التفكير الابداعي
يقع الموهوبون في طائفة الذكاء والإبداع، ويعتبر الذكاء
والإبداع ميزتان يتسم بها من يمتلك قدرات تمكنه من الحصول على درجات مرتفعة في
الاختبارات المتعلقة باختبارات علم النفس، لذا فقد تناول المقال الحالي الذكاء
ولإبداع في علم النفس بناء على أسس البحث العلمي.
الذكاء والإبداع في علم النفس
لا يعتبر ارتفاع الذكاء وحده ضمانا للإبداع، إلا أنه في
بعض الحالات نجد أن الأفراد من ذوي الذكاء المتوسط يكونون مرتفعي الإبداع، لاسيما
في بعض المجالات كالفن والموسيقى، على حين أسفرت بحوث أخرى عن علاقة ضئيلة بين
الذكـاء والإبداع إذا أرتفع الذكاء أو انخفض عن نسبة معينة (حوالي ١٢٠)، ولابد أن يكون
هناك حد أدنى من الذكاء حتى يستطيع الشخص أن يبدع.
-
أنواع التفكير
يعتمد كل من الذكاء والإبداع على مهارات عقلية مختلفة إلى حد ما، وهنا يجب
أن نميز بين التفكير التقاربي والتباعدي.
-
أولا: التفكير التقاربي
هو حل المشكلة بأسلوب معتاد وشائع، أو هو التفكير بـطرق تقليدية والتوصل
إلى حل صحيح لكل مشكلة، وتركز معظم اختبارات الذكاء على هذا النوع من التفكير
وتشجعه، ولذا فهي تفشل غالبا في التعرف إلى الأفراد الذين يبرزون ويتفوقون في
النوع الثاني من التفكير.
-
ثانيا: التفكير التباعدي
هو حل المشكلة بأسلوب متفرد يتسم بالجدة، وهذا هو النشاط
الإبداعي الأصيل، الذي يبتعد عن الأنماط المعتادة، والذي يؤدي إلى اقتراح أكثر من
حل واحد مقبول للمشكلة، ويدخل فيه أيضا اختراع حلول جديدة.
-
تعريف الإبداع
الإبداع قدرة خاصة متميزة لحل المشكلة حلا فريدا، ويتمثل
في السلوك الذي يتسم بالجدة والأصالة والفائدة. وتعطي تلك القدرة الإمكانية لخلق
أفكار مستحدثة وخلَّاقة تساعد على التأقلم مع الظروف المحيطة بصورة مفيدة للجميع. ويعرف
(بول تورانس) وهو من أهم العاملين في ميدان الإبداع بوصفه: (عملية يصبح الفرد فيها
حساسا للمشكلات وأوجه النقص وفجوات المعرفة، والمبادئ الناقصة، وعدم الانسجام وغير
ذلك، لذا فنجد الفرد يحاول البحث عن حل للمشكلة وفقاً لمدى صعوبتها التي يحدده
أيضاً، ومن ثم يجمع عدة توقعات وفروض، وبعد ذلك تأتي عملية الاختيار والتعديل
وأخيراً الاختبار وتقديم النتائج.
-
خصائص الشخص المبدع
يتم الشخص المبدع بالمرونة التامة في أنماط تفكيره، مهتم
بالأفكار المعقدة، يبدي نمط شخصية يتصف بأنه مركب، يستطيع لمس ما تقدمه الطبيعة من
خِصال الجمال، ويتمتع بشخصية متفتحة على كل ما هو جديد، كما يتميز المبدعون
بالوضوح والتفكير والشجاعة والتفرد والإصرار، كذلك يملكون هوايات طفلية، سهولة
الكشف عن مشاعرهم، حاجتهم إلى حياة منظمة، إنفاق وقت طويل في اكتشاف المشكلة
وتحديدها.
وقام بعض علماء النفس بالربط بين الإبداع والصحة
النفسية، ولكن المبدعين ليسوا بالضرورة نماذج للصحة والحياة السوية، وفيما يلي أبسط
الأوصاف التي قيلت عن المبدعين الآتية أسماؤهم وأخفها وطأة: يتصف (بيتهوفن)
بالغضب، و(جوناثان سويفت) بالسخط والنقمة، (فان جوخ) بالعزلة والوحدة الكبيرة (كان
يعاني من الصرع)، (ويليام بليك) بالذهان، (رمبو) بالإجرام، (اميلي برونتى) باليأس،
(همنجواى) بالاكتئاب حتى مات منتحرا. كما ظهر أن المبدعين قد تكونت لديهم خبرات
داخلية في وقت مبكر من حياتهم، ويرجع ذلك غالبا إلى ما تعرضوا له من خجل وتعاسة
ووحدة وعزلة أو مرض. وأن لديهم في طفولتهم قدرات خاصة استمتعوا باستخدامها، كما
كانت أسرهم تشجعهم، وأظهر آباء المبدعين اهتمامات جمالية وعقلية قوية، وأثر آباء
المبدعين فيهم، ومنحوهم حرية اتخاذ القرار، ولبعض أنماط المدرسين الجادين أثر في تنمية
إبداع تلاميذهم.
-
قياس الإبداع
للقدرات الإبداعية مكونات ثلاثة هي: الطلاقة والمرونة
والأصالة والأخيرة أعلاها درجة. وقد وضعت اختبارات عديدة لقياس مختلف مكونات
القدرات الإبداعية وجوانبها المتعددة.
-
تنمية الإبداع
هناك عدد من الطرق التي تستخدم برامج محددة للتدريب على
التفكير الإبداعي، وتبدأ هذه الطرق من الفصل المدرسي، إذ يعتقد كثير من علماء
النفس أن استراتيجيات الفصل المدرسي التي تقلل إلى أدنى حد من الإحباط والتنافس والإكراه
تتعهد الإبداع بالرعاية والتنشئة، ويحدث التأثير ذاته من جراء استخدام طرق للتدريس
تقوم على حل المشكلات والعمل على التخلص من الصراعات.
وهناك منهج مهم يستخدم على نطاق واسع للتدريب على
التفكير الإبداعي لدى الراشدين وهو القصف الذهني. وفي هذا الأسلوب يشجع الأفراد
(جماعات أو فرادي) على إنتاج عدد كبير من الأفكار حول موضوع معين، كأن يطلب من
المشتركين حل مشكلات واسعة النطاق مثل: كيف ندخل التحسينات على المدرسة؟ كيف يمكن
توفير الطاقة؟ كيف نحسن المرور في العاصمة؟ ويطلب من المشتركين تأجيـل إصدار
الأحكام النقدية أثناء إنتاج الأفكار، أي لا يقوم أي فرد بالنقد أو التقييم في بدء
عملية إنتاج الأفكار، والهدف من ذلك استبعاد التثبيط والكف، واستثارة الاندماج، مع
التأكيد على وفرة إنتاج الأفكار وغزارتها، وتحدث الحلول الفريدة المبتكرة غالباً
في نهاية سلاسل الأفكار التي يضعها الأفراد. وتشير البحوث إلى أن برامج تدريب الإبداع
تزيد من مستوى الأصالة والمرونة، ولكنها لم تؤد إلى تقدم جاد في كل من الاختراعات
والمنتجات والصور والقصائد والتقدم العلمي المفاجئ.
مراجع يمكن الرجوع إليها:
عبد الخالق، أحمد محمد. دويدار، عبد الفتاح محمد (1999).
علم النفس أصوله ومبادئه. القاهرة. دار المعرفة الجامعية.