيادة عدد السكان بدأت تظهر الثورات المعرفية التي دفعت إلى زيادة البحث والتنقيب عن أساسيات الحياة السعيدة مما دفع الباحثين إلى البحث والتجريب في العصر الحديث الذي يزدهر بكل جديد في كافة جوانب الحياة (الجرجاوي وحمّاد، 2005، 10).
ويمتاز القرن العشرين بزيادة الاهتمام بالبحث العلمي في مجالات الحياة المختلفة بما فيها مجالات المعرفة الاجتماعية والإدارية. وقد أصبحت الدول والمؤسسات العامة والكثير من المنشآت والشركات تولي البحث العلمي الاهتمام والرعاية وتخصص مبالغ كبيرة لهذه الغاية. وقد جاء ذلك الاهتمام نتيجة الثمار الملموسة التي أصبحت المؤسسات العامة والخاصة والبيئة تجنيها من وراء نتائج البحث العلمي المبني على أسس وإجراءات علمية مدروسة (عبيدات وآخرون، 1999، ج).
يعتبر البحث العلمي من بين أبرز العوامل التي تساعد على تحقيق الرفاهية والتقدم للدول المختلفة، وهو الأمر الذي دفع بتلك الدول إلى تخصيص ميزانيات كبيرة للعملية البحثية؛ نظرًا لأن النتائج التي سيتم الحصول عليها سوف تنعكس بما لا يدع مجالًا للشك على كافة المجالات الصناعية والتجارية والعلمية وغيرها من المجالات الحياتية
والبحث العلمي وفقا لكل الآراء أساس المعرفة المادية التي تم التوصل إليها، وأساس ارتقاء البشرية في عالم اليوم، وهو أداة البحث عن المجهول واكتشافه، وأداة تسخير وتطويع النتائج في خدمة البشرية لحل مشاكلها، وإزالة العقبات التي تواجه عمليات النمو أيا كان نوعها، وطبيعة البحث العلمي ثنائية الأبعاد، ويشير بختي (2007، 7) إلى طبيعة البحث العلمي ببعديها على النحو التالي:
إذا كان البحث نظريا وتطبيقيا: يلزم البحث في الجانب النظري بإظهار تحكمه في المفاهيم والتقنيات، والأدوات المفترض استخدامها في الجانب التطبيقي، مع التزام صارم بالقواعد المنهجية في التوثيق والإحالة والاقتباس، أما في الجانب التطبيقي، فيفترض أن تكون الدراسة إما دراسة حالة أو دراسة ميدانية، ففي دراسة يكون الباحث ملزم بتطبيق المفاهيم والتقنيات المستعرضة نظريا
إذ كان البحث نظريا: يجب أن يعالج البحث القضايا الراهنة بطريقة تحليلية تعتمد الحكم والنقد والتقييم باستخدام المعطيات والبيانات مع ضرورة العودة إلى الدراسات السابقة في المجال.
مفهوم البحث العلمي
البحث العلمي هو منهاج حياة الباحث ، وهو أداته ووسيلته لغزو الحياة، والتعرف عليها أيا كانت جوانبها أو محورها أو عقباتها، فكل عقبة أو مشكلة هي بحث جديد يجب دراستها ومعرفة أسبابها، وكيفية التوصل لحلول للقضاء عليها أو معالجتها، وتعميم تلك النتائج كلما ظهرت المشكلة من جديد، ولكي يصبح (سعودي والخضيري، 1992، 10).
أهمية البحث العلمي ومتطلباته
للبحث العلمي أهمية كبيرة في التنقيب عن الحقائق التي قد يستفيد منها الإنسان في التغلب على بعض مشاكله وفي حل المشاكل التي تعترض تقدمه وفي طاقة مجالات الحياة الاجتماعية والتربوية والعلمية والرياضية وغيرها، وفي تفسير الظواهر الطبيعية، والتنبؤ بها عن طريق الوصول إلى قوانين كلية تحكم أكبر من الواقع والظواهر
متطلبات البحث العلمي
أدى التقدم في شتى ميادين العلم إلى التوصل لما يعرف باسم "الطريقة العلمية" وهذه الطريقة تبدأ في واقع الأمر بملاحظة الباحث لعدد من الظواهر والأحداث ومن ثم يبدأ في تطوير بعض النظريات أو التفسيرات التي قد تكون سببًا في حدوث تلك الظواهر، ثم يقوم الباحث باختبار النظرية للتعرف على مدى ملاءمتها لتفسير الظاهرة أو الحدث عن طريق وضع عدد من الافتراضات الأساسية ثم يتم وضع عدد من الاختبارات الأساسية لاختبار النظرية والتعرف على مدى ملاءمتها أو عدم ملائمتها لتفسير الظاهرة أو الحدث موضع الدراسة (Gordon & Porter, 2009, 29).
دوافع البحث العلمي
هناك العديد من الدوافع التي تحث الأفراد على إجراء البحث العلمي من بينها على سبيل المثال الرغبة في الحصول على درجة بحثية وما يترتب عليها من فوائد متلاحقة، والرغبة في مواجهة العديد من التحديات المتعلقة بحل المشكلات التي لم يتم التوصل إلى حل لها، والرغبة في الحصول على المتعة العقلية الناتجة عن القيام بعمليات إبداعية، والرغبة في خدمة المجتمع، والرغبة في الحصول على الاحترام (How, 2011, 2).
خصائص البحث العلمي
يتصف البحث العلمي بمجموعة مترابطة من الخصائص البنائية التي لا بد من توافرها حتى تتحقق الأهداف المرجوة، ويستعرض عبيدات وآخرون (1999، 9) هذه الخصائص على النحو التالي:
الدقة وقابلية الاختبار: وتعني هذه الخاصية بأن تكون الظاهرة أو المشكلة موضوع البحث قابلة للاختبار أو الفحص، فهناك بعض الظواهر التي يصعب إخضاعها للبحث أو الاختبار نظرا لصعوبة ذلك أو لسرية المعلومات المتعلقة بها.
إمكانية تكرارية النتائج: وتعني هذه الخاصية أنه يمكن الحصول على النتائج نفسها تقريبا بإتباع المنهجية العلمية نفسها، وخطوات البحث مرة أخرى، وتحت الشروط والظروف الموضوعية والشكلية المشابهة، ذلك أن حدوث أو الحصول على نفس النتائج يعمق الثقة في دقة الإجراءات التي تم اتخاذها لتحديد مشكلة البحث وأهدافه من جهة، والمنهجية والأسس المطبقة من جهة أخرى. كما تثبت هذه الخاصية أيضا صحة البناء النظري والتطبيقي للبحث موضوع الاهتمام ومشروعيته.
وإيمانًا بأهمية البحث العلمي والدور الذي يسهم به في عمليات النمو والتطور فقد حرصت شركة دراسة لخدمات البحث العلمي على تقديم ذلك الكتاب كأحد المحاولات التي يمكن من خلالها مساعدة الباحثين على فهم طبيعة العملية البحثية وعناصرها المتعددة والمبادئ والأسس المختلفة التي تسير بمقتضاها تلك العملية أملًا منها في إكساب الباحثين العديد من المهارات الخاصة بالعملية البحثية من أجل الارتقاء بعمليات البحث العلمي والجودة الخاصة بالعملية البحثية وبخاصة على مستوى طلاب الدراسات العليا بصورة عامة وطلاب الماجستير والدكتوراه بصفة خاصة.